نظمت جمعية الوفاق مساء أمس بمقرها في القفول ندوة حول نتائج الانتخابات الكويتية وأثرها على الديمقراطية في الخليج، وتناول الاقتصادي جاسم حسين المحرر الاقتصادي متوقعاً أن تصبح أروقة مجلس الأمة الكويتي «ساحة مشادة بين الحكومة وأنصارها من جهة وقوى المعارضة من جهة أخرى بخصوص المسائل الاقتصادية«.
وقال: لقد أفرزت نتائج الانتخابات البرلمانية والتي جرت بتاريخ يونيو/ حزيران عن فوز قوى المعارضة بـ من أصل مقعداً، بزيادة أربعة مقاعد عن البرلمان الذي انتخب في العام . ترى المعارضة في فوزها دليلاً على رغبة الناخبين في معالجة القضايا الاقتصادية من ضمن المسائل الأخرى العالقة.
الإنتاج النفطي
وأضاف حسين: يشكل فتح القطاع النفطي أمام الشركات الأجنبية أحد أهم المسائل الاقتصادية المستعصية. والإشارة هنا بالتحديد إلى «مشروع الكويت» القاضي بزيادة الإنتاج من أربعة حقول واقعة في شمال وغرب البلاد. تحديداً يهدف المشروع إلى مضاعفة إنتاج هذه الحقول إلى ألف برميل في اليوم. ويتوقع أن تبلغ كلفة هذا المشروع الطموح نحو مليارات دولار أميركي على مدى سنة.
تقليداً لم يكن مجلس الأمة متشجعاً للمشروع. وتكمن الحجة في أن الدستور الكويتي لا يسمح للشركات الأجنبية بامتلاك حصة في القطاع النفطي. ولم يتمكن البرلمان السابق (قبل حله) من إيجاد صيغة توافقية مع الجهات الرسمية. وقد بذلت الحكومة السابقة قبل استقالتها جهوداً مضنية في إقناع أعضاء المجلس بأهمية المشروع، إلا أن بعض المشرعين عارضوا في فتح القطاع النفطي أمام المنافسة الأجنبية.
وميشير إلى أن المعارضين يعتقدون بأن الحاجة ليست ماسة لزيادة الإنتاج وذلك في ضوء عدم وجود عجز في الموازنة العامة على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. كما يرى هؤلاء أن الخبرات المحلية كفيلة بتنفيذ هكذا مشروع وخصوصاً أن قطاع النفط اكتسب خبرة خارجية. المعروف أن الكويت تمتلك استثمارات نفطية خارج أراضيها، بما فيها محطات لبيع النفط في أوروبا، الأمر الذي يميز قطاع النفط الكويتي مجلس التعاون الخليجي. لكن من جهتها ترى السلطات أن الشركات الدولية العاملة في مجال النفط هي من تمتلك الخبرة والمعرفة والتقنية لتنفيذ مشروع الكويت.
برزت مسألة الحجم الحقيقي للاحتياطي النفطي إلى واجهة الأخبار. المشهور أن الكويت تمتلك نحو مليار برميل من الاحتياطي أي نحو في المئة من الاحتياطي المكتشف في العالم. إلا أن النائب السابق عبدالله النيباري، ادعى في مقال له في صحيفة «الحياة» بتاريخ يونيو/ حزيران الماضي أن كمية الاحتياطي القابلة للاستخراج هي مليار برميل فقط. واستند النيباري في مقاله إلى احصاءات نشرة «انتلجنس ويكلي» المتخصصة في الشئون النفطية.
الإصلاحات الاقتصادية
أما التحدي - يقول حسين- الثاني فمصدره الإصلاحات الاقتصادية. يهدف البرنامج الطموح إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي عن طريق بيع بعض المؤسسات المملوكة للقطاع العام. وكانت الحكومة الكويتية قد اشترت بعض المؤسسات والاستثمارات وذلك في أعقاب أزمة سوق المناخ في العام إذ حدث انهيار للأسهم في السوق غير الرسمية. وكانت الحكومة الكويتية قد نجحت في تحقيق بعض الإصلاحات الاقتصادية في الآونة الأخيرة وفي مقدمتها السماح للمصارف الأجنبية للعمل داخل البلاد فضلاً عن خصخصة محطات البترول. وقد ساهمت هذه الخطوة في تحسن ترتيب الكويت في مؤشر الحرية الاقتصادية الأخير. فقد نالت الكويت المرتبة رقم على مستوى العالم في تقرير العام مقارنة بالمرتبة رقم (45) في العام الماضي. إلا أن المعارضة ترغب في الحصول على ضمانات من أن الشعب الكويتي وليس بعض أصحاب النفوذ هم من سيستفيدون من العملية برمتها.
التوظيف
وتوقع أن تؤدي عملية الإصلاحات الاقتصادية إلى تحقيق هدف آخر ألا وهو تشجيع المواطنين للعمل في مؤسسات القطاع الخاص. فحسب الاحصاءات الرسمية يعمل نحو في المئة من المواطنين في مؤسسات القطاع العام. يبقى أنه بات في حكم المؤكد عدم قدرة الدوائر الرسمية والمؤسسات الوطنية في مواصلة توفير فرص العمل للداخلين الجدد إلى سوق العمل لأسباب موضوعية. على سبيل المثال يتم تخصيص نحو نصف مصروفات الموازنة العامة لدفع رواتب وأجور موظفي القطاع العام. وتعد هذه النسبة كبيرة لأنها تحرم السلطات من الصرف على قطاعات البنية التحتية. أيضاً تخشى المعارضة من حدوث أن الحكومة لا تعمل بطريقة أو أخرى في الهروب من مسئولياتها.
استقطاب الاستثمارات الأجنبية
كشف حسين عن أن الكويت تحتل مرتبة متأخرة عالمياً وخليجياً فيما يخص جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. حسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) حلت الكويت في المرتبة رقم على مستوى العالم على مؤشر الجاذبية الاستثمارية، أيضاً حصلت الكويت على المرتبة رقم على مستوى العالم فيما يخص متغير الأداء المحتمل لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي كلتا الحالتين منيت الكويت بأسوء نتيجة بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون. المؤكد بأن المواجهة المحتملة بين الحكومة والمعارضة سوف لن تساعد على جلب المزيد من الاستثمارات والتي بدورها ضرورية لتنشيط الاقتصاد المحلي. تشتهر الكويت بخروج الاستثمارات منها إلى بعض دول الجوار.
على صعيد ذي صلة، تضمن تقرير صندوق النقد الدولي للعام بخصوص دولة الكويت دعوة السلطات إلى التفكير بجد بفرض ضريبة القيمة المضافة لغرض تعزيز مصادر الإيرادات. أيضاً وكان لافتا دعوة صندوق النقد الدولي للحكومة الكويتية بالعمل على تعزيز المصروفات الرأس مالية. بدورنا نتفق مع وجهة نظر الصندوق بخصوص الاستثمار الحكومي في الاقتصاد المحلي بدل التركيز على تحقيق فائض في الموازنة العامة. فالصحيح هو تعزيز المصروفات الرأس مالية لأن ذلك ينصب في تطوير البنية الأمر الذي يخدم جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية. واختتم بالقول أن هناك ملفات اقتصادية كويتية ويواصل متنوعة بحاجة إلى معالجة بروح وطنية. يبقى أن الأشهر المقبلة وحدها كفيلة بكشف الغمام عن طبيعة العلاقة بين الحكومة والمعارضة بخصوص القضايا الاقتصادية. نأمل أن يكون الاقتصاد الكويتي هو الفائز في نهاية المطاف
العدد 1396 - الأحد 02 يوليو 2006م الموافق 05 جمادى الآخرة 1427هـ