انتقد خطباء الجمعة أمس، الهجمات التي تشنها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة واعتقالها لعدد من أعضاء حكومة «حماس»، إذ رأى الشيخ جمعة توفيق أن اليهود يتذرعون بأي شيء للوصول إلى مبتغاهم وقتل الأبرياء، بينما نبه الشيخ صلاح الجودر إلى أن هذا التصرف ليس عشوائياً أو فردياً بل هو تصرف استفزازي يثير الكراهية والأحقاد بين الشعوب، في حين اعتبر الشيخ علي سلمان رد الفصائل الفلسطينية الذي أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين وأسر ثالث، هو ما أطلق أيدي الصهاينة تحت عنوان كاذب باسم الدفاع عن النفس.
إلى ذلك دعا الشيخ عيسى قاسم في خطبته بجامع الإمام الصادق بالدراز أمس، إلى إطلاق سراح معتقلي حوادث المطار «الشباب القابعين وراء القضبان الحديد في الحر الشديد، والذين يُعاملون معاملة أصحاب الجرائم الخلقية، ولا يمتازون بأي خصوصية للمعتقل السياسي في السجون، وهم يخضعون لظروف الاعتقال الذي يخضع له أولئك، ويُعانون من تلوّث الجو البيئي المعنوي بدرجة مهولة، فإلى جانب القسوة الجسدية ولو بلحاظ ظروف الحر الشديد يُوجد جوّ معنوي ملوّث فتّاك».
وبيّن قاسم، أن «الحكومة تتغاضى عن حوادث أخطر من حادث المطار وما أعقبه من تداعيات، وهذا جيد لأنه لم يرجع بأثر عكسي وإنما كان مساعدا على تهدئة الفتنة، ونحن نفرح بفرج أي مواطن، وبالتسهيل على أي مواطن بما يخدم مصلحة الوطن، ويبعد به عن المنزلقات»، مستدركاً «إن ذلك التغاضي ربما أنتج تهدئة، وجنّب فتنة وهذا ما نطلبه، ولكن الحكومة في جانب آخر مثل حادث المطار وما استتبعه نراها تصرّ أن تكون أكثر تشدّدا، وتصلّبا، ما التفسير؟ ما الخلفية؟ ما السر؟ ما الفرق؟».
توفيق: مازلنا نتلقى إهانات اليهود
من جهته، انتقد خطيب جامع سار الشيخ جمعة توفيق الممارسات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة قائلاً: «إن اليهود ليتذرعون بأي شيء للوصول إلى مبتغاهم وقتل الأبرياء، فبحجة اختطاف جندي يقتل الأبرياء ويأسر أربعة وستون من السياسيين؛ والحكمة تدمير الحكومة الفلسطينية، حتى تصبح من دون ساسة، وما هي إلا ضربة موجعة قصدهم فيها حماس، وبهذا يعلنون للناس أنهم لا يريدون إسلاميين يحكمون فلسطين».
وأردف توفيق «اليهود لم يرأفوا بأحد لا بصغير ولا كبير، ونحن نمرر قضية فلسطين على موائد الحوار والمؤتمرات التي هي بلسان الواقع والحال مؤامرات، ويتمخض عن ذلك كله شجب واستنكار، هذا أقصى جهدنا ومبلغ علمنا»، سائلاً «كيف لا تضيع فلسطين ونحن نعرف عدونا ولم نحرك ساكناً تجاهه؟» معتبراً أن اليهود أعداء الله وأعداء رسوله (ص) وأعداء القرآن، قتلة الأنبياء والرسل، والخونة الطمّاعون المخربون والمفسدون في الأرض، و المغتصبون أراضي المسلمين، المحرفون كلام الله، الناقضون العهود والمواثيق.
وقال خطيب جامع سار«لقد تاقت نفوسنا إلى رؤية النصر والتمكين لفلسطين، وكم هي فرحتنا ولعله حلم أن يسير الناس إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه كما يسيرون إلى الحرمين الشريفين المكي و المدني، وعلى رغم هذا كله على الأمة ألا تستعجل النصر، وأن الأمر بيد الله تعالى (...) وليُعلمْ علم اليقين أنّ النصر قد يتأخر، ولكنه لا يتخلّف. وقد يأتي في غير صورته المعروفة، وهيئته المألوفة؛ فالابتلاء والمصائب قد تحمل من الخير الخفيِّ الكثيرَ، وقد تكون سبباً لنصر أعظم وأشمل».
وفي خطبته في جامع طارق بن زياد بالمحرق، توافق الشيخ صلاح الجودر والشيخ توفيق على أن «فلسطين تتعرض إلى أبشع صور الاعتداءات، عبر تاريخها الطويل، فبالأمس قصفت طائرات العدو الصهيوني القرى والمدن والجسور ومحطات توليد الكهرباء في حربهم المعلنة (أمطار الصيف)، ليسقط الكثير من القتلى والجرحى، ويقوموا باعتقال العشراتِ من قياديي حركة حماس ومجموعة من الوزراء».
وأكد الجودر أن هذا التصرف ليس عشوائياً أو فردياً، بل إنه تصرف استفزازي، يثير الكراهية ويبث الأحقاد بين الشعوب، كل يدعي التسامح وكل يزعم الديمقراطية والحرية، وكل ينادي بحقوق الإنسان، ولكن الواقع يكذب كل ذلك!، لافتاً إلى أن الدماء تراق والأرواح تزهق من المدنيين العزل، وهناك من يتحدثون عن السلام بألسنتهم ويباشرون الحرب بأسلحتهم.
وأستفهم: «أين العدل اليوم؟ وأين حقوق الإنسان لشعب يعيش في القهر والإذلال؟ الملايين يعيشون في الشتات والضياع، شعب فلسطين حياته كلها مآسٍ وآلام، تهدم البيوت وتغلق المدارس، وتحرق المخازن، وتقطع الكهرباء، بيد المحتل الغاشم ثم يزعم أنه يريد السلام».
وشدد الجودر على أن ما يجري في القطاع وغزة امتحان شديد للأمة، فيجب أن يعي المسلمون بأنه لا سبيل لاستعادة الحقوق إلا بالاعتصام بحبل الله، وأن تتحد الأمة ولا تفترق، تحت راية واحدة وصفة واحدة ونداء واحد.
على الصعيد المحلي، تحدث الشيخ صلاح الجودر عن آفة المخدرات، ذاكراً أن «أعداء الأمة الإسلامية حرصوا على إفساد هذه الأمة، وهدم كيانها، وشل حركتها، وضربها في شبابها وعنوان قوتها ومستقبلها، ولعل سلاح المخدرات الذي صدره أعداء الأمة إلى جميع المجتمعات الإسلامية لهو من أكبر الأخطار المحدقة بالأمة، فما زالت المجتمعات والأسر والبيوتات تتجرع مرارة ذلك السم القاتل».
وأرجع خطيب جامع طارق بن زياد الأسباب في ذلك إلى، أصدقاء السوء، وإهمال الوالدين، وسوء التربية، والدلال والترف الزائد، والتدخين، وضعف الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
من ناحية ثانية تطرق الشيخ علي سلمان في خطبة الجمعة أمس، إلى موضوع المشاركة والمقاطعة في الانتخابات النيابية، بالإشارة إلى أن المعارضة «وجدت في موازين العام أن خيار المقاطعة في مكاسبه المتوقعة يعلو على خيار المشاركة، بما في ذلك من خسائر في البعد الداخلي وبما فيه من خسائر محتملة في وحدة الصف وبما فيه من خسائر محتملة في طبيعة الموقف العام، كل هذه الأمور يجب أن تخضع للدراسة المتأنية الدقيقة الصادرة عن عقول باردة غير منفعلة».
وقال سلمان: «عندما نقرأ المسألة وهذه الأحاديث على الأقل هي جزء من القراءة في ، نجد أن هناك متغيرات طرأت على قناعة النخبة وأن هناك متغيرات طرأت على قناعة الحال العامة وهناك متغيرات في الظروف التي تتمايز بين سنة التغيير الدستوري وبين وتجربة نيابية لها وعليها من الملاحظات ما سبق أن ذكرناه وما أحجمنا عنه».
واستطرد «قرار المقاطعة في وعند الدراسة الموضوعية لهذا القرار هناك ما يبرر وجود مقاطعة هذه التجربة النيابية التي جاءت مباشرة وفي اليوم نفسه الذي أعلنت فيه التعديلات الدستورية في فبراير/شباط وإن تأخر إجراء هذه الانتخابات إلى أكتوبر/ تشرين الأول إلا أن التعديلات كانت مصحوبة بمواعيد انتخابات المجلس النيابي، وكان من الضروري أن يعلن موقف يثبت فيه عدم الموافقة والاعتراض على هذه الصيغة الدستورية التي أتت بشكل منفرد، والمقاطعة لها مكاسب ولها خسائر».
واختتم سلمان خطبته، بتناول القضية الفلسطينية، مفصحاً عن وجود «هدنة بين الفصائل الفلسطينية المقاومة والكيان الإسرائيلي مرت بانعطافات ولكنها بدرجة كبيرة كانت مستمرة في الوقت الذي كان الكيان الصهيوني يتجاوز هذه الهدنة أكثر من مرة ويغتال ويقصف ويقتل الشعب الفلسطيني المظلوم».
ونوه إلى أنه في الفترة الأخيرة وبعد اغتيال عدد من رموز وقيادات سياسية وعسكرية فلسطينية قامت بعض الفصائل بإعلان إنهاء الهدنة والقيام ببعض العمليات رداً على الاعتداءات الصهيونية، وأحد هذه الردود أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين وأسر ثالث، وعلى ضوء هذه العملية أطلقت أيدي الصهاينة بضوء أخضر أميركي وعالمي تحت عنوان كاذب باسم الدفاع عن النفس حتى تعيث في الأرض فساداً وتستخدم مساحة هائلة غير مبررة للرد على عملية عسكرية.
وذكر سلمان أن هذا الفساد «طال البنى التحتية والناس الأبرياء من المدنيين ومن غير المقاتلين، وطال كل الشعب الفلسطيني ومع هذه الجاهلية الحاكمة في العالم من قبل الحضارة المادية التي تفرز غلبة هذه الموازين، موازين المادة وليست موازين الروح، موازين القوى وليست موازين العدل والإنصاف، تحت هذه الموازين يراد أن يبرر كل هذا العقاب الجماعي لعملية عسكرية هي رد على قتل متواصل من الكيان الصهيوني بأجهزته المختلفة من الجيش والشرطة وكلها كانت تعلم باستمرار
العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ