كشفت مصادر مطلعة لـ «الوسط» أن جهات عليا عاكفة على تعبيد الطريق للنائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة، لتقليده منصب رئاسة المجلس المقبل. وسيفجر المعاودة بعيد الإعلان عن موعد الانتخابات مفاجأة وهي إعلان ترشحه في الدائرة التي يمثلها رئيس مجلس النواب الحالي خليفة الظهراني، إذ إن الأول يستأجر بيتا في المنطقة نفسها لزوجته الثانية.
ويذكر ان الشيخ سلمان بن صقر آل خليفة أعلن ترشحه فيها ايضا، وحتى تصبح المنافسة ثنائية بين المعاودة والظهراني، فإن جهات سياسية ذات عمق اجتماعي في تلك المنطقة ستقوم بدور الضغط على الشيخ سلمان بن صقر ، ليتنحى عن المنافسة.
وتشير تفصيلات السيناريو الذي تستعرضه «الوسط» في تقرير تحليلي إلى أن أهم الأسباب التي تدفع تلك الجهات إلى دعم المعاودة في تقلده هذا المنصب، هو أداء الظهراني الذي «أظهر المجلس في صورة المتذلل للحكومة» بحسب تلك المصادر، ما انعكس على سمعة المجلس، الذي يراد له أن يكون أبرز مظاهر المشروع الإصلاحي.
وأشارت المصادر إلى أن فشل الظهراني في مد الجسور مع القوى السياسية التي قاطعت المجلس، له دور في طرح المعاودة كبديل، إذ إن الأخير استطاع أن يقيم علاقة لا بأس بها مع قوى المقاطعة من خلال المشاركة مع بعض رموزها في بعض الفعاليات.
الوسط - عقيل ميرزا
لاتزال علامة الاستفهام تتربع على مقعد رئيس مجلس النواب المقبل، ولايزال التكهن في تسمية الشخصية التي ستملأ هذا المقعد هو سيد الموقف، خصوصاً إذا ما وضع في الحسبان أن خيار المقاطعة خيار يلفظ أنفاسه الأخيرة قبيل إعلان موعد الانتخابات، وهذا يعني صولات وجولات لقوى سياسية لها من الوزن الثقيل ما يغير كثيراً من قسمات وجه المجلس الحالي.
خليفة الظهراني الذي يرأس المجلس الحالي، ويستعد هذه الأيام لمغادرة هذا المقعد، غير جازم بعودته إليه في الفصل التشريعي المقبل، ولاتزال حظوظه غير واضحة المعالم، وإذا ما تم ربط ذلك بأدائه فإن رؤى المراقبين تتباين تماما كما تتباين رؤى النواب فأحد النواب يصف الظهراني بـ «اللائق للرئاسة» ويقدر أداءه بدرجة «الامتياز» إلا أنه في الوقت نفسه يعتقد «أن الظهراني قاد المجلس بما يعود على الحكومة بالنفع»، فيما يصف نائب آخر أداءه بـ «الدكتاتوري» وبين هذين الرأيين آراء أخرى كشف عنها أصحابها من النواب في أكثر من مناسبة، من بينها قول أحدهم إن «الظهراني أب الجميع» وما إلى ذلك من النظرة الأبوية التي ينظر بها بعض النواب إلى رئيسهم الحالي.
في هذا الشأن يدور حديث خلف الكواليس، وهذا الحديث يقال إن مصدره جهات عليا مفاده أن هذه الجهات تتوجه لترئيس النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة على مجلس النواب المقبل، وإجلاسه على الكرسي الذي لم يجلس عليه المعاودة إلا مرتين أو ثلاث عندما يتغيب الظهراني ونائبه الأول عبدالهادي مرهون عن الجلسة.
الحديث المكولس الذي يدور في أروقة القريبين من أصحاب القرار، يؤكد أن ثوب الشيخ المعاودة الرئاسية تحاك بمغزل غير حاد وفي هدوء يشبه الهدوء الذي ربما يسبق عاصفة التغيير التي ربما تطال هذه المرة رجلا لا يحتاج إلى أكثر من نظرة حادة ليغير قرار المجلس، ولا يحتاج إلى أكثر من طرقة واحدة بمطرقته الشهيرة ليخيم الصمت الرهيب على الجلسة الصاخبة الساخنة التي يتناثر منها الصراخ.
المفاجأة التي يتحدث عنها «المقربون» ويتوقعون تفجيرها على حين غرة هي أن المعاودة سيترشح عن الدائرة التي يسكن فيها الظهراني، التي أعلن الشيخ سلمان بن صقر آل خليفة منافسته عليها، وحتى تصبح المنافسة ثنائية بين المعاودة، والظهراني، فإن جهات سياسية ذات عمق اجتماعي في تلك المنطقة ستقوم بدور الضغط على الشيخ سلمان بن صقر آل خليفة، ليتنحى عن المنافسة، ليصفو الجو للنائب الثاني في منافسة رئيسه، الذي ربما ينسحب من المنافسة في الوقت الضائع أو قبل ذلك عندما تتضح الصورة له أكثر أيام الانتخابات.
وينفي مراقبون بشدة هذا السيناريو الذي يجعل من الظهراني خياراً بعيداً كرئيس للمجلس المقبل، معولين في ذلك على رضا الحكومة عن أدائه، حتى قال أحد المراقبين على لسان حال الحكومة انه «ليس بالإمكان أبدع مما كان».
وفي قبال ذلك يبرر «المقربون من جهات عليا» واقعية احتمال تقليد المعاودة منصب رئاسة المجلس، بأن انحياز الظهراني لأحد جناحي السلطة كان جليا جلاء الشمس في رابعة النهار، الأمر الذي أحدث اختلالا في توازن هيمنة الجناح الآخر على المجلس، وفرض أجندته الإصلاحية التي تخدم مشروع التجربة الجديدة.
كما يعتقد آخرون أن العصا الغليظة المتمثلة في مطرقة الظهراني، تشارك أيضا في استبدال الظهراني كخيار حقيقي لهذا المنصب، في اعتقاد بأن هذه العصا الغليظة أظهرت المجلس بمظهر المتذلل إلى الحكومة، ما انعكس سلبا على سمعة التجربة الجديدة التي تبناها جلالة الملك وراهن عليها، في كل خطاباته، وخصوصاً أن قوى سياسية ذات عمق جماهيري قاطعت المجلس، لأنها تنبأت بالحال التي أوصل الظهراني المجلس إليها بغلظته، التي يسميها البعض بـ «قوة الشخصية».
ولعل من الأسباب التي يجدها المحللون وجيهة في واقعية خيار الشيخ المعاودة كرئيس للمجلس المقبل، هو أن الظهراني كان يفترض أن يشكل بأدائه المرتفع خرقا في صفوف المعارضة، وهذا لم يحدث إذ كانت العلاقة بين رئيس البرلمان والقوى السياسية المقاطعة والمجتمعية علاقة لا وجود لها، وكان ذلك على عكس الدور الذي قام به المعاودة طيلة السنوات الأربع الماضية، ومن المؤمل أن يقوم به عندما تصدق نبوءة ترئيسه، إذ شارك مع المعارضة في أكثر من فعالية وندوة بل وتصدى لها أحياناً، وبعض مشاركاته كانت مع رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان نفسه الذي يمثل قمة هرم المعارضة الشيعية التي قاطعت المجلس.
ويبقى الحديث عن أية قسمة من قسمات وجه المجلس المقبل حديثاً عن أمر لم يحن بعد، إلا أن الأمر الذي لا ريب فيه هو أنه مع اشتداد المنافسة هذه الأيام على الانتخابات المقبلة، هناك معركة أشد وطيسا لا يرى دخانها بالعين المجردة تجري خلف الكواليس، وهي معركة رئاسة المجلس المقبل، فالظهراني كما صرح في الصحف المحلية أخيرا لم يعد جازما بحظوته في الرئاسة ولم يعد باستطاعته الجلوس على أحد مقاعد النواب، ربما لأنه يراها في نفسه كبيرة عليه، أما نائبه الأول مرهون الذي لا يخفي طموحه في الرئاسة فتقف أمامه سدود منيعة ليس أقلها عدم رغبة الحكومة بكل أجنحتها فيه، والشواهد على ذلك مواقفه المتشددة ضد ممثلي الحكومة في المجلس، القريبة من لغة المعارضة، كما أن الرجل على رغم تناغم بعض مواقفه مع مواقف المعارضة، وعلى رغم تقربه وتودده للمعارضة ومغازلته لها ولرموزها حتى الدينية منها، إلا أنه لم تتضح بعد حظوظه معها، ولم يعرف بعد هل هو حب من طرف واحد أم من طرفين.
وهناك طرف ثالث أيضاً يتطلع إلى مقعد الرئاسة وهو رئيس كتلة المنبر الوطني الإسلامية صلاح علي ولكن موازينه خفت لاعتبارات كثيرة ولعله يشترك مع مرهون في بعضها وهي تحفظ بعض قوى النظام عليه لأنه حاول أن يضع رجلاً في هذا الجناح، وأخرى في جناح آخر، فخسر الجناحين معا لينطبق عليه المثل الشعبي القائل «ما حظت برجيلها ولا خذت سيد علي»، ولعل الهجوم الشرس من قبل إحدى وسائل الإعلام المحلية وبلوغه درجة عالية من الحدة أحد المؤشرات على أن الرجل لم يعد مرغوبا فيه لا من هنا ولا هناك
العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ