العدد 1458 - السبت 02 سبتمبر 2006م الموافق 08 شعبان 1427هـ

مستوى الشفافية غير مرضٍ... ومخاوف من تراجع الممارسات الديمقراطية

منظمات عالمية تنتقد تراجع عدد من الحريات العامة في البحرين...

بعد أن أصدرت منظمات عالمية لها ثقلها في الساحة الحقوقية العالمية مثل منظمة العفو الدولية (مقرها لندن) ولجنة الحقوقيين الدولية (مقرها جنيف)، ومؤسسة «فريدم هاوس» تقارير أبدت في بعضها مخاوف من تراجع الحياة الديمقراطية وتراجع حقوق الإنسان نظراً إلى إقدام المملكة على خطوات تنبهت هذه المنظمات لخطورتها، ومنها تمرير مجموعة من القوانين التي ستظل محل جدل دائم.

ولا يختلف الكثيرون على أهمية التقارير العالمية في هذا المجال - والتي سنشير إليها في سياق الحديث - ففي الوقت ذاته أبدى سياسيون وبرلمانيون وحقوقيون مخاوفهم من تراجع الشفافية وممارسة الديمقراطية، بدليل أن المنظمات العالمية باتت تصدر بياناتها بهذا الشأن، وبدليل ما يحدث داخل البحرين.

غازي: القول بأننا وصلنا إلى مستويات عالية من الشفافية غير دقيق

يقول النائب فريد غازي: «يجب ألا ندعي أن لدينا مستوى عالياً من الشفافية، فالشفافية عادة ما تتطلب اكتمال التشريعات، والتي لابد أن تكون ملزمة للجهات الرسمية والخاصة، أي أن تلتزم هذه الجهات بها التزاماً حقيقياً، وذلك فيما يتعلق بإبراز بيانات معينة، وذلك من باب الشفافية وإعلام المواطن العادي بما لدى هذه الجهات من بيانات ومعلومات».

ويواصل غازي «القدر الكبير من الشفافية لا يكون إلا بإدراج كامل البيانات، ففي الشركات الكبيرة القائمة في الدول التي تتمتع بقدر عال من الشفافية، نجد أن هذه المؤسسات الكبيرة كشركات التأمينات الاجتماعية، وصندوق التقاعد، تدرج كامل بياناتها المالية في الانترنت، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على المستوى العالي من الشفافية التي تتمتع بها هذه المؤسسات، والتي تنبع من ثقتها بما تقوم به من أعمال، ما يجعلها لا تخاف من إظهار أو إعلان كامل بياناتها».

ويكمل «كذلك الحال بالنسبة إلى البيانات والإحصاءات المتعلقة بالجرائم أو أي نشاط من أنشطة الحياة المتضارب مع القانون، إذ نجد أنها تعرض لديهم بوضوح، وتكون متاحة للنقاش وتبادل الآراء، من أجل أن تكون على مرأى ومسمع من قبل الباحثين. بالإضافة إلى الشفافية البرلمانية، إذ إن البرلمان ليس سوى سلطة من السلطات الثلاث العليا في الدولة، ما يتطلب أن يتمتع بأقصى درجات الشفافية والوضوح، بحيث لا تكون هنالك أية أسرار أو معلومات محجوبة، اللهم الأسرار العليا المتصلة اتصالاً وثيقاً بسياسة الحكم في الدولة». وأكد غازي «القول بأن البحرين وصلت إلى مستوى عالٍ من الشفافية هو قول غير دقيق، فلابد أن نعي الفرق بين الشفافية والديمقراطية، فالبحرين اليوم وصلت إلى مستوى متقدم من الديمقراطية، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل هو تقدم مرضٍ يدفع بنا نحو الشفافية؟ وللأسف فإن الإجابة تتمثل لدينا في أن مستوى الديمقراطية تقدم، لكنه مازال غير مرضٍ، ولم يأخذنا إلى بر الشفافية بعد».

ويوضح «على سبيل المثال، هناك دول عربية تعيش مستوى عالياً من الشفافية، متمثلاً في حراك كبير من قبل مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات الحقوقية والسياسية، أكثر بكثير مما لدينا في البحرين، على رغم عدم تمتعها بما نتمتع به نحن من ديمقراطية»، معللاً ذلك «لم يتحقق لدينا في البحرين بعد ذاك المستوى العالي من الطموح الذي رسمناه من أجل الإصلاح، والذي من شأنه أن يأخذ بنا نحو الشفافية المطلوبة في مختلف الجوانب». واعتبر غازي أن «المطلوب منا الآن يتمثل في الدفع بالأعمال التي غالباً ما ينتج عنها مزيد من الشفافية، ولن يتم ذلك إلا بتفعيل مواد الدستور من مواد جامدة إلى أخرى مرنة وحيوية. بمعنى آخر، علينا تحويل مؤسسات الدولة إلى كائنات حية، والابتعاد عن المظاهر التي تدعونا إلى التغني بمؤسسات المجتمع المدني».

السماهيجي: لا توجد دولة في العالم تتمتع بشفافية كالبحرين

من جانبه، يرى النائب علي السماهيجي، أن «مملكة البحرين تتمتع بقدر عالٍ من الشفافية. فاليوم، لا توجد دولة في العالم تتمتع بما تتمتع به المملكة من شفافية ووضوح، حتى وصل بنا الأمر إلى التعبير عن آرائنا خارج وسائل الإعلام الوطنية، من دون أن يتعرض الفرد إلى أي نوع من أنواع المساءلة القانونية».

وفيما يتعلق بحجب بعض المعلومات من قبل بعض الجهات الرسمية، علق السماهيجي قائلاً: «الكثيرون ينادون بالشفافية في إظهار المعلومة، وهم لا يعرفون كيف يتم ذلك، فطبيعة المعلومة أحياناً تحتم على هذه الجهات إخفاءها، كما أن كون المعلومة في طور البحث والدراسة يجبر هذه السلطات الاحتفاظ بها لحين حلول الوقت المناسب لإظهارها».

وعما صرحت به مؤسسة «فريدوم هاوس» عن الانتقال الديمقراطي على اعتبار أن البحرين واحدة من الدول المنخفضة الأداء في التحول الفعال نحو بيئة منفتحة، تساءل السماهيجي «ما الذي تطلبه هذه المؤسسات أكثر مما وصلنا إليه؟ نحن بصفتنا بحرينيين نلمس التقدم في مستوى الشفافية، ونحن من يستطيع أن يقرر ما إذا كان هناك تقدم أم لا».

عبدالعال: بعض المعلومات لاتزال مكبلة!

في السياق نفسه، أشار النائب جاسم عبدالعال إلى أن «هناك مؤشرات عالمية يقاس من خلالها مستوى الشفافية في أي دولة، ومن وجهة نظري فإننا في البحرين حققنا تقدما ملحوظا في بعض الأمور على غيرها، والتي لم نلمس تقدما في مستوى الشفافية فيها». وأوضح «على سبيل المثال لا الحصر، نجد أننا اليوم وصلنا إلى مرحلة بتنا نعلن فيها عن المستفيدين من الخدمات الإسكانية، والحاصلين على بعثات دراسية، وأولئك المعينين في بعض الوزارات أو الحاصلين على ترقيات كوزارة التربية والتعليم، وهو ما يعكس جانباً من الشفافية. إلا أنه في الوقت نفسه، نجد أنه مازالت هناك مغالطات أو عدم اتباع أسس صحيحة في توزيع التعيينات أو الترقيات في وزارات الدولة، ما يعكس غياب الشفافية في مسائل التوظيف مثلاً».

ويستطرد عبدالعال «لا ننسى مسألة التجنيس التي تكاد تخلو من أي وجه من أوجه الشفافية، وكذلك مسألة التصويت الإلكتروني المخالفة للإرادة الشعبية ما يجعلها تفتقر افتقاراً حاداً للشفافية. أما الأمور المالية، وخصوصاً في مجلس النواب، فقد احتوت على جانب بسيط من جوانب الشفافية، إلا أنه مازالت هناك معلومات من الصعوبة بمكان الحصول عليها، ما يجعلها تفتقر للوضوح والشفافية»، مؤكداً «أهمية الرقابة البرلمانية في رفع التوصيات، وإلزام الحكومة في تطبيق الشفافية بكل أوجهها، وللتصحيح من كثير من الممارسات الحكومية».

ماذا قالت «العفو الدولية» و«الحقوقيين الدولية»؟

طالبت كل من منظمة العفو الدولية (مقرها لندن) ولجنة الحقوقيين الدولية (مقرها جنيف) السلطتين التشريعية والتنفيذية في البحرين بإعادة النظر في قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر أخيرا. وقالت الهيئتان الدوليتان في بيانين منفصلين صدرا في 27 يوليو/ تموز الماضي إن قانون مكافحة الإرهاب يمس بالحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطنين بحسب ما تنص عليه المواثيق الدولية التي دخلت حكومة البحرين طرفا فيها. وقالت العفو الدولية إنها تضم صوتها مع المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة الخاص بمكافحة التعذيب إذ إن القانون ينتهك حقوق الأشخاص في حقهم في التعبير السلمي عن رأيهم وفي التجمع المشروع والمسموح به في النصوص الحقوقية.

وأضافت العفو الدولية أنها «قلقة» لأن القانون يعطي تعريفا واسعا للإرهاب، وان ذلك يشمل نشاطات ليست إرهابية، كما انه يفسح المجال للقرارات الاستنسابية الصادرة عن السلطات لتجريم أي نشاط لا يرغبون فيه سياسيا، ومن ثم تنفيذ المواد القاسية لقانون مكافحة الإرهاب. وقالت المنظمة إن القانون يصف أي عمل يهدد الوحدة الوطنية بالإرهاب، من دون تعريف مثل هذا المصطلح الذي بالإمكان استغلاله لضرب أي نشاط معارض بصورة سلمية. كما أن القانون يجرم على أساس النوايا، حتى لو لم ينتج عن أفعال حقيقية تؤدي إلى القتل أو الإضرار بالآخرين، معتبرة أن ذلك إجحافا بنظم العدالة التي تفترض البراءة قبل إثبات التهمة. وقالت المنظمة إن القانون ادخل مادة سياسية تقول إن من يعارض الدستور (كما جاء في المادة السادسة) فهو إرهابي، إضافة إلى تعريف المنظمة الإرهابية بأنها تلك التي «تمنع مؤسسات الدولة من أداء عملها»، وهذا لا يمكن أن يكون عملا إرهابيا، وإنما هو من أعمال المعارضة السياسية التي لا تدخل ضمن هذا التعريف الواسع.

«فريدم هاوس»: البحرين من الدول منخفضة الأداء في التحول نحو بيئة منفتحة

أشار تقرير مؤسسة «بيت الحرية» عن «الممارسات الفاسدة المحصنة التي تعوق الانتقال نحو الديمقراطية» - الذي صدر في مطلع الشهر الماضي، وحاول جمع خلاصة الإحداثيات السياسية في البحرين على مدى السنوات الأربع الماضية - إلى بعض التوصيات المهمة في بعض فصوله، ومن ضمن هذه التوصيات ضرورة إقرار الانتخاب المباشر لأعضاء مجلس الشورى، وإلغاء الأمر القاضي بضرورة الحصول على موافقة رسمية على إقامة الحلقات النقاشية والفعاليات السياسية وورش العمل للجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين.

ودعا التقرير إلى إبطال العمل بقانون الصحافة 2002. والقبول بما يرد للحكومة من التماسات وعرائض شعبية تقدم إليها، والسعي الحثيث نحو تحسين نظم التعليم وتوفير فرص العمل المناسبة. كما أوصى بتشكيل اتحادات للعمال.

وشدد التقرير على تطوير أساليب الشرطة البحرينية في التصدي للمظاهرات دون الاستخدام المفرط للقوة، ودعا الحكومة إلى صوغ قانون جديد للجمعيات يحظى بموافقة الأطراف جميعاً.

كما وضع التقرير البحرين في مصاف الدول «غير مكتملة الديمقراطية»، وانتقد بعض الممارسات الحكومية، وأشار إلى انتقاد مرسوم 56، والذي يمنع الملاحقة القضائية لما جرى في التسعينات من القرن الماضي، مطالباً بتفعيل المطالبات المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان.

ولمح التقرير إلى أن تخوفا لا يزال موجودا من النظام البرلماني في البحرين الحالي بنظام الغرفتين، كما شدد التقرير على نمو هذا التخوف لدى الأطياف السياسية في البحرين عقب الحديث عن بعض النظم الإدارية والفنية الحكومية والتي تمنح مواطني الدول الأخرى في مجلس التّعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، الإمارات العربية المتحدة وعُمان) الحق في الحصول على الجنسية البحرينية، وبما يشمل حقوق التصويت في الانتخابات البلدية والنيابية. وانتقد التقرير تضارب الأنباء بشأن السماح للعسكريين بالتصويت وخصوصاً المجنسين الجدد في البحرين، واعتبر هذه المؤشرات مؤشرات سلبية. واستعرض خيار المقاطعة الذي قادته جمعية «الوفاق» وشقيقاتها الثلاث في الانتخابات النيابية الماضية

العدد 1458 - السبت 02 سبتمبر 2006م الموافق 08 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً