العدد 3466 - السبت 03 مارس 2012م الموافق 10 ربيع الثاني 1433هـ

المواطنون العرب يؤيدون الثورات العربيّة ولا يعتبرون الديمقراطية غريبة عليهم

في تقرير للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

صدر أخيراً عن مشروع قياس الرّأي العامّ العربيّ في المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات في الدوحة تقرير «المؤشّر العربيّ» للعام 2011. ويُعتبر مشروع «المؤشّر العربيّ» أكبر مشروع لقياس الرّأي العامّ العربيّ حالياً، فقد تناول 12 دولة تشمل 85 في المئة من سكّان الوطن العربيّ، بواقع 16173 مقابلة وجاهيّة مع عينة ممثلة من المواطنين في هذه البلدان.

ومن الجدير بالذّكر أن استمارة الأسئلة الموجّهة للمواطنين العرب قد أُعدّت في نهاية العام 2010، ونُفِّذَ الاستطلاع في بداية العام 2011. وقام المشروع بتعديل الاستمارة بإضافة مجموعة أسئلة متعلّقة بالثّورتين التونسيّة والمصريّة للمستجيبين من البلدين، وكذلك بعض الأسئلة لليمنيين حول الثّورة في اليمن. ونُفِّذت المقابلات التي استمرّ كلّ منها حوالى 40 دقيقة مع أكثر من ستة عشر ألف (16000) مواطن على طول النّصف الأوّل من العام 2011.

وقد أطلق المركز التقرير الأوّل من هذا الاستطلاع الواسع النطاق، وفيما يأتي بعض النّتائج الأوليّة المهمة للمؤشّر العربيّ للعام 2011:

- شمل الاستطلاع 16173 مقابلة وجاهية مع مواطنين في 12 دولة عربيّة.

- أُجري الاستطلاع في النّصف الأوّل من العام 2011.

- تؤيّد أكثريّة الرّأي العامّ في المنطقة النّظام السياسيّ الديمقراطيّ.

- تصف أكثريّة الرّأي العربيّ نفسها بالمتديّنة، ولكنها تؤيّد عدم تدخّل رجال الدّين في خيارات المواطنين السياسيّة.

- 71 في المئة من الرّأي العامّ العربيّ يقولون إنّه لا فرق لديهم بين متديّن وغير متديّن في تعاملاتهم الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والإنسانيّة.

- 77 في المئة من الرّأي العامّ العربيّ يثقون بجيوش بلدانهم، و47 في المئة يثقون بحكومات بلدانهم، و36 في المئة يثقون بمجالس بلدانهم النيابيّة قبل الثّورات.

- 83 في المئة من الرّأي العامّ العربيّ يقولون إنّ الفساد منتشر في بلدانهم.

- 19 في المئة فقط من الرّأي العامّ العربيّ يرون أنّ دولهم تطبِّق القانون بين النّاس بالتّساوي إلى حدٍّ كبير.

-73 في المئة من الرّأي العامّ العربيّ يرون أنّ إسرائيل وأميركا هما الدّولتان الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربيّ

-51 في المئة يرون أنّ إسرائيل هي الأكثر تهديداً، و22 في المئة يرون أنّ أميركا هي الأكثر تهديداً، و5 في المئة يرون أنّ إيران هي الدّولة الأكثر تهديداً. وتتفاوت هذه النّسب بين بلدٍ عربيّ وآخر.

- 84 في المئة من الرّأي العامّ في المنطقة العربيّة يرون أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضيّة جميع العرب وليست قضيّة الفلسطينيّين وحدهم.

- 67 في المئة من الرّأي العامّ العربيّ يرون أنّ التّعاون العربيّ - العربيّ الحالي هو أقلّ ممّا يجب أن يكون عليه.

- نحو ثلاثة أرباع الرّأي العامّ العربيّ تؤيّد إجراءات تكامليّة ذات طبيعة اتحاديّة.

- نحو ثلاثة أرباع الرّأي العامّ العربيّ تؤيّد رفع القيود عن سفر المواطنين العرب، وحرّية انتقال منتجات الدول العربيّة، وإنشاء قوّات عسكريّة عربيّة، وتوحيد النّظام النقديّ.

- أكثريّة الرّأي العامّ العربيّ ترى أنّ سكّان العالم العربيّ ينتمون إلى أمّة واحدة، وإن وُجدت حدود مصطنعة بين دولهم أو تميّزت بعض الشّعوب عن الأخرى ببعض السّمات.

- أكثريّة الرّأي العامّ العربيّ أيّدت الثّورتين المصريّة والتونسيّة.

- أكثريّة الرّأي العامّ العربيّ ترى أنّ أسباب اندلاع الثورتيّن هي الفساد والديكتاتوريّة وانتفاء العدل والمساواة.

- يرفض 84 في المئة من العرب أن تعترف دولهم بإسرائيل، و21 في المئة فقط يؤيّدون أو يؤيّدون إلى حدٍّ ما اتّفاقيّات السّلام التي وقّعتها الأردن، ومصر، وفلسطين مع إسرائيل.

- 55 في المئة يؤيدون أن تكون منطقة الشّرق الأوسط خالية من السّلاح النوويّ، و55 في المئة يرون أنّ امتلاك إسرائيل الأسلحة النوويّة يبرّر لدولٍ أخرى في المنطقة امتلاكه.

ونفذ التّقرير الذي قام المركز العربيّ ميدانياً بإجرائه من خلال مقابلات وجاهيّة مع 16173 مستجيباً ضمن عيّنات ممثّلة لمجتمعات 12 بلداً عربيّاً هي: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والسّودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعوديّة، واليمن. وبذلك فإنّ المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع تعادل 85 في المئة من عدد السكّان الإجماليّ لمجتمعات المنطقة العربيّة. وعليه فقد تمّ استخدام مصطلح «الرّأي العامّ في المنطقة العربيّة» حيث أنّ المجتمعات المشمولة في هذا الاستطلاع كانت ممثّلة للمنطقة العربيّة أكان ذلك على صعيد الوزن السكّاني بالنّسبة إلى مجمل سكّان المنطقة العربيّة أو بتمثيلها لكافّة أقاليم المنطقة العربيّة (المغرب العربيّ، الجزيرة العربيّة، المشرق العربيّ ووادي النّيل) الأمر الذي يتيح استخدام مصطلح الرّأي العامّ كمعدّل لآراء المواطنين في كلّ الدّول المستطلعة آراء مواطنيها.

الديمقراطية ليست مفهوماً غريباً

وأثبتت نتائج الاستطلاع أنّ الديمقراطية ليست مفهوماً غريباً عن المواطنين في المنطقة العربيّة؛ فأكثريّة الرّأي العامّ (81 في المئة) كانت قادرة على تقديم تعريف -ذي مدلول ومحتوى- لأهمِّ شرطٍ يجب توافره في بلدٍ ما حتّى يُعتَبر بلداً ديمقراطياً. ويركِّز المواطن العربيّ في تعريفه لمفهوم الدِّيمقراطية على الجوانب السياسيّة؛ إذ يعرِّفها في إطار ضمان الحرّيات السِّياسيّة والمدنيّة، داخل نظام حكم يضمن مبادئ التّعدُّديّة السياسيّة، والتّداول على السلطة، والعدل والمساواة بين المواطنين. ويُعرِّف نحو 12 في المئة من الرّأي العامّ العربيّ الديمقراطيّةَ بمفرداتٍ مرتبطةٍ بالتَّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، أو بشروط حفظ الأمان والاستقرار. وقد خلُصت نتائج الاستطلاع إلى أنّ أكثريّة المواطنين في المنطقة العربيّة، وبنسبةٍ تتجاوز الثلثين؛ تدعم النِّظام الدِّيمقراطي، وتراه النِّظام الأمثل، وإن وُجدت فيه مشكلاتٌ؛ في حين عارضه 15 في المئة من المستجيبين. وفي سياق هذا الانحياز للدِّيمقراطيّة؛ يرفض المواطن العربيّ وجهات النَّظر التي تركِّز على نقائص النِّظام الدِّيمقراطيّ وتروِّج عيوبه. فأكثر الرّأي العامّ العربيّ لا يقبل مقولات مثل: إنّ الأداء الاقتصاديّ يسير بشكل سيِّء في ظلِّ الدِّيمقراطية، أو «إنّ الدِّيمقراطيّة تُعرقِل الحفاظ على الأمن».

وبيَّنت النَّتائج أنّ الرّأي العامّ في المنطقة العربيّة منحازٌ إلى رفض احتكار السُّلطة، وإلى تطبيق مبادئ التّداول عليها. فهناك شبهُ إجماعٍ في صفوفه (86 في المئة) على رفض توريث السّلطة في الأنظمة الجمهوريّة؛ مقابل 7 في المئة أيّدوا فكرة توريث الحكم. ويقبل المواطن العربي من حيث المبدأ -وبنسبة 53 في المئة- وصولَ حزبٍ سياسيٍّ لا يتّفق مع أفكاره إلى السّلطة، إذا ما حصل على الأصوات اللازمة لذلك؛ في حين بلغت نسبة الذين لا يقبلون ذلك 36 في المئة، وهي نسبة جديرةٌ بالملاحظة.

إنّ تقييم الرّأي العامّ لمستوى تطبيق الدِّيمقراطية في الدُّول المستطلعة آراء مواطنيها؛ هو تقييم سلبيٌّ، فعلى سلّم من 0 إلى 10 نقاط، قيّم المستجيبون مستوى الديمقراطيّة في بلدانهم عند 4.7 نقاط كمعدّل للدّول الاثنتيْ عشرة. وإذا ما كان الرّقم 10 يعني أنّ البلد ديمقراطيٌّ إلى أبعد الحدود؛ فإنّ نتيجة استطلاع الرّأي تعني أنّه تكاد لا توجد ديمقراطيّة في نظر المواطنين المُستجيبين، مّا يعني أنّ مستوى الديمقراطيّة في البلدان العربيّة ما زال في منتصف الطريق.

الدين والسياسة

ومع أنّ مواطني المنطقة العربيّة يروْن أنفسهم متديِّنين جداً أو متديِّنين إلى حد ما؛ فإنّ أكثرهم لا يأخذون بعين الاعتبار عامل التّديُّن كمعيار محدِّد للتّعامل مع الآخرين. إذ يرى 71 في المئة من الرّأي العامّ أنْ لا فرق لديهم في التّعامل -اجتماعياً، واقتصادياً؛ وسياسياً؛ وإنسانياً- مع شخص متديِّن وشخص غير متديِّن؛ بل إنّ أكثر مواطني المنطقة العربيّة -وليس أغلبهم- (47 في المئة) يؤيّدون مقولة «إنّ الممارسات الدِّينية هي ممارسات خاصّة يجب فصلها عن الحياة العامّة وعن السِّياسة»؛ في مقابل معارضة 38 في المئة من المستجيبين لها.

وينقسم الرّأي العامّ تجاه مقولة فصل الدِّين عن السّياسة ما بين مؤيِّدٍ ومعارض؛ على الرّغم من مطالَبتِه -عمليًّا- بذلك الفصل، من خلال رفضه لتدخُّل رجال الدّين في الممارسات السياسيّة. إذ أنّ ثلثيْ الرّأي العامّ لا يقبلون أن يكون رجال/شيوخ الدِّين عاملاً مؤثراً في السِّياسة، كما يرفضون أن يؤثر رجال الدين في كيفيّة تصويت النّاخبين، أو في قرارات الحكومة. مّا يعني أنّ الرّأي العامّ موافقٌ -عملياً- على فصل الدّين عن السّياسة.

ثقة المواطن بالدولة

تنذر نتائج المؤشّر العربيّ 2011 بأنّ الثّقة بين المواطنين ودولهم هي في طور التَّآكل. إذ أنّ الثقة التي يُوليها مواطنو المنطقة العربية لمؤسَّسات دُوَلهم محدودة ومتبايِنة بحسب المؤسّسة. ففي الوقت الذي يثِق فيه المواطنون ثقة عالية نسبياً بمؤسّسة الجيش في بلدانهم (77 في المئة من المُستجيبين)؛ يثق نحو نصف الرَّأي العامّ فقط بالأمن العامّ (الشّرطة). ويمنح 57 في المئة من الرّأي العامّ العربي ثقته لجهاز القضاء؛ في حين أنّ أقل من نصف المُستجيبين لديهم ثِقةٌ بحكوماتهم (47 في المئة) ومجالسهم النِّيابيَّة (36 في المئة).

وتقيم أغلبيّة الرّأي العامّ -في المنطقة العربيّة- أداء مجالسها النيابيّة مهامّ الرّقابة على الحكومة، والتّعبير عن مشاكل المواطنين وعن المصلحة العامّة؛ تقييماً سلبياً. إذ إنّ الرّاضين عن أدائها، لم يتجاوزوا 30 في المئة كمعدل في الدّولة المشمولة بالاستطلاع. كما يُقَيّمُ الرّأي العامّ العربيّ أداء السّياسات الحكوميّة الخارجيّة والاقتصاديّة الداخليّة تقييماً سلبياً؛ إذ إنّ نسبة 34 في المئة فقط من الرّأي العامّ ترى أنّ سياسات دولها الخارجيّة تعبِّر عن آرائها، و31 في المئة فقط من المستجيبين يروْن أنّ السّياسات الاقتصاديّة لدولهم تأخذ بعين الاعتبار آراءَهم. وهناك شبهُ إجماع في الرّأي العامّ (83 في المئة) على أنّ الفساد الماليّ والإداريّ منتشر جداً في بلدانهم؛ مقابل 4 في المئة فقط يَروْن أنّه غير منتشر. بل إنّ أغلبيّة الرّأي العامّ ترى أنّ الدّولة لا تقوم بتطبيق القانون بالتّساوي بين المواطنين.

إنّ فجوة الثِّقة هذه، تُظهِر وقوع شرعيّة الدّولة العربيّة في مأزقٍ لدى المواطنين. فحينما تتخلَّف الدّولةُ عن تنفيذ سياسات عمليَّة، من شأنها أن تقود إلى تغيير مواقف المواطنين من سياستها الاقتصاديّة والخارجيّة، وحينما تتساهل مع الفساد ولا تحاربه، وتتعامل مع المواطنين بمحاباة لفئةٍ من الفئات، ولا تلتزم بإجراءات ديمقراطيّة؛ حينها -فقط- تفقد الدّولة شرعيّتها.

إنّ الأكثريّة العظمَى من مواطني المنطقة العربيّة (71 في المئة)، ترى أنّ سكّان العالم العربيّ يمثلون أمّة واحدة؛ ويؤكد نصفها على أنّ شعوب هذه الأمّة تتمايز عن بعضها بسمات وميزات. وفي المقابل ترى نسبة 17 في المئة فقط من الرّأي العامّ، أنّ سكان العالم العربيّ هم شعوبٌ وأممٌ مختلفة، بينها روابط ضعيفة.

إسرائيل الأكثر تهديداً للأمن العربي

ويتأكّد شعور الرّأي العامّ العربيّ بتجانس الدول العربيّة في إطار «أمّة واحدة» في قدرة أغلبيّة المستجيبين (81 في المئة) على تسمية دولٍ تمثِّل مصدر تهديد لأمن الوطن العربيّ؛ من دون حتّى الاعتراض على مفهوم أمن الوطن العربيّ. الأمر الذي يعني أنّ هذا المفهوم مقبولٌ من جانب أكثريّة الرّأي العامّ العربيّ. ويرى 73 في المئة من المُستجيبين أنّ إسرائيل والولايات المتّحدة الأميركيّة هما الدّولتان الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربيّ، ثمّ إيران بنسبة 5 في المئة. كما أنّ نسبة 84 في المئة من الرّأي العامّ ترى أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضيّة العرب جميعاً، وليست قضيّة الفلسطينيّين وحدهم.

تأييد إنشاء قوّات عربيّة مشتركة

ويؤيِّد الرأي العامّ في المنطقة العربيّة زيادةَ التَّعاون بين الدول العربيّة، واتّخاذ إجراءات ذات طبيعة اتّحاديّة مثل: إنشاء قوّاتٍ عسكريَّة عربيّة مشتَركة إضافة إلى جيش كلّ دولة على حدة، وإلغاء القيود الجمركيّة وغير الجمركيّة على حركة المنتَجات العربيّة بين الدّول العربيّة، وتوحيد الأنظمة النّقدية من أجل الوصول إلى إصدار عملة عربيّة موحَّدة.

رفض الاعتراف بإسرائيل

هناك شبه إجماع لدى الرأي العامّ في المنطقة العربية، وبنسبة 84 في المئة، - بمن فيهم مستجيبي البلدان التي وقّعت حكوماتها اتفاقيّات سلام مع إسرائيل - على رفض اعتراف بلدانهم بإسرائيل، في مقابل موافقة 10 في المئة منهم على ذلك. وتحظى اتفاقيّات السّلام التي وُقّعت بين أطرافٍ عربيّة (مصر، ومنظّمة التحرير الفلسطينية، والأردن) وإسرائيل بمعدّل تأييد محدود عند نسبة 21 في المئة من الرّأي العامّ العربي، في مقابل معارضة الأكثريّة هذه الاتفاقيات. تؤيّد أكثريّة الرّأي العامّ في المنطقة العربية، وبنسبة 55 في المئة، أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من السّلاح الّنووي، مقابل معارضة 29 في المئة ذلك

العدد 3466 - السبت 03 مارس 2012م الموافق 10 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً