الكتاب (السوبر)!
جابر علي
كما هو الحال عند الكثير من الشباب، كل مناسبة ولها ما نستمع إليه. أيام «التحاريم» لم أكن أسمع إلا العزاء والأدعية ثم جاء الربيع، موسم الأعراس فأسمع الشباب يردد أناشيد الميلاد. بعدها كأس العالم، فلم استطع أن أسمع من رنات هواتفهم سوا «دا دا دا»، عشنا في الأيام الماضية أجواء الحرب، ويا لها من أيام تعصف بالقلب لما كنا نشاهده ونسمعه من أخبار قتل وتفجير ودماء، طبعاً لهذه الأيام كذلك «أناشيد وأغاني معينة». ما استمع إليه حالياً و أعيد تشغيلها عشرات المرات يومياً هي «وين الملايين» للفنانة جوليا بطرس. هذه النشيدة الوطنية عبارة عن عدة أسئلة. تقول فيها... وين الملايين؟ الشعب العربي وين؟ الغضب العربي وين؟ الدم العربي وين؟ الشرف العربي وين؟ كلمات قوية وأسئلة أقوى ولكني لا أملك جواباً لمعظمها. فالحكومات العربية في سبات لا ترغب أن تصحى منه. كيف تصحو وهي تعلم إن فعلت ستخاصمها القوى العظمى؟ لا، فهذا لا يجوز في شرعها، كيف للحكومات أن تقف مع من يعادي مموليها؟ بل على العكس، تكفر من يفعل ذلك وتصدر فتاوى بهذا الشأن، ولكن ما عليهم ملامة المساكين. ولا حتى الأمم المتحدة تستطيع أن تقف أمام الفيتو الأميركي. خوب هالفيتو صار موضة هالايام، هذه الحرب ليست بين أبيض وأسود. ليست بين سني وشيعي. إنها حرب ضد الإسلام فأفيقوا، حباً في الله أفيقوا. اليوم أطفال لبنان وغداً أطفالنا. اليوم نساء لبنان وغداً نساؤنا. اليوم كرامة لبنان وغداً كرامتنا. وعدنا السيد حسن نصرالله بالنصر وهو الوعد الصادق فكلنا معك وهذا منا وعد. اعذريني يا جوليا. لو سألتيني الذل العربي وين؟ فجوابي هنا، لو سألتيني المهانة العربية وين؟ سأقول هنا، لو سألتيني الخيانة العربية وين؟ لو سألتيني «النوم» العربي وين؟ كلمة واحدة لا أملك سواها... هنا، طالما هم ينعمون في سباتهم العميق... كل هذا تجدينه هنا!
آلاء أحمد كَراشي
تقشعر الأبدان حزناً لتلك الأجساد المرملة بالدماء، وتئن الأرض تفجعاً عليهم وتبكي السماء مجزرة بعد مجزرة، والشعب اللبناني يعيش نار الحروب ونار الفتنة العاشقة للدمار والخراب، ولكن بعد مجزرة قانا الثانية هدأت نار الفتنة ومحال أن تهدأ واشتعلت ثورة الغضب والحزن الجماهيري على ما جرى لتلك الثلة البريئة من الأطفال والنساء والشيوخ، وليتها كانت آخر مجزرة وإنما تبعتها مجازر أخرى، فمجزرة البقاع ومجزرة صور والشيوخ وغيرها الكثير. الدم العربي صار رخيصاً وأبناء العروبة وقفوا يتفرجون من على جبل السلم، وقد قال المثل الشعبي «عيش جبان تعيش لأمك زمان» ولا أظن أن وزراء الخارجية العرب من بعد هذه الحرب المدمرة على لبنان قد خرجوا بشيء يمسح غبار الذل والخزي العربي، فيكفيهم إنهم تحملوا عناء السفر إلى لبنان وصفقوا إلى رئيس الوزراء اللبناني السنيورة وتفاعلوا مع خطابه الحماسي الحزين وقلوبهم تتقطع على رفض لبنان المشروع الفرنسي الأميركي الذي هو هبة من الأم الكبرى الدولة العظمى، ومنقذ لهزيمة «إسرائيل» السياسية والعسكرية. بالإضافة إلى ذلك فإن أكثر الوزراء تختلج في نفوسهم فكرة المشروع وهزيمة حزب الله واندحاره، فهم يفضلون انتصار «إسرائيل» في هذه الحرب، لأن بقاء «إسرائيل» وتنامي قوتها أفضل من تنامي قوة حزب شيعي تابع لإيران كما يزعمون، وبعد هزيمة حزب الله والقضاء عليه وعلى عناصره، فإن هذا الضوء الأخضر الذي منح لـ «إسرائيل» لضرب المقاومة سيزداد وسيمنح له المزيد من الصلاحيات والمقومات ليتصدى لإيران ولبرنامجها النووي، فالبرنامج النووي الإيراني بالنسبة لحكام العرب كشبح قبر محفور ينتظر صاحبه ليطبق ترابه عليه. وكيف لا يكون كذلك وقد اعترفت «إسرائيل» ان بعض الدول العربية والخليجية الكبرى تؤيد عملها العسكري على المقاومة اللبنانية، وقد صرحت هذه الدول بنقدها للمقاومة، وإلباس المقاومة ثوب الإرهاب وثوب التبعية العمياء لمطامع إيران وسورية، كما وأعلن بعضهم صريحاً عن عدم مساهمتهم لنصرة لبنان ولنصرة المقاومة الإسلامية. وأخيراً تاب بعض المذنبين وقرروا إقامة اجتماع طارئ لدعم مشروع ومقترحات السنيورة، وهل تفيد توبة أو اعتذار بعد تقطيع أوصال العروسة في ليلة زفافها.
جابر حسن
العدد 1442 - الخميس 17 أغسطس 2006م الموافق 22 رجب 1427هـ