#خاطرة: خيبة أمل#
أبحرت يوماً في قارب بني مخطط بخطوط من أمل حريرية شفافة عبقة، لأمضي في بحيرة جميلة قد دلني عليها حرف من حروفي التائهة في عالمي المجهول، لأبصر زهرة صغيرة بيضاء اللون وحيدة في بستان خال من الزهور سواها، لأغير وجهتي، وأمضي نحوها. اقتربت منها، وابتسمت لها، حييتها، فلم ترد تحيتي، فتعجبت لأمرها فسألتها، فاتخذت من الصمت رداً على أسئلتي، فمسحت على أوراقها، لتبكي ألماً، وبدأت بسرد واقع حلم مزعج قد مر على ذاكرتها فأحزنها، لأعود بذاكرتي إلى الخلف، وها أنا أتذكر حكاية مطابقة لما حدث في حلم تلك الزهرة، وأخذت أخبرها بما ستراه لاحقاً في ذلك الحلم، لتبتسم لي ابتسامة أميرة شابة فرحة، ليسعد قلبي بفرحها، وها أنا أعود إلى قاربي، لأكمل رحلتي، وكل نبضة من قلبي تنبض تفكيراً بتلك الحادثة، حقاً إنها لحادثة غريبة، بل إنها أغرب من الخيال، وبعودتي إلى قاربي عادت التساؤلات معي وعاد إحساس الخيبة يجري من خلفي ليتردد السؤال في أذني: هل بالإمكان أن تتغير الحياة؟
مهدية مكي
هدأت مدافع الدبابات ونار الحرب، ولايزال غبار الدمار والخراب يعلو سماء لبنان كلها وسماء الجنوب خصوصاً، ومازالت الأرض تتشرب بشوق وفرح دماء من سقط عليها من الشبان والنساء والأطفال والشيوخ، فقد ارتوت من دمائهم حتى الثمالة، وراحت تسطر أحلى الأغاني لكل من ساهم في ارتوائها.
فتحية لأميركا، وتحية ل «إسرائيل»، وتحية لمجلس الأمن، الذي أعطى الفرصة لنيران «إسرائيل» الصديقة بأن تقصف لبنان لمدة 30 يوماً، وزادته 3 أيام لينهي ما خطط له البيت البيض ويحقق الرغبة والشراسة الإسرائيلية.
هكذا تحيى العدالة، فالعالم كله تحرك لنصرة الاخوة المظلومين الذين يقصفون في حيفا وعكا، فأبناء شعب الله المختار قد أسر منهم جنديان، ولا أدري كيف سيغفر الله لنا سكوتنا على خطف وأسر هذين الجنديين، لابد أن تتصدع الجبال وتتشقق الأرض ويفنى من عليها، وتقدم الأضاحي والقرابين ليغفر الله لنا ما فعله المقامرون من ميليشيات حزب الله سابقاً.
وألف تحية ل «إسرائيل»، فقد بادرت نيابةً عنا بقصف وتقتيل المجرمين من النساء والأطفال والشيوخ وتقديم أشلاء أجسادهم قرابين للآلهة، فكل ما فعله رجال حزب الله هو عمل إجرامي وغادر ولم يجن منه إلا الحرب والدمار.
ماذا فعل حزب ضعيف بقوة جيش الحق الذي لا يهزم ولا يقهر؟! أدمر بعض الدبابات المعطبة أصلاً؟! أقتل بعض الجنود الذين يعانون من الأمراض؟! أأسقط بعض الصواريخ على بعض الأراضي الخاوية؟! أيعقل أن تصمد بعض الأسلحة التقليدية البسيطة لدى الحزب أمام ترسانة الجيش المنظم الذي لا يقهر؟!.
يجب نزع سلاح حزب الله، ويجب نزع كل حجر وسكين من أيدي أبناء فلسطين، بل كل حجر أو سكين تقف أمام مصالح وهيبة أبناء العبرية، أبناء من اختارهم الله واصطفاهم في أرضه.
نحمد الله أن الجيش قد انتصر دبلوماسياً ولم ينتصر عسكرياً، فقد اكتفى بهذا النصر واكتفى بتجريف الأراضي وهدم البيوت والمنازل وتقطيع أوصال لبنان ومحاصرته والجنوب العنيد المقامر. ف «إسرائيل» جعلت من المرأة اللبنانية تنقش يدها بدل الحناء نقشة دم النصر والشهادة، وصبغت شعرها فخراً وتقلدت عزاً وكرامة بأحلى قلادة.
جابر حسن
تحدث قبل أيام الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في خطاب مطول في مؤتمر صحافي عقده بمنزله وانتقد المقاومة الإسلامية اللبنانية ووجه سيلاً من الانتقادات والاتهامات إلى أمينها العام السيد حسن نصرالله. صحيح أن هذه الاتهامات جاءت بنبرة التساؤل وبنبرة وديعة، لكنها جاءت أقوى وأفتك من شظايا القنابل العنقودية. إذ تساءل عن عدم تنسيق السيد نصرالله مع الحكومة اللبنانية في عملية خطف الجنديين الإسرائيليين ومقاومة الجيش الإسرائيلي؟ ولماذا لم تستشرنا يا نصرالله وأنت تتوقع حدوث عدوان محتمل على لبنان لكي نجري اتصالاتنا لوقف هذا العدوان؟! كما تساءل عن وجود سلاح حزب الله مع وجود سلاح الجيش اللبناني، واتهم المقاومة اللبنانية بأنها أداة للمحور الإيراني السوري.
عجبي من السيد جنبلاط أيريد من السيد نصرالله أن يتشاور مع الحكومة اللبنانية ومع رئيس الجمهورية؟!، وهو يعارض ولا يعترف بشرعية رئيس الجمهورية لحود! وماذا لو تشاور ونسق نصرالله مع رئيس الجمهورية في مسألة محاربة «إسرائيل»، هل سيقبل أصحاب 14 أيار بهذا التشاور؟! أم سيعتبره سيناريو من مسرحية الاحتلال السوري للبنان كما يزعم هو وأصحابه؟!، أيريد نزع سلاح المقاومة ومازالت الدبابات الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية ومازالت رائحة البارود ورائحة الموت تغطي سماء لبنان! كيف ذلك وهو والآخرون يعترفون بأن الجيش اللبناني ليس له القدرة لا من العدة البشرية ولا من العدة العسكرية لمواجهة الترسانة الحاقدة الغاصبة الإسرائيلية.
سيد جنبلاط... مَن مِن العقلاء لا يتوقع هجوماً وعدواناً إسرائيلياً على لبنان في أية لحظة؟! والاختراق الجوي والبحري مستمر وشبه يومي، وآخرها عملية الإنزال الفاشلة فجراً على بعلبك والتي كانت بعد الحرب، وهل محاربة «إسرائيل» ومحاولة كسر هيبتها، والتحرك لتحرير الأرض اللبنانية وتحرير الأسرى من سجون الظلم والقهر تحتاج إلى مشاورة وتحتاج إلى طاولات النقاش التي تسطر محاور اجتماعاتها أميركا و«إسرائيل»؟! ثم لماذا التركيز على إقحام إيران وسورية في كل الموضوعات؟! أليست سورية لاتزال مهددة في أية لحظة بهجوم عليها من قبل الإسرائيليين؟! أليست إيران الآن تقف أمام العالم كله من دون خوف أو ارتباك لتعلن موقفها الصريح من البرنامج النووي السلمي؟!
فإيران وسورية تدعمان المقاومة اللبنانية من باب نصرة المظلوم ومن باب نصرة الحق في وجه الباطل، أم أن صاحبنا لا يرضى أن ينتصر الحق والمتمثل في المقاومة - على قوى الباطل الإسرائيلية. يجب على كل لبناني وعلى كل محب لنصرة المظلوم أن يشكر إيران وسورية لدعمهما المقاومة اللبنانية، ومساندتهما لرجالها الذين وقفوا أمام أكبر وأعتى جيش في الشرق الأوسط لأكثر من شهر، واندحر العدو صاغراً خائباً.
أرجو أن يستفيق جنبلاط ومن سار على نهجه، فأسس العدالة واسترجاع الحقوق لا تكون من خلف الطاولات والميكرفونات والخطب الرنانة.
مواطن
العدد 1449 - الخميس 24 أغسطس 2006م الموافق 29 رجب 1427هـ