العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ

بيوت متهالكة وطلبات قديمة ووعود متكررة

حق السكن مشروع لكل مواطن

مأساة الاسكان - وليس مشكلة الاسكان - مأساة تتحدث عنها الأرقام. إنها مأساة أشبه بالقضاء الذي يترصد كل فرد على هذه الأرض الطيبة. فالجميع يضج من الحياة الصعبة وضيق المكان وعدم نظافته وكثرة المشكلات التي تنجم - لا محالة - من تعدد الأسر الساكنة في البيت القديم المتهالك الواحد. ناهيك عن المشكلات الأخرى التي تعاني منها بعض الأسر التي فقدت معيلها أو التي لا تملك غير الشقق والايجار منزلا أو التي تعاني من مشكلات خاصة كمشكلات الطلاق والانفصال.

إن لقاء «الوسط» مع شريحة من الأسر التي تشكو من صعوبة الحياة في ظل مكان لا سقف له وتحت نيران حاجات تشعل النفوس، وأمل لايزال يراوح القلوب ألما... ما هو الا تذكير بحجم المأساة التي لم تعف أحدا من تبعاتها. وما هذه الشرائح المختارة الا انعكاس لما يمكن أن ينتجه الاهمال والتسيب واللامبالاة والوعود التي لاكتها الشفاه.

في هذا اللقاء الذي يجمعنا مع أسر هي في أشد الحاجة الى بيوت الاسكان عدة أسئلة تنتظر الاجابة منذ أن قدمت الأسر طلباتها بسكن ملائم يحوطها وسقف آمن يطل عليها. أسئلة توجهها الى المسئولين والمعنيين عن المعايير التي يتم بها تأخير حصول هذه الأسر على بيوت اسكان على رغم مرور أكثر من عاما عليها وعلى رغم كونها طلبات قديمة جدا كان الأولى الالتفات اليها والى المطالبين بها. ونحن في هذا اللقاء نتمنى أن نحرك ساكنا وأن تبادر الجهات المسئولة للاجابة على جملة الأسئلة التي تطرحها هذه الأسر...

إلى نموذج حي لأسرة محتاجة

في حديثها إلى «الوسط» تشكّل فضة زوجة هاني علي مكي نموذجا حيا من تلك الأسر المحتاجة. فطلب الاسكان الذي تقدم به زوجها منذ العام لا يجد حتى الآن آذانا صاغية مع أن الظروف التي عانت ولاتزال تعاني منها أسرتها أمر يشهده الجميع. تصف فضة مأساتها بقولها: «قدم زوجي طلبا للحصول على وحدة سكنية منذ العام ومنذ ذلك التاريخ ونحن نعيش على هذا الأمل. وعلى رغم أننا كانت لنا فرصة جيدة عندما تنازل لنا أحد الأشخاص عن بيته في العام إلا أن الوزارة رفضت ذلك بحجة أن طلبنا حديث. وكانت تلك آخر فرصة لنا كان يمكن لها أن تغير حالنا الصعب. فنحن حتى الآن لم نجد بارقة أمل نعيش عليها. فمنذ انتقالنا للعيش في بيت بإيجار مقداره دينارا ونحن نعاني الأمرين فالبيت قديم متهالك ولا توجد به غير غرفتين وقد كبر أبنائي وبلغ عمر الولد عاما بينما بلغت البنت عاما، فهل يظلان ينامان في غرفة واحدة؟ ناهيك عن أن البيت مليء بالصراصير والفئران وأم أربع وأربعين. ومع ذلك فحتى الآن ترفض الوزارة الاستجابة لنا واعطاءنا الوحدة السكنية مع أننا نراجعهم باستمرار».

ما هو وضع المطلقات؟

المأساة الثانية هي مأساة أم محمد التي فضلت عدم ذكر اسمها لحساسية موضوعها. فهي مطلقة منذ عام ونصف العام. ولأنها كذلك ولأنها مسئولة عن ابن وبنت تقدمت أم محمد بطلب اسكان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وبعد فترة رفض الطلب لأن مطلقها كان قد حصل على وحدة سكنية.

تكمل أم محمد بتأثر شديد: «عندما ذهبت الى مجلس النواب وقابلت أحد النواب طلب مني تقديم الطلب من جديد لأن المطلقة لها حق الحصول على وحدة سكنية فقدمت الطلب من جديد وفي آخر مراجعة لي معهم في يونيو/ حزيران الماضي رفض الطلب بحجة أن ابني يعمل. وهنا لم أجد مفرا من أن أقدم الطلب باسم ابني».

تقدم في السن والانتظار يطول

عقيل يوسف عبدالله كاظم يتحدث بألم هو الآخر، واصفا وضعه المعيشي الصعب فهو حتى الآن وعلى رغم تقدمه في السن لايزال يعيش في بيت والده مع أخيه وعائلته. «لقد تقدمت - والكلام الى كاظم - بطلب الحصول على وحدة سكنية منذ العام ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش على أمل هذا الحل الأخير فمع تقدم العمر وازدياد أفراد العائلة تزداد المشكلات يوما بعد يوم. فأنا حتى الان وعلى رغم وجود أخي معي لاأزال أعيش مع عائلتي وعائلة أخي التي يتجاوز عددها العشرة أفراد في بيت الوالد. وليت أن البيت صالح للسكنى ولكن البيت قابل للسقوط ولا نعلم حقيقة ما الذي ينتظرنا».

ومأساة عيسى محمد جعفر لا تقل عن مأساة الآخرين فعلى رغم أن طلبه قديم جدا منذ العام فإنه ألغي وطلب منه تقديم طلب جديد. يوضح جعفر: «عندما ألغي طلبي القديم تقدمت بطلب جديد في العام . وحتى اليوم مضى على طلبي عاما من دون فائدة مع أني قابلت وزير الاسكان السابق ووعدني خيرا».

حالات تكشف عن ضيق شديد

تلك حالات أربع تكشف عن حجم ما تضيق به صدور هؤلاء الذين يطالبون بأسبط مقومات الحياة وهو السكن الملائم. وليس أمامهم غير الانتظار، إذ يثير عضو الهيئة الأهلية للمطالبة بحق السكن الملائم محمود جعفر عدة اشكالات تتعلق بتلك الحالات. فمن جهة يتساءل: هل تظل تلك الأسر تعيش في تلك البيوت غير الملائمة حتى يكون نصيب أبنائها الصعق الكهربائي كما أصاب فتاة من قبل؟ وحتى متى تظل مسألة أم محمد معلقة؟ وما هو الحل لو أن ابنتها ظلت من دون زواج، لا سمح الله؟ فهل ستقبنل زوجة أخيها بوجودها في البيت؟ ثم ما مستقبل الابن بعد ذلك حين ينشئ أسرة وهو لا يستطيع التقدم بطلب اسكاني جديد؟.

اعتصامات تجابه بإجراءات أمنية

ويضيف جعفر «أن مسألة الاسكان مسألة شائكة فعلاً ونحن في الهيئة أقمنا ولانزال الكثير من الاعتصامات ولكن لم نخرج منها سوى بالوعود بل نواجه بإجراءات أمنية مشددة بسبب اعتصاماتنا السلمية كما حدث في اعتصام أكثر من أسرة أمام وزارة الاسكان بتاريخ أغسطس/ آب . حين وعدنا بتسليم بيوت لعشر عائلات ضمن الست والعشرين عائلة التي تظاهرت. وعندما ذهبت العائلات لتسلم الوحدات وجدتها قديمة وكانت تسكنها عائلات كويتية من أيام الاحتلال العراقي. هذا الى جانب صغرها واقتصارها على غرفتين ومع أننا تكلمنا مع الوزارة في ضرورة توسعتها الا أنهم رفضوا فرفضتها العائلات وبعد رفضها فوجئنا بتوسعتها لتذهب الى أناس آخرين».

هل في المسألة مناطقية؟

وبشأن المناطقية التي تطل برأسها عاليا في مسألة الاسكان يتساءل جعفر: «هل لا توجد فعلاً مناطقية بشأن المستحقين لطلاب الاسكان؟ إن وكيل الوزارة لشئون الاسكان نبيل أبوالفتح يكشف في لقاء مع أهالي الحورة والقضيبية عن قرار اتخذته وزارة الاشغال والاسكان بتوفير شقق اسكانية عاجلة الى أصحاب طلبات القروض والقسائم والبيوت الاسكانية من العام وما قبلها حتى لو لم يكن لديهم طلب شقق. تصور حتى لو لم يكن لديهم طلب شقق! بينما يبقى الآخرون في مناطق أخرى وهم يحملون طلباتهم منذ العام من دون اهتمام يذكر. ونحن نشكر الوزارة لتصريحاتها بشأن بناء أو اعطاء وحدات سكنية ولكن لنا حق التساؤل: أين هي هذه الوحدات على أرض الواقع؟ إننا ومن دافع احساسنا بمأساة هذه الأسر ولأننا لم يتبق أمامنا باب آخر نطرقه لا نجد غير قلب جلال الملك المفدى نسأله أن يحسم لنا هذه القضية فهو أملنا الأخير»

العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً