العدد 1437 - السبت 12 أغسطس 2006م الموافق 17 رجب 1427هـ

«الاونكتاد»: 16 من الأسر الفلسطينية تحت خط الفقر والاقتصاد يعيش كارثة

المنامة - المحرر الاقتصادي 

12 أغسطس 2006

بعد قرابة أربعة عقود من الاحتلال، لايزال الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة يخضع لتدابير إسرائيلية تقييدية وتعسفية، وقد عانى، على مدى السنوات الخمس الماضية بشكل خاص من المواجهات العنيفة والأوضاع الشبيهة بالحرب. وقد كانت لهذه العوامل انعكاسات خطرة على نمو الاقتصاد وهيكله وأدائه.

وفي تقرير حديث صدر خلال الأيام الماضية عن منظمة الأونكتاد عن «الاقتصاد الفلسطيني الذي مزقته الحرب» أن هذا الاقتصاد شهد انكماشاً كبيراً خلال الفترة بين العام 1999 والعام 2004، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 15 في المئة. وقد كان تأثير ذلك على رفاه السكن أشد وطأة، إذ انخفض نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي الحقيقي بنسبة تزيد عن 33 في المئة، بدولارات العام 1997، من 1860 دولاراً في العام 1999 إلى 1237 دولاراً في العام 2004. ونتيجة لذلك، سجلت مستويات الفقر ارتفاعاً كبيراً، إذ أصبح ما نسبته 63 في المئة من السكان يعيشون دون خط (الفقر الدخل) البالغ 2,3 دولار للشخص في اليوم، بما في ذلك ما نسبته 16 في المئة من السكان الذين أصبحوا يعيشون في حالة فقر مدقع، أي بدخل يقل عن 1,6 دولار للشخص في اليوم في العام 2004، وبالتالي فإنهم لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية.

وفيما بتصل بتدهور مستويات دخل الأسر، تشير التقديرات إلى أن ما نسبته 61 في المئة من الأسر كانت تعيش دون خط الفقر البالغ 350 دولاراً للأسرة الواحدة ( المكونة من أربعة أفراد) في الشهر بحلول نهاية العام 2004. وقد انخفض متوسط الدخل الشهري للأسر بنسبة 45 في المئة من 610 دولارات في العام 2000 إلى 330 دولاراً.

ويضيف التقرير أنه كان من الصعب عكس اتجاه هذه الانخفاضات الحادة في مستويات دخل الأسر والدخل الوطني في ظل السياسة الإسرائيلية المتمثلة في عمليات الإغلاق الداخلي والخارجي والنظام المعقد للقيود المفروضة على الحركة والتي تم تشديد صرامتها منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2000. وأدى هذا النظام فعلياً إلى تحويل الضفة الغربية إلى جزر معزولة، فقد اشتمل نظام عمليات الإغلاق هذه، في ذروة تطبيقه، على 600 حاجز مادي في شكل نقاط تفتيش دائمة، وبوابات معدنية، وسواتر ترابية، وجدران، وحواجز طرق وخنادق. وبحلول العام 2005، كانت هناك 300 من هذه الحواجز لاتزال قائمة، إذ إن حاجز الفصل الإسرائيلي قد أدى إلى فرض قيود مادية واقتصادية جديدة. ويضاف إلى ذلك أن الفلسطينيين يخضعون لقيود في استخدام 41 طريقاً تغطي ما يزيد عن 700 كلم من الطرق البرية، مما في ذلك عدة طرق رئيسية، أو أنهم ممنوعون تماماً من استخدام هذه الطرق.

ولم تكن الحالة في غزة أفضل منها في الضفة الغربية، إذ أدى تطبيق نظام نقاط التفتيش الثابتة، حتى تنفيذ عملية فك الارتباط في العام الماضي إلى تقسيم غزة إلى «أربعة جيوب» معزولة. وقد أصبح تدفق البضائع عن طريق معبر كارني مع إسرائيل ينطوي على قدر كبير من المشكلات بسبب التدابير الأمنية المشددة وترتيبات النقل من شاحنة إلى أخرى التي أصبحت تطبق بصورة منهجية. وحتى نهاية 2005، كان معبر رفح مع مصر يفتح خلال ساعات محدودة، كما كان يخضع لتدابير أمنية صارمة.

وفي أعقاب الاتفاقات التي عقدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 بشأن إعادة فتح معبر رفح، سجلت أوضاع عبور المسافرين تحسناً ملحوظاً. وبالإضافة إلى تأثير التدابير المذكورة أعلاه، يقدر أن يكون تدمير البنى التحتية المادية والممتلكات الخاصة والعامة قد كبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تبلغ قرابة 3,5 مليارات دولار، أي ما يعادل نسبة 30 في المئة من الرصيد الرأس مالي لما قبل العام 2000. ويدل تحليل أجراه الأونكتاد لتأثير العنف والاحتلال الذي طال أمده على آفاق التنمية الاقتصادية الفلسطينية، إلى جانب الخسائر الكبيرة المتكبدة في الدخل ورأس المال، على وجود حالة مشتركة بين الاقتصادات التي مزقتها الحروب وحالات الطوارئ الإنسانية المعقدة، حيث تتفاقم حالة ضعف وهشاشة الاقتصاد من جراء استنفاد قدرة العرض، مما يؤدي إلى دورة نقوص في التنمية وتقويض منجزاتها. وقد تمثل التأثير المباشر لهذه التدابير في تعطل الأنشطة الاقتصادية الداخلية واختلال التجارة الخارجية، ما أسفر عن تكبد خسائر في الدخل وفرص العمل داخل الأرض الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل. وبالإضافة إلى الخسائر المتكبدة في الرصيد الرأسمالي، تشير تقديرات الأونكتاد إلى أن الكلفة التراكمية للدخل المحتمل للفرص الاقتصادية الضائعة الناتج المحلي الإجمالي على مدى الفترة 2000 - 2004 وحدها بلغت نحو 6,4 مليارات دولار بدولارات العام 1997. وهذا يعادل ما نسبته 140 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني المسجل قبل نشوء الأزمة. وخلال الفترة نفسها، سجل معدل البطالة ارتفاعاً قوياً من أقل من 12 في المئة في العام 1999 إلى قرابة 32 في المئة بحلول نهاية مارس/ آذار 2005 وبالتالي فقد أصبح 272000 شخص من الفلسطينيين عاطلين عن العمل .

وعلاوة على ذلك، فإن الأزمة التي نشبت مؤخراً قد أدت إلى تفاقم جوانب الضعف الهيكلي المترسخة وتزايد التأثر بالصدمات الخارجية نتيجة الاحتلال الذي طال أمده، حسبما يتجلى في تقلب النمو الاقتصادي، واستمرار وارتفاع معدلات البطالة، والاختلالات الداخلية والخارجية المزمنة. وكما هو مبين في تقارير سابقة أصدرتها الأمانة العامة للأونكتاد ، فقد زاد عجز موازنة السلطة الفلسطينية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من 6 في المئة في العام 1999 إلى 8,6 في المئة في العام 2004. أي أن هذا العجز، محسوباً بالدولار، قد ارتفع من 250 مليون دولار إلى 345 مليون دولار في العام 2004. وخلال هذه الفترة، ظل العجز التجاري عند مستوى يبلغ نحو 64 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إذ سجل انخفاضاً طفيفاً من 2,7 مليار دولار ليصل إلى 2,6 مليار دولار في العام 2004.

وقد أدى تزايد حدة جوانب الضعف الهيكلي إلى فرض تحديات إضافية على القطاع الخاص سيحتاج للتغلب عليها إلى سنوات من الجهود المكثفة. فبحلول العام 2004، اضطر ما نسبته 16 في المئة من مؤسسات قطاع الخدمات والقطاع الصناعي التي كانت قائمة قبل العام 2000 إلى التوقف عن العمل بصورة دائمة. وفي قطاعي البناء والتجارة الداخلية، بلغت هذه النسبة 14 في المئة. وقد انخفضت مستويات العمالة في قطاعي الصناعة التحويلية والبناء خلال الفترة الممتدة بين العام 1999 والعام 2004، وبالتالي فقد هذان القطاعان أهميتهما كمصدرين رئيسين للعمالة والدخل. فقد انخفضت مساهماتهما في العمالة من 16 و 22 في المئة إلى ما يقل عن 13 و12 في المئة، على التوالي، من قوة العمل .

وفي غضون ذلك، أصبح قطاع الزراعة والخدمات، بما في ذلك مؤسسات السلطة الفلسطينية، مصدرين رئيسين للعمالة. فقد استخدم الأول قرابة 16 في المئة من قوة العمل الفلسطينية في العام 2004 مقارنة بما نسبته 13 في المئة في العام 1999، بينما استوعب القطاع الأخير نحو 35 في المئة من قوة العمل بعد أن كانت هذه النسبة قد بلغت 28 في المئة في العام 1999. وما يبرز هذه التغيرات حدوث تحول في القاعدة الصناعية في اتجاه الأنشطة المنخفضة الإنتاجية والمتدنية الأجور. وبالإضافة إلى استنفاد القاعدة الرأسمالية للاقتصاد والانخفاض في الاستثمار الخاص، شهدت الفترة منذ العام 2000 تقلصاً إجمالياً في متوسط حجم المؤسسات وتوسع في المؤسسات البالغة الصغر التي تستخدم أقل من خمسة عمال. ومع ذلك، كانت المؤسسات الصغيرة التي تستخدم ما يتراوح بين 5 أشخاصا و19 شخصاً والمؤسسات المتوسطة التي تستخدم ما يتراوح بين 20 و 50 شخصاً بمثابة أداة لامتصاص الصدمات التي يواجهها الاقتصاد المضطرب. ويعزى هذا أساساً إلى التوسع الملحوظ في أنشطة مؤسسات الصناعة التحويلية، أي تلك التي تزاول أنشطة إنتاج الأغذية والمشروبات، وأنشطة التعدين والحاجز وصناعة الأثاث، التي سجلت زيادة ملحوظة في حجم قوتها العاملة بأجر وفي إجمالي القيمة المضافة ومستويات التعويضات .

وفي الوقت نفسه، أدت المصادرة المستمرة للأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل إلى تقويض القدرة الإنتاجية للقطاع الزراعي. وبحلول شهر يوليو/ تموز 2004، شكلت الأراضي الزراعية ما نسبته 86 في المئة من الأراضي التي صودرت من أجل بناء حاجز الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية( القسم دال)، ما أفضى غلى فقدان بعض أخصب الأراضي في المنطقة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان،2004. وكنتيجة رئيسية لذلك، انخفضت النسبة المئوية لقوة العمل الفلسطينية المستخدمة في القطاع الزراعي في الضفة الغربية من قرابة 23 في المئة في العام 2004 غلى ما يزيد قليلاً عن 14 في المئة بحلول نهاية مارس/ آذار 2005. وفي قطاع غزة، أدت عمليات تجريف الأراضي من قبل القوات الإسرائيلية إلى حرمان الفلسطينيين فعلياً، حتى العام 2005، من استخدام ما نسبته 15 في المئة من الأراضي الزراعية في القطاع. ويضاف إلى ذلك تدمير 357 شبكة من شبكات الري، و102 من الآبار، و65 من «الدفيئات»، و46 مضخة مياه على مدى الفترة من أبريل/ نسيان 2003 إلى أبريل 2004 وحدها. وبالتالي فإن القطاع الزراعي لم يستوعب سوى ما نسبته 13,2 في المئة من قوة العمل في غزة بحلول نهاية مارس 2005، مقارنة بما نسبته 14,1 في المئة في الربع الأول من العام 2004. وعلى رغم كل هذه الظروف المناوئة ، لايزال الاقتصاد الفلسطيني يعمل متحدياً الأوضاع المدمرة التي شهدتها السنوات الخمس الماضية. والواقع أن الأرقام الحديثة للعمالة تظهر مرونة الاقتصاد وقدرته على التكيف والتماسك الاجتماعي للشعب الفلسطيني، ما حال من دون حدوث انهيار كامل. فخلال الفترة 1999 - 2004، زاد مجموع العمالة بنحو 20000 شخص ليصل إلى 607000، بينما انخفضت العمالة الفلسطينية في إسرائيل بنحو 80000 شخص 62 في المئة لتصل إلى .00084 وهذا يعني ان الاقتصاد المحلي قد استطاع استيعاب الصدمة وتو

العدد 1437 - السبت 12 أغسطس 2006م الموافق 17 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً