اختتمت أمس أعمال جلسات الدورة الأولى لمجلس حقوق الإنسان في جنيف بعد الاتفاق على الإجراءات التنظيمية للمجلس وتحديد خطة العمل، فيما يرى المراقبون الدوليون أن مجلس حقوق الإنسان الذي انتخب في مايو/ أيار وبدأ دورته الأولى في يونيو/ حزيران بكامل أعضائه السبعة والأربعين، سيواجه على ما يبدو الدورة الأولى الساخنة التي بدأت بالبيانات المنددة والمواقف المفاجئة التي يصفها المتابعون بأنها «تركة» سيئة خلفتها لجنة حقوق الإنسان السابقة.
والبداية جاءت من قبل الدول العربية، فقد نددت (اللجنة العربية لحقوق الإنسان) بالمجلس، واعتبرت أن الصيغة الحالية للمجلس لم تعد تستجب لـ «متطلبات النضال الحقوقي والقدرة على الانتقال من مجرد الوصف والشجب إلى المحاسبة».
ودعت اللجنة في بيان صحافي إلى«إنشاء مجلس أكثر ديمقراطية لا مكان فيه لممثلي الحكومات المستبدة»، وقالت اللجنة «عندما تكون (...) مثلاً عضواً في المجلس لثلاث سنوات ولا تلتزم بالعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، وحقوق الأقليات غائبة فيها، ومعظم المعتقلين السياسيين ضحايا للتعذيب، معظمهم من دون محاكمة أو ضحايا محاكمات صورية، فكيف سيعطى المثل في هيئة جديدة متقدمة؟» وشددت اللجنة على ضرورة «التمييز بين» موقفنا النقدي كحقوقيين من مجلس حقوق الإنسان» و«الموقف الأميركي الرسمي الذي يحاول فرض نوع من مجلس أمن للدول الكبرى داخل هذا المجلس، وبالتالي تهجينه».
وكانت اللجنة العربية طلبت من أعضائها «عدم حضور الجلسة الافتتاحية للمجلس، وتظاهرت مع منظمة غير حكومية احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة العربية والعالم، إذ تجمع أكثر من مئة شخص من أكثر من دولة في ساحة الأمم أمام قصر الأمم في جنيف، لحظة ولادة مجلس حقوق الإنسان الجديد في الأمم المتحدة، للإعراب عن احتجاجهم على أن المجلس الجديد لم يقم بكل الخطوات الكفيلة بتجاوز العجز الذي عانت منه لجنة حقوق الإنسان». واتهمت اللجنة العربية مجلس حقوق الإنسان بأنه «خضع» لمعايير عدة تراعي مصالح وتحالفات الدول خارج نطاق المعايير الحقوقية. واستنكرت اللجنة «غياب» أية خطوات إيجابية من قبل الدول الأعضاء في المجلس، التي «ابتغت كسب سمعة لحكوماتها أكثر منه تحسين أوضاع مواطنيها في ملف حقوق الإنسان. بل وأكثر من ذلك، أشهر بعضها مواقف عدائية واضحة تجاه المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان ليقول للعالم بأنه يفعل ما يريد متى أراد»، بحسب تعبير اللجنة العربية لحقوق الإنسان وعلى رغم أن الولايات المتحدة الأميركية ليست عضواً في المجلس، فإنها بدأت بارسال تصريحات في هذا الحقل، فقد ربط السفير الأميركي وارين دبليو تيكنر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم يونيو، انه ينبغي على المجلس أن يصب اهتمامه على انتهاكات حقوق الإنسان بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى منطقة دارفور، وبورما، وكوريا الشمالية.
ودعا السفير الأميركي أعضاء المجلس إلى «الصدق والتعقل»، وقال إن على المجلس أن يمنح اهتماماً متساوياً للهجمات الإرهابية التي تحدث «من دون تمييز وتقتل الإسرائيليين الأبرياء»، كما ينظر إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون.
وقال ممثل الولايات المتحدة في مكتب الأمم المتحدة بجنيف إن مزيداً من المشاركة في مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية «يمكن أن تسهم في إحداث فارق حقيقي بالنسبة إلى حياة الكثيرين».
وأشار إلى أن الهدف في الشرق الأوسط هو أن تعيش «إسرائيل» والفلسطينيون في دولتين جنباً إلى جنب في سلام وأمن، لكن «مع وجود حماس كحكومة للفلسطينيين، وهي التي تواصل الدعوة إلى تدمير (إسرائيل)... فإن هذا الهدف الذي استمر السعي نحو تحقيقه منذ مدة طويلة يبدو مستعصياً».
وقال إن المجلس الجديد «يجب أن يتخذ إجراء من أجل تجديد جدول أعماله وتجريده من الصبغة السياسية، لتقديم المساعدة التقنية والدعم للدول التي تحتاج إليها، وتوفير التمويل اللازم لعمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان»
العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ