إذا كان للأسبوع الأول من شهر يناير/كانون الثاني 2012 أن ينبئنا بشيء عن عالم الاستثمار في السنة الجديدة فهو أن نتشكك في كل تفكير يرتدي عباءة سوداء أو بيضاء فحسب.
فعلى رغم كل السلبيات التي تكتنف النظام المالي والنمو في المستقبل فإن كل الأخبار المتتابعة على الأسواق تأبى أن تبدّد التشاؤم أو على أقل تقدير تأبى أن تبدّده بالكامل.
والواقع فيما يبدو أن الاقتصاد أقل تداعياً من الآراء السائدة عنه لدى كثير من المعلقين وذلك على رغم المخاوف من تجدّد الركود الاقتصادي العالمي؛ بل وبلوغه حد الكساد.
وخلال أسبوع واحد أعلنت الولايات المتحدة انخفاض البطالة الشهر الماضي (ديسمبر/كانون الأول 2011) إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات وأكبر زيادة في الائتمان الاستهلاكي منذ عشر سنوات. ولم يقتصر هذا التسارع في النبض الاقتصادي على أكبر اقتصاد في العالم؛ فقد عززت شركات الصناعات التحويلية والخدمات نشاطها على المستوى العالمي في ديسمبر بأسرع وتيرة لها منذ مارس/آذار، وذلك بحسب تقديرات «جيه.بي. مورغان» المبنية على الاستطلاعات الشهرية لآراء مديري المشتريات.
وكان التحسن ملحوظاً في أوروبا بقدر ما كان ملحوظاً في الولايات المتحدة. وبالطبع فإن هذه المفاجآت كلها تظل مجرد لمحات مشرقة في صورة كل ما فيها؛ عدا ذلك يبعث على التشاؤم. ومن المستبعد أن تشهد هذه الصورة تحسناً كبيراً مادامت مشكلة الديون السيادية وأزمة البنوك بمنطقة اليورو دون حل واستمر تراجع اعتماد الأسر والحكومات على الاقتراض وتباطأت وتيرة النشاط الاقتصادي بالقوى الاقتصادية الصاعدة سريعة النمو. لكنها تظهر أن مشكلات القطاع الماضي ومشكلات الموازنات الحكومية والمخاطر التي تكتنف اليورو لم تقض على النشاط الاقتصادي بالكامل.
وهذا أمر محبط ومحزن للمتشائمين؛ لكنه يمثل بعض العزاء للمتفائلين. والصورة في المستقبل المنظور على الأقل توحي بأن أياً منهما لن يحصل على الرضا الكامل.
وخلال الأسبوع الجاري، قال الاقتصاديون في بنك باركليز لزبائن البنك: «على رغم أنه من المؤكد أن النمو العالمي لن يحقق أي مكاسب هذا العام فإن الاتجاهات الأخيرة المتمثلة في مفاجآت البيانات الإيجابية المسجّلة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وعلى المستوى الإجمالي لمجموعة السبع كلها تشير إلى انتهاء أسوأ المراحل في تراجع النشاط الاقتصادي وذلك في الوقت الراهن على الأقل».
وعلى مدى عدة شهور كان هذا التباين هو ما يواجه المستثمرين. ومع تحسن مؤشرات البيانات الاقتصادية انتعش أداء الأسهم الصناعية مقارنة بأداء المؤشرات العامة في الأشهر الأخيرة من العام 2011؛ بل ربما كان الأمر الأبرز أن الأسهم في «وول ستريت» تمكنت بالفعل من طي صفحة العام 2011 إما على استقرار أو ارتفاع وهو ليس بالاستنتاج البديهي لمن كان مصدر اطلاعه على صورة الوضع الاقتصادي مجرد القراءة العابرة لعناوين الصحف خلال العام الماضي.
مايك دولان
«رويترز
العدد 3417 - السبت 14 يناير 2012م الموافق 20 صفر 1433هـ