العدد 3458 - الجمعة 24 فبراير 2012م الموافق 02 ربيع الثاني 1433هـ

العقد المقبل سيشهد نمواً في الاتصالات عبر إفريقيا

الوسط - المحرر الاقتصادي 

24 فبراير 2012

كان للنمو المتسارع الذي شهدتهه سوق اتصالات الجوال في القارة الإفريقية على مدار العِقد الماضي بالغ الأثر على المستهلكين، وشركات الاتصالات العاملة في القارة، والحكومات التي استفادت من تحصيل رسوم الترخيص والخدمات. ويوجد اليوم ما يزيد على نصف مليار هاتف جوال مستخدم في القارة، وهو ما يمثل إحدى الطفرات الكبرى في استخدام الهاتف الجوال في تاريخ قطاع اتصالات الجوال الممتد لثلاثة عقود، وفقًا لدراسة حديثة أجرتها شركة بوز أند كومباني.

وأفاد الشريك الأول ورئيس قطاع الاتصالات والإعلام والتقنية على المستوى العالمي في «بوز أند كومباني»، كريم صباغ، قائلاً: «شهد العِقد الماضي ثورة في قطاع اتصالات الجوال اجتاحت قارة إفريقيا بأسرها. فقد قامت شركات الاتصالات بالاستثمار في شبكات الجوال ونطاق تغطيتها، كما أطلقت خدمات جديدة، في الوقت الذي قامت فيه الحكومات والجهات المحلية المُنظمة بترخيص شركات اتصالات وإنشاء أسواق لها والعمل على تنظيمها؛ الأمر الذي أدَّى إلى ازدهار سوق اتصالات الجوال في غضون عشر سنوات لا أكثر؛ ما أثمر عن وجود أكثر من 500 مليون زبون، كما نجحت الحكومات في تحصيل مبالغ مالية طائلة نظير إصدار التراخيص وتقديم الخدمات».

وقد ساهم هذا النمو القوي في تلبية معظم احتياجات شركات الاتصالات والحكومات؛ إذ حققت مجموعات الاتصالات الإفريقية والعالمية عائدات نمو عالية بفضل الدعم المقدم لها من الحكومات والجهات المُنظمة، التي استفادت بدورها من فرص الضرائب المربحة.

ومع ذلك، كان من الممكن أن يحقق القطاع معدلات نمو أعلى إذا جرى اتباع منهج سياسي وتنظيمي فعال ومنضبط. وفي الوقت الراهن، تتعرض العلاقة التعاونية بين شركات الاتصالات والحكومات لضغوط متزايدة قد تسفر عن تدهورها في وقت تحتاج فيه أن تكون في أقوى صورها؛ إذ يتزايد تردد كبار المستثمرين قبل ضخ مزيد من الاستثمارات في القارة نظرًا إلى ضغوط الأسعار المبالغ فيها، والتراجع المستمر لجاذبية بيئة الاستثمار، واستمرار المخاطر التنظيمية. وقد يهدد إحجام المستثمرين المرحلة المقبلة من هذه الاستثمارات في قطاع الاتصالات ونموه في القارة، أو تنامي تقنية النطاق العريض لاتصالات الجوال المعتمدة على الجيل الثالث، أو استخدام الإنترنت على نطاق واسع في القارة.

وصرح الشريك في شركة بوز أند كومباني، دافيد توسا، قائلاً: «إذا ظلت العلاقة بين شركات الاتصالات والحكومات على استقرارها، ستزدهر قصة نجاح قطاع الاتصالات في القارة، أما إذا أخفقت تلك العلاقة، فستفقد إفريقيا فرصة منقطعة النظير للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ ما يؤدي إلى انتقال قطاع الاتصالات ومستثمريه إلى أسواق أكثر ملائمة لهم».

نمو فائق بطابع إفريقي

انتشرت الهواتف الجوالة بشكل كبير على مستوى القارة في الوقت الحاضر، مع انخفاض أسعار أجهزة الجوال حتى وصل سعر بعض هواتف الجوال بتقنية (GSM) إلى 10 دولارات أميركية، ويرجع ذلك إلى النمو المتسارع الذي شهده العِقد الأول من الألفية. كما ساعد انخفاض أسعار تجهيزات شبكات الجوال شركات الاتصالات على بناء سعة الشبكات ونطاق تغطيتها مع القدرة على الدخول إلى أسواق جديدة؛ الأمر الذي أدَّى إلى تقوية مكانة شركات الاتصالات في السوق وجعلها قادرة على المنافسة لجذب المشتركين، بالاعتماد الأساسي على أسعار الخدمات كأداة قوية لجذب العملاء والحفاظ عليهم. ومع نمو تدفقات الحركة المرتبطة بالاستخدام، قامت شركات الاتصالات بالاستثمار في سعة الشبكات ونطاق تغطيتها، والتوسع في الأسواق، وبالتالي جذب المزيد من الزبائن، واستمرار الدائرة على المنوال نفسه. وشهد انتشار الجوال في إفريقيا ثلاث مراحل نمو متمايزة في الفترة من العام 2000 إلى 2010، ففي مرحلة النمو 2000 إلى 2002)، ازداد انتشار الجوال في إفريقيا من نسبة 2 إلى 6 في المئة، وأعقبها فترة من النمو المتسارع من العام 2003 إلى 2005 والتي شهدت طفرة في معدل النمو السنوي الذي وصل إلى 52 بالمئة، بمعدل انتشار قدره 21 في المئة. ومن العام 2006 وحتى 2010، تزايد معدل الانتشار ليصل إلى 51 في المئة، مع تباطؤ طفيف في معدل النمو السنوي الذي وصل إلى 26 في المئة. وحتى مع الأخذ بالاعتبار الأسواق التي لم يتم الوصول إليها؛ ما يعني استبعاد نسبة تتراوح من 25 إلى 35 في المئة من سكان القارة، فإن النمو الذي عاشته القارة هو بمثابة أمر مبهر بكل المقاييس.

ساهمت العديد من شركات الاتصالات في دفع طفرة النمو التي شهدتها القارة وحصدت النصيب الأكبر من منافعها. وتأتي في الطليعة شركة MTN التي تعتبر شركة الجوال المهيمنة في السوق بفضل محفظة تضم 21 شركةً عاملةً قدمت خدماتها إلى 141 مليون مشترك بنهاية العام 2010. وتمتلك الشركة التي يقع مقرها في جنوب إفريقيا، والتي سجلت إيرادات تقارب 16,7 مليار دولار وهوامش ربح بلغت نسبة 44 في المئة في العام 2010 قبل خصم الفوائد والضريبة والاستهلاك، قاعدة زبائن تصل إلى 20 مليون مشترك في جنوب إفريقيا وحدها وما يقرب من 40 مليون مشترك في نيجيريا.

ومن بين النماذج الأخرى الناجحة في السوق الإفريقية شركة اتصالات؛ فقد بدأ التركيز المتنامي لشركة الاتصالات الإماراتية على أسواق القارة ذات الطبيعة التنافسية الشرسة في إتيان ثماره، مع قيام المجموعة بتوحيد الأساليب والمناهج على مستوى محافظها الاستثمارية في آسيا والشرق الأوسط، وقامت كل من شركتي اتصالات وأورانج، اللتين أصبحتا تستحوذا معًا على مكانة سوقية كبيرة في إفريقيا، بالاستثمار في نظم الكابلات البحرية على امتداد السواحل الشرقية والغربية للقارة.

ثلاثة عوائق أمام نمو القطاع

وعلى رغم الطفرة التي حدثت على مدار العقد الماضي، قامت «بوز أند كومباني» بتحديد ثلاثة عوائق تواجه قطاع اتصالات الجوال في إفريقيا في الحاضر، والتي من شأنها تحجيم النمو المستقبلي للقطاع؛ وهي تتمثل في ما يأتي: ضغوط الأسعار، وارتفاع تكاليف الاستثمار، وعدم وضوح الأنظمة المطبقة وعدم عدالتها. وقد يؤدي عدم مواجهة تلك التحديات بشكل سريع وفعّال إلى تقويض فرص تنمية نظم الجيل التالي لاتصالات الجوال بالنسبة للقارة.

ضغوط الأسعار

قامت العديد من شركات الاتصالات باستخدام شبكات GSM/GPRS/EDGE، بالاعتماد على مكونات الشبكات الموحدة لخفض التكاليف الرأسمالية والتشغيلية، وعلى رغم وجود بعض المنافسة القائمة على الابتكار والخدمات ذات القيمة المضافة، اعتمدت معظم شركات الاتصالات على التسعير والترويج لتمييز نفسها عن منافسيها؛ إذ اشتعل سباق جديد من نوعه في معظم الأسواق يهدف إلى خفض قيمة المنتجات إلى الحد الأدنى، واستخدمت شركات الاتصالات عروضًا ترويجيةً قصيرة الأجل لمواجهة الفقد السريع في عدد زبائنها.

ارتفاع تكاليف الاستثمار

وأضاف دافيد توسا أن « احتمال استمرار ضغوط الأسعار يجعل الاستثمار في قطاع الاتصالات في إفريقيا مخاطرة كبيرة. وعلى رغم أن شركات الاتصالات في إفريقيا قد حصدت مزايا من العمل في مناطق متعددة، لم تقم بخفض التكاليف بالشكل الكبير الذي قامت به في أسواق أخرى؛ إذ لم تنجح شركات الاتصالات العاملة هناك في تحقيق الحجم الذي حققته شركات الاتصالات الآسيوية، حيث تتسبب عوامل الكلفة، مقترنة بالمصروفات الرأسمالية الباهظة، في جعل المستثمرين أكثر تشككًا بشأن التزاماتهم المستمرة فيما يتعلق برأس المال».

عدم وضوح البيئة التنظيمية

تُشكل الأنظمة غير المتسقة وأحيانًا غير المتوقعة في العديد من الدول الإفريقية عائقًا آخرًا أمام نمو القطاع. وعلى رغم أن معظم الحكومات الإفريقية نجحت في تحقيق الاستقرار الإداري، تظل هناك مخاطر جمّة فيما يتعلق بالتنسيق والضبط الذي تباشر به الإدارات عملية ترخيص شركات الاتصالات، ويؤدي غياب الأطر التنظيمية ذات الهيكلة الجيدة إلى عدم وضوح الرؤية بشأن بيئة الاستثمار. وتتمثل أحد المخاطر البالغة في ضعف تطبيق الأنظمة والممارسات السليمة، بما يشمل الوضوح والعدالة. ففي الكثير من الحالات، لا يتم إجراء تنسيق بين الأجهزة الحكومية التي يمكن أن تستفيد من تنفيذ الشبكة ونطاق تغطيتها، والحد من إهدار التكلفة. كما تعاني عملية الحصول على مواقع الشبكات وترخيصها من نفس مشكلة غياب مستوى التنسيق المطلوب بين الجهات المُنظمة للاتصالات، وجهات التخطيط، وجهات البيئة.

وتظل الأطر التنظيمية هي أحد المسائل التي تهمّ المستثمرين بوجه عام، ففي بعض الأحيان تكون رسوم الترخيص غير متوقعة، وتعاني الأنظمة الخاصة بالتسعير وبدء الخدمة من تعقيدها وطول إجراءاتها التي تعرقل مرونة شركات الاتصالات في توفير خدمات ومنتجات تنافسية ومبتكرة في الأسواق. كما تعوق القيود المفروضة على حزم المنتجات من الابتكار القائم على القيمة

العدد 3458 - الجمعة 24 فبراير 2012م الموافق 02 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً