من أول «الوقوف»...

وحتى (السجود) الأخير،

يصطفّون وصبرهم واليقين صفّاً واحداً...

ليوقدوا من فرط الإيمان مشاعل

عارٌ على الظلام وئدُ ضيائها...

وليحملوا راية النصر

فوق قامات لا تنحني...

وأكتاف لا يثقلها قطّ هوان...

تتصدّرهم في شموخهم هامات

جُبِلتْ على العُلُو...

حتّى لكأن «النطيحة» و«المتردية»

من بعض البشر

أضحوا لفخامة زيفهم بضآلة

الأقزام...

أو أكثر!

تراهُم...

فتزدري قبح إطلالاتهم عليك...

وكأنك قد أقسمت لنفسك سرّاً

أن تمتهن العمى في حضورهم!

«هناك»،

فوق خطّ النار،

وعلى بعد نَفَس واحد من

آلة الموت يتمركز أولئك «الباسلون»...

والبأس - كلّ البأس -

يعتلي سماحة وجوههم...

والعدوّ والدمار من خلفهم...

لكنهم ما انفكّوا يغدقون

على «العِدى» ضربات

حرّكت لثبات أثرها

من الخشية الكثير...

وشلّت أقدام ذليل...

وخائن...

فجبان!

فإذاً...

أيصحّ غير «أسُود المقاومة»

لهم لقباً...

وشعار؟

وإذْ يصرخ «لبنان»...

- جريحاً -

وتتلوّى لغزير نزفه

ولفاجعة الفقد أمهات...

تتلوهنّ أخوات...

غدون بين ليلة وضحاها نساء ثكالى...

حيارى...

جُرّدن من الوطن والدار

قبل الأبناء!

يظلّ «جمهور العرب» صامتاً...

وغارقاً حتّى الثمالة

في عار اختتموه

بأسوأ أشكال الخذلان!

فقليلاً يصافحون «بوش»...

وقليلاً يمطرون «كوندي»

بالمخجل والمذلّ من القُبلات!

أعروبةٌ هذه يا «معشر العرب»؟

أم جبن؟

أم جحيم آخر الزمان؟!

وأنّى يلذّ لكم عيش...

وطعام...

ومنام...

وبراءة الأطفال في لبنان أمست

ماضياً قبرتموه قبل «العدو»

تحت الأنقاض؟

أتقولون «السلام»

أيّها الحكّام من هنا وهناك؟

أتنشدون «الأبيض» من الأعلام؟

عجباً تفعلون،

ورياؤكم يسبق حديثكم،

وخطوكم،

ورفاهية زائفة تتصدّر

جلّ ما تقولون وما تفعلون!

و«الغرب» في أرضه يضحك لمصابنا...

ويسخر...

وينسى أنه بفقد «إنسانيته»

قد أمسى الخاسر الأكبر بين الجميع!

آهٍ يا لبنان!

قد ماتت ثورة أشقائك «العرب»

منذ أمسٍ بعيد...

وعليهم ترحّمنا

قبل سائر البلاد والأوطان...

فلا هُمْ بلغة الدم ينطقون...

ولا الماء إذْ يتشبّه بالدمع

يملك أن يمحو ما ارتسم

على سواد جباههم من ذنوب!

لهم «عارُهم»...

ولنا «الأقلام»...

نحاكي بحسراتها الكثيرات قهراً...

وجرماً...

وظلماً في حقّ «الحياة»...

أُخْرِسَتْ من بعده «الأفواه»