العدد 3474 - الأحد 11 مارس 2012م الموافق 18 ربيع الثاني 1433هـ

الوجبات المدرسية «المشعة» تدق ناقوس الخطر لدى الآباء في اليابان

كتبت أم يابانية مؤخراً على مدونتها الإلكترونية أنها قامت بإجراء بعض التحاليل لابنتها، أظهرت وجود مستويات منخفضة من السيزيوم المشع في الحليب المقدم مع الوجبات المدرسية. اكتشفت الأم ماريكو، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي، وجود 2.3 بيكريل من السيزيوم المشع في كل كيلوجرام من الحليب، علماً بأن الحد المسموح به رسمياً هو 200 بيكريل لكل كيلوغرام.

ورغم ذلك ، من المقرر خفض الحد المسموح به في أبريل/ ،يسان إلى 50 بيكريل لكل كيلوجرام، في ظل تزايد الانتقادات بأن حد المئتي بيكريل عال للغاية. تقول الأم على مدونتها الإلكترونية: «هذه هي الحقيقة... فالأطفال يشربون (الحليب) بمستويات تلوث على هذا النحو». تعيش ماريكو في كاواجوتشي بالقرب من العاصمة طوكيو، على مسافة 220 كيلومتراً جنوب غرب محطة «فوكوشيما دايتشي» اليابانية، التي سربت مواد مشعة إلى البيئة قبل عام في أسوأ حادث نووي في العالم بعد كارثة تشيرنوبل.

قالت ماريكو إن الحكومة ومنتجي الألبان ليس لديهم أي نوايا لإجراء اختبارات للكشف عن المستويات المنخفضة من التلوث الإشعاعي في الأطعمة والمشروبات التي تقدم للطلاب في المدارس، ومن ثم سعت وراء إجراء الفحوصات بنفسها. صحيح أن المستويات التي كشفت عنها تحاليل ماريكو، والتي أجريت الشهر الجاري، كانت دون الحد المسموح به، غير أن العديد من الآباء أمثال هذه الأم يخشون من آثار التداعيات الإشعاعية الناجمة عن حادث فوكوشيما على أطفالهم. يقول هيرواكي كويدي، الأستاذ المساعد في معهد أبحاث المفاعلات بجامعة كيوتو، إن تراكم الإشعاع في الجسم نتيجة للتعرض الخارجي أو الداخلي له يضعف جهاز المناعة، ويمكن أن يسبب مشكلات بعد مرور عدة أعوام من خلال زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان.

بدأت تداعيات الأزمة في الظهور عندما تسبب الزلزال القوي الذي ضرب محطة فوكوشيما اليابانية في 11 مارس/ آذار 2011 وما أعقبه من أمواج مد عاتية (تسونامي) في حدوث عمليات انصهار بثلاثة من المفاعلات الستة في المحطة. وبينما حذر بعض الخبراء في ذلك الحين من الآثار الصحية، قال يوكيو إدانو، كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني في حكومة رئيس الوزراء آنذاك، ناوتو كان، مراراً إن الإشعاع «لا يشكل مخاطر مباشرة على الصحة». وقالت ماريكو: «لم تكن لدينا أية فكرة على الإطلاق بما كان يعنيه». ومع ذلك، وبعد مرور فترة وجيزة، تم اكتشاف مستويات عالية من التلوث في بعض الخضروات والحليب والأسماك والأرز واللحوم وأوراق الشاي، وحظرت الحكومة شحن تلك السلع. ظل الآباء قلقين بشأن ما يتناوله أطفالهم من طعام وشراب، والأماكن التي يلعبون فيها ويذهبون إليها في رحلاتهم المدرسية. فتقول ماريكو: «لقد شعر العديد من الآباء بالقلق الشديد، ولم يكن هناك سوى عدد قليل للغاية (من المسئولين) الذي أمكننا التحدث إليهم». هذه المخاوف بددها بعض الأطباء ومسئولي المدينة الذين قالوا إن الآباء قلقون أكثر من اللازم. ورغم ذلك دق عدد من الخبراء ناقوس الخطر، إذ قالوا إن ضعف أجهزة المناعة بسبب الإشعاع يشكل مثار قلق بالغ. وقال الباحث في مركز المواطنين للمعلومات النووية في طوكيو، ميكيكو واتانابي، الذي ينادي بعالم خال من الطاقة النووية: «إذا أصابتك نزلة برد على سبيل المثال، فربما لا تستطيع أن تتخلص منها». وأضاف: «بعض الناس يصابون بعدة أمراض. ذلك ما توضحه البيانات التي جرى جمعها من ضحايا كارثة تشيرنوبل». لا شك أن الأطفال والأجنة سريعو التأثر بالإشعاع بصورة خاصة نظراً لأن خلاياهم تنقسم باستمرار أثناء نموها. فالإشعاع يمكن أن يفسد هذه العملية، ما يزيد من خطر الإصابة بالتشوهات عند الولادة وسرطان الدم (اللوكيميا) وأنوع أخرى من السرطان والتخلف العقلى. وفي يوليو/ تموز الماضي، قررت ماريكو وزوجها إجراء تحليلات لبول ابنتهما (عشرة أعوام). تقول الأم: «عندما أرسلت (إلينا) نتائج التحاليل عن طريق الفاكس، شعرت بالصدمة الشديدة عندما رأيتها، إلى حد أنني شعرت ببرودة في أصابعي». لقد أظهرت الفحوصات أن 25ر0 بيكريل من «السيزيوم 134» المشع لكل كيلوجرام من البول و41ر0 بيكريل من «السيزيوم 137». وبينما تعد هذه النسبة صغيرة، إلا أن ماريكو تساءلت عما يمكن أن يسببه التعرض المتواصل للإشعاع والطعام الملوث به بشخص صغير في السن، قائلة: «من يدري؟» وأضافت ماريكو: «من الذي يستطيع حماية الأطفال؟». قام الزوجان بإرسال عينات أخرى من البول لفحصها بعد أجازة الصيف التي لم تتناول الابنة خلالها أي وجبات مدرسية. وفي هذه المرة، انخفضت نسبة «السيزيوم 137» إلى النصف.

قدم الزوج نتائج التحليلين إلى مسئولي المدينة، وطالب بإجراء فحص للوجبات المدرسية للتحقق من نسبة الإشعاع التي تحتوي عليها. وبعد ذلك، اتخذت المدينة الإجراء المناسب. شكلت أمهات أخريات الجماعة المحلية التي تعرف باسم تيم كاواهاتو لمناقشة التعرض للإشعاع، واعتمدن على مدونات الخبراء وكتبهم وخطاباتهم. تقول كوتوري، وهي أم لثلاثة أطفال وعضوة بالجماعة: «لا أؤمن بما تقوله الحكومة ووسائل الإعلام». تلتقي كوتوري، التي لم تكشف سوى عن الاسم الذي تستخدمه على موقع «تويتر» الإلكتروني للتواصل الاجتماعي، مع هيديو يوريتاكا عمدة مدينة وارابي كل شهر لتنقل إليه مخاوفها وطلباتها بشأن الإشعاع. واتخذت وارابي إجراء مبكراً نسبياً. فمسئولو المدينة يقيسون باستمرار مستويات الإشعاع في المتنزهات والحضانات والمدارس الابتدائية والإعدادية. وفي الآونة الأخيرة، أجرى المسئولون عمليات قياس في نحو 1200 موقع بالمدينة، وقاموا بعمليات تطهير حيثما اقتضت الضرورة ذلك.

العدد 3474 - الأحد 11 مارس 2012م الموافق 18 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً