العدد 1447 - الثلثاء 22 أغسطس 2006م الموافق 27 رجب 1427هـ

خلطة غير مألوفة وعمل استعراضي مميز

كيف يمكن أن يكون ناتج فيلم يمتلئ بوصلات من الرقص النقري secnad pat يؤديها ريتشارد غير، واستعراضات راقصة تتباهى فيها كاثرين زيتا جونز بجمالها ورشاقتها وخفة حركاتها مع العلم انها كانت حاملاً بطفلها الثالث على ما يبدو حين قدمتها. و... أغنيات تؤديها رينيه زيلويغر!

تلك هي باختصار خلطة الفيلم الموسيقي ogacihC الذي أخرجه روب مارشال في العام 2002. والمتوقع طبعاً من الخلطة العجيبة في هذا الفيلم ان تنتج عملاً غير موفق لا يعود على مشاهديه سوى بوجع الدماغ.

لكن العجيب هو أن المشاهدين لن ينزعجوا من صوت زيلويغر الذين لن يكون نشازا كما قد يظن البعض، والأعجب من ذلك أن خلطة مارشال الغريبة تنجح بشكل مدهش في صنع فيلم موسيقي بمعنى الكلمة، بل وتنجح في الكشف عن وجه مغاير لبعض الممثلين كالرزين جون رايلي الذي عرض مواهبه في هذا الفيلم بشكل مختلف تماما عما هو مألوف منه، ربما لكي يتناسب مع الصخب الذي يمتلئ به الفيلم.

تتناول قصة الفيلم بعض القضايا الصاخبة التي تشبه صخب وإثارة المشاهد الراقصة التي يمتلئ بها، من بين ذلك حوادث القتل والخيانات الزوجية التي ترتكب من مختلف الدوافع والمنطلقات، وتناقش في قالب درامي كوميدي راقص.

تدور حوادث قصة «شيكاغو» في مدينة شيكاغو العام 1929، بطلتاه امرأتان قادهما الافراط الى نهاية سوداء. الأولى نجمة الاستعراض فيلما كيلي (كاثرين زيتا جونز) التي تسلط عليها الأضواء وتستقطب اهتمام الجميع لبراعتها في تقديم وصلات أو «نمر» راقصة مميزة على واحد من أهم المسارح في مدينة شيكاغو في ذلك الوقت.

تشترك فيلما مع شقيقتها في تقديم اغنية راقصة يديرها زوجها، وتعتقد في لحظة ما أنها بلغت قمة النجاح. لكنها لا تعلم ان نهاية استعراضها ستكون قريبة ومفاجئة، وذلك عند ما تجد زوجها يوما بين ذراعي شقيقتها، فتطلق النار على العشيقين وترديهما قتيلين بينما تذهب هي خلف القضبان.

في الوقت ذاته، نلتقي روكسي هارت (رينيه زيلويغر)، الفتاة التي تطمح لأن تكون مثل فيلما، مغنية وراقصة. تخون زوجها البسيط (جون رايلي)، مع من تعتقد أنه سيجعلها مشهورة ويأخذها الى نجومية مشابهة لنجومية فيلما.

حين تكتشف روكسي ان الرجل الذي تخون زوجها معه، ليس سوى بائع أثاث ولا علاقة له البتة بعالم الاستعراض، تشهر سلاحها في وجهه لتنهي حياته ولينتهي بها الأمر في السجن الى جانب معبودتها فيلما.

هكذا تنتقل فيلما التي غمرتها الأضواء الى عالم ثاني مختلف تماما لا بهرجة فيه ولا تباهي لكن الأضواء، على رغم ذلك، تظل مرافقة لها، والفضل كل الفضل يعود الى بيلي فلين، محاميها.

أما روكسي التي طالما حلمت بتلك الأضواء، فقد حققت حلمها أخيرا ونالت ما تريد، حين فعلت المستحيل لتصل الى هذا الصقر بيلي، الذي وجد في قضيتها مادة أخرى صالحة لتصدر عناوين صحف التابلويد. يتبنى قضيتها فيسلط عليها الأضواء وتصبح بفضل مهارته نجمة لا تقل نجوميتها وشهرتها عن نجومية فيلما، معبودتها الأولى.

في السجن، تدخل المرأتان، فيلما النجمة البارزة، وروكسي الناشئة، في صراع حول نيل حريتهما وبشأن عناوين الصحف. تتنافسان من أجل الحصول على اهتمام أحد صقور المحاماة بيلي فلين (ريشتارد غير)، وهو الذي لم يخسر قضية أبدا في حياته والأهم من ذلك أنه ماهر في التحكم في صحافة شيكاغو التي بدت في الفيلم وكأنها تتغذى على أخباره ومغامراته وسط المحاكم، وتجد في قصص القتلة والمجرمين وقضاياهم مادة للتسلية والاثارة.

هذا الفيلم المثير يمتلئ بعدد كبير من الأغاني و«النمر» الراقصة، وهي التي تقفز من خيال روكسي هارت بين مختلف المشاهد. وهو مبني على مسرحية «شيكاغو» الحاصلة على عدد من الجوائز والتي كتبها كل من بوب فوس وجون كاندر وفريد ايب. والكتاب الثلاثة اقتبسوا نصهم من المسرحية الأصلية التي تحمل الاسم نفسه والتي كتبها مورين واتكينس.

والى جانب قصته التي تكشف الكثير من سمات المجتمع الأميركي عموماً، ومجتمع مدينة شيكاغو خصوصاً، فإن الفيلم ينجح في تقديم ممثليه بشكل مختلف ومغاير لما ألفه منهم الجمهور. إذ تجيد زيلويغر أداء دور الفتاة الشقراء الحلوة الساذجة ذات المظهر البريء والخيال الملتهب، التي تتوق للظهور على المسرح وتستميت من أجل ذلك، والتي نسمعها تغني بصوت عال في عدد من المشاهد ونشاهدها وهي ترقص بمهارة وخفة فتات استعراض متمرسة.

من جانب آخر، قدمت كاثرين زيتا جونز وصلات راقصة بدت غاية في الروعة وأضفت على الفيلم جاذبية من نوع خاص، والفضل في تميزها يعود لخبرتها الطويلة في الأداء الاستعراضي على المسرح، الأمر الذي خدمها بشكل كبير في أداء شخصية فيلما كيلي. وهكذا قدمت زيتا جونز وصلات مثيرة للحماس، تشد المشاهدين وتملأ الشاشة بكثير من الطاقة والحماس.

أما أكثر أفراد الطاقم اثارة للبهجة والمرح في الفيلم فهو ريتشارد غير، الذي قدم استعراضات رقص نقري رائعة، مصحوبة ببعض الأغاني، وهو أمر مثير للاستغراب خصوصاً للمشاهدين الذين اعتادوا منه أداء جاداً وبارداً في غالبية الأحيان. غير لم يبدع في تقديم هذه الوصلات وحسب، بل يمكن القول إن أداءه لدور بيلي فلين الماكر الخبيث الذي يستطيع اثارة ضحكات الجمهور ونيل استحسانهم بكل بساطة، يمكن أن يعد واحداً من بين الأفضل وسط عشرات الأفلام التي قدمها عبر عقود عدة.

الفيلم عموماً تمكن بنجاح من اعادة تقديم هذا النوع من الأفلام، أقصد الأفلام الموسيقية الاستعراضية. مخرجه روب مارشال قبل التحدي، ونجح فيه لأنه أجاد اختيار كل شيء بدءاً من طاقم عمله، ممثلين أو فنيين، حتى مصممي الرقصات ومؤلفي أغانيه.

فيلم شيكاغو، الذي تعرضه قنوات الأفلام بشبكة شوتايم طوال هذا الشهر، هو فيلم يمتلك كل مقومات الفيلم الموسيقي الناجح، وتحفة فنية لمحبي هذا النوع من الأفلام

العدد 1447 - الثلثاء 22 أغسطس 2006م الموافق 27 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً