أكد تقرير صادر عن البنك الدولي حاجة دول مجلس التعاون الخليجي لإدخال إصلاحات جوهرية في قطاعات التجارة والاستثمارات الخاصة وذلك من أجل تحفيز نمو الاقتصاد وتعزيز حيويته. فبزيادة التجارة والاستثمار ستتمكن دول المنطقة من تحقيق نمو أعلى، وتحسين مستويات المعيشة وخلق المزيد من فرص العمل، هذا بالإضافة إلى تطوير مستوى المعرفة والمهارة والإنتاجية لدى القوة العاملة.
وأضاف التقرير أن التحدي التنموي الأبرز في العقد المقبل سيتمثل في إيجاد وظائف كافية للقوة العاملة النامية بإضطراد. فبين عامي 2000 و2010، سينضم سنويا لسوق العمل في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما معدله 4,2 ملايين قادم جديد، أي ضعفي الرقم للعقدين الماضيين. ان السبيل الأفضل والمستدام لمواجهة هذا التحدي هو في أن تقوم دول المنطقة بتسريع عملية تكاملها التجاري والاستثماري بمساعدة شركائها الاقتصاديين.
الوسط - المحرر الاقتصادي
أكد تقرير صادر عن البنك الدولي حاجة دول مجلس التعاون الخليجي لإدخال إصلاحات جوهرية في قطاعات التجارة والاستثمارات الخاصة وذلك من أجل تحفيز نمو الاقتصاد وتعزيز حيويته. فبزيادة التجارة والاستثمار ستتمكن دول المنطقة من تحقيق نمو أعلى، وتحسين مستويات المعيشة وخلق المزيد من فرص العمل، هذا بالإضافة إلى تطوير مستوى المعرفة والمهارة والإنتاجية لدى القوة العاملة.
وأضاف التقرير أن التحدي التنموي الأبرز في العقد المقبل سيتمثل في إيجاد وظائف كافية للقوة العاملة النامية بإضطراد. فبين عامي 2000 و2010، سينضم سنويا لسوق العمل في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما معدله 4,2 ملايين قادم جديد، أي ضعفي الرقم للعقدين الماضيين. ان السبيل الأفضل والمستدام لمواجهة هذا التحدي هو في أن تقوم دول المنطقة بتسريع عملية تكاملها التجاري والاستثماري بمساعدة شركائها الاقتصاديين.
وأشار التقرير إلى أن هذه التحول ينطوي على انتقال من نمط قديم للتنظيم الاقتصادي الى نمط جديد. النمط القديم - الذي يدار بواسطة القطاع العام ويعتمد على النفط والمساعدات الخارجية وتحويلات العاملين في المهجر - لم يعد باستطاعته تأمين نمو أسرع ووظائف كافية، وهذا ما يؤكده الأداء الاقتصادي في العقود السابقة. ان نمطا جديدا يرتكز بشكل أساسي على التجارة والقطاع الخاص يعد بتطوير نمو أسرع وفرص عمل جديدة، وهو تحديدا ما تحتاجه المنطقة.
وقد بدأت معظم الحكومات في المنطقة فعلاً بالسير في هذا الإطار، وان المنطقة اليوم تمر بمرحلة انتقالية. إن بعض الدول قد باشرت الإصلاح مبكرا، كالأردن وتونس، وهي قد انفتحت على التجارة وخلقت مناخا مضيفا للاستثمار، وقد كانت النتائج مشجعة. كما أن المغرب ومصر قد اتخذا خطى واسعة في مجال الإصلاح التجاري والاستثماري. أما فيما يتعلق بالاقتصادات التي تعتمد على الثروات الطبيعية، فإن الجزائر وإيران قد باشرتا بإعادة فتح نظمهما التجارية وتشجيع الاستثمارات الخاصة.
وتسعى الكثير من الدول إلى تعزيز شراكتها الاقتصادية مع أوروبا، الشريك التجاري الأكبر لدول المنطقة، عبر اتفاقات اليورو- ميد التجارية، في حين ان التجارة البينية تطور عبر المنطقة العربية للتجارة الحرة والاتحاد الجمركي الحديث الانشاء لمجلس التعاون الخليجي. هذا بالإضافة إلى إنشاء الكثير من التكتلات التجارية الأصغر حجما. هناك أيضا سعي لتوسيع العضوية في منظمة التجارة العاملية كما ان اتفاقات تجارة حرة قد وقعت بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية مع احتمال ابرام معاهدات مشابهة في المستقبل القريب.
كما أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تملك ايضا امكان كبرى لجذب الاستثمارات من الخارج وتشجيع الاستثمار المحلي الخاص، وهي شروط اساسية للتجارة والتنمية. لو كانت الصادرات غير النفطية أكبر، وفي إطار مناخ استثماري أفضل، لكان الاستثمار المحلي في السلع والخدمات التجارية أعلى بكثير، ولكان تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر مضاعفا خمس أو ست مرات عما هو عليه اليوم (أي 3 في المئة من الناتج القومي عوضا عن 0,5 في المئة كما هو الحال الآن).
وحتى لو افترضنا انه قد تم استغلال ما يزيد عن نصف الامكانات الاستثمارية للمنطقة خلال العقد المقبل، فان نمو الناتج المحلي سيقفز من 1 في المئة الى 4 في المئة سنويا. وسيتولد نصف هذا الازدياد من الاستثمار الخاص والنصف الآخر من ارتفاع الانتاجية الذي يشجعه الانفتاح. أما الأهم، فهو أن هذا النمو سيستجيب للحالة المتزايدة للتوظيف في العقد المقبل على جبهتي ايجاد فرص عمل للقادمين الجدد وتقليص مشكلة البطالة.
وفيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها تواجه تحديين اساسيين. الاول هو ضرورة تسريع نمو القطاع غير النفطي ليتم توفير وظائف ملائمة لـ 70 في المئة من السكان الذين هم تحت سن الثلاثين. والتحدي الثاني هو ضرورة تقليص اثر تقلب اسعار النفط على الاقتصاد. ان دول المجلس قد قامت بجهود طيبة في هذين المجالين لكن التحديات لاتزال موجودة.
وقد أطلقت دول مجلس التعاون الخليجي إصلاحات عميقة تعد بتعزيز هذه السياسات اضافة الى تسريع تكاملها مع الاقتصاد العالمي. لقد اسست هذه الدول اتحادا جمركيا يبلغ حجمه 335 مليار دولار ما سيسمح لها بتأسيس سوق مشتركة أوسع مع عوائق تجارية أقل مع باقي العالم بمعدل 5 في المئة للتعرفة الجمركية. ان الهدف النهائي من هذا الاتحاد يكمن في تأسيس وحدة متجانسة لتسهيل التجارة البينية والمفاوضات الجماعية مع منظمة التجارة العالمية والشركاء الاقتصاديين، اضافة الى جذب الاستثمار الأجنبي.
ويرى التقرير ان التحديات على المستوى التجاري تكمن في أربع مجالات مرتبطة مع بعضها. أولا، ان سوق العمل يشوبها عدم مرونة الأجور وعدم تناسق المهارات بالاضافة إلى عوامل مؤسسية. ان بعض دول المجلس تحاول استبدال العمال الاجانب بالمواطنين عبر وضع حصص لمقدار توظيف الأجانب ورفع كلفة توظيفهم. ان هذه السياسات قد يكون لها مفعول سلبي على المدى البعيد لان مرونة الأجور والعمال والمهرة هم ضرورة لنمو القطاعات غير النفطية. ان الإجراءات الإلزامية لا تشكل بديلا لمرونة الأجور كما ان التعليم واكتساب المهارات هي أيضا على قدر كبير من الأهمية.
ثانيا، ان ما تنفقه الحكومات الخليجية على أجور موظفيها والدفاع والأمن والاعانات والامتيازات يرهق موازنتها. ان الدور التقليدي للحكومات كرب للعمل وواضع للسياسة الأجورية يحتاج لاعادة نظر، كذلك الأمر بالنسبة إلى الدعم الحكومي للغذاء والصحة والتعليم والزراعة والصناعات الأساسية. ان الدعم الحكومي المباشر صغير بالمقاييس الدولية (2-3 في المئة من الناتج القومي)، غير ان الدعم المباشر عبر السعر المنخفض لمصادر الطاقة وعبر اعطاء القروض بعيدة المدى هو أكبر بكثير. ان سياسات الجباية تحتاج ايضا الى مراجعة، خصوصاً فيما يختص بأسعار الخدمات العامة (ماء، طاقة الخ) ويجب ايضا استحداث ضرائب شاملة على الاستهلاك.
ثالثا، على السياسات الهيكلية الرامية لتنويع الاقتصاد ان تحظى باهتمام مستمر، خصوصاً الخصخصة لان معظم الصناعات غير النفطية لاتزال في أيد حكومية. كما يجب ان تعتمد مقاييس تنظيمية جديدة للأسواق المالية ولتطوير أسواق الأسهم المحلية.
رابعا، ان تفعيل عمل الاتحاد الجمركي الخليجي يتطلب اعتماد اجراءات وقواعد جمركية موحدة، وتنسيق الإجراءات التقنية والتنظيمية (المعايير ، الأمان، الفحص واعطاء الرخص)، ورفع مستوى الشفافية وتقليص الحواجز الإدارية.
ويؤكد التقرير في ختامه أن توسيع التجارة والاستثمار في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعد بعائدات مهمة عبر خلق الوظائف، حيث إن ازدياد فرص التصدير سيخلق الملايين من الوظائف، مع احتمال ان يكون معظمها للنساء في حال أزيلت العوائق الهيكلية التي تمنع مشاركة المرأة. ان حصة الصادرات غير النفطية لا تزيد في الوقت الحاضر عن 6 في المئة من الناتج القومي، مقارنة بـ 20 في المئة في دول شرق آسيا والمحيط الهادئ، ان تغطية جزء بسيط من هذه الفجوة سيخلق ما يزيد عن 4 ملايين فرصة عمل في السنوات الخمس المقبلة، أي ما يوازي خفض البطالة بـ 4 في المئة نسبة إلى مجمل القوة العاملة.
لذلك، فإن هدف الإصلاحات التجارية هو رفع وتيرة النمو، وتنويع الاقتصاد وزيادة النمو في فرص التوظيف المنتجة ومستوى المعيشة. ويتوقف الإصلاح التجاري الناجح على: (1) توفير فيض كاف من الاستثمارات الخاصة، المحلية منها والأجنبية، (2) تأمين مكاسب إنتاجية او تكنولوجية من جراء نظام اقتصادي أكثر انفتاحا، و(3) تقليص الخسارة في الإنتاج والوظائف خلال المرحلة الانتقالية. ان محتوى وتسلسل إصلاح السياسات الاقتصادية، حينما تصمم لتلبية هذه الأهداف في إطار الظروف الخاصة بكل بلد ستؤمن نجاح الإصلاحات. وبالفعل، فان الكثير من الدول التي لاقت نجاحا كالصين والهند وفيتنام كثيرا ما اعتمدت سياسات لتحرير التجارة والاستثمار تبدو ناقصة من الوهلة الأولى. لكن النتائج التي حققتها كانت أفضل من الكثير من الحالات، إذ كانت الإصلاحات أكثر منهجية واكتمالا كما في البرازيل او الأرجنتين. لهذا يجب ان يتم تصميم السياسات لتناسب الظروف القائمة لكل بلد على حدة
العدد 1435 - الخميس 10 أغسطس 2006م الموافق 15 رجب 1427هـ