قال اقتصاديون ورجال أعمال :«إن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يمثل البنية التحتية للاقتصاد الوطني والمحرك الأساسي لنموه والنواة لإنشاء الصناعات الكبيرة وتوسيع القاعدة الإنتاجية وإنتاج الخدمات الصناعية والحرفية والسلع الغذائية والاستهلاكية الصغيرة بما يساهم في تغطية احتياجات السوق المحلية من هذه السلع إلى جانب المساهمة بأكبر نسبة في توظيف الأيدي العاملة».
جاء ذلك في ندوة نظمتها غرفة تجارة وصناعة البحرين مساء أمس بعنوان «المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتنمية الاقتصادية»، قدم فيها الاقتصادي عبدالله الصادق ورقة عن «الظروف الاقتصادية لنشأة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة»، بينما قدم الاقتصادي جاسم حسين ورقة عن «أثر العولمة على أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة»، ويدير الندوة عضو لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الغرفة عبدالعزيز أبل.
ورأى رواد أعمال إن مملكة البحرين بحاجة إلى خطة عمل طويلة المدى وبلورة وصوغ استراتيجية واضحة المعالم لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنمية وتدريب رواد الأعمال على رغم السياسات والتوجهات القوية في ذلك.
وقالوا ان البحرين حققت نجاحاً كبيراً في مجال تنمية المشروعات الصناعية الناشئة وتنمية وتدريب رواد الاعمال نتيجة السياسات والتوجهات التي اتخذتها حكومة المملكة، إلا أن هذه السياسات والتوجهات بحاجة إلى استراتيجية أكبر واضحة المعالم.
وتحدث الخبير الاقتصادي جاسم حسين عن أثر العولمة على أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قائلاً: «تهتم العولمة الاقتصادية بإزالة الحواجز بين الأسواق العالمية، وباتت جزءاً لا يتجزأ من الحركة التجارية في العالم، وهناك توجه عالمي لفتح المزيد من الأسواق على بعضها بعضاً عن طريق اتفاقات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية والدولية».
وأضاف «في ظل تأصل ثقافة العولمة الاقتصادية يجب الأخذ بعين الاعتبار بعض النقاط والاهتمام بالأمور التالية: اسم الشركة، عملية تحرير التجارة العالمية، تفهم حالة الاختلاف بين الأسواق، الدخول في شراكة استراتيجية، وتوظيف إدارة مهنية».
ورأى أن اسم الشركة يعتبر من العوامل المساعدة لنجاح المشروعات التجارية في عالم اليوم. وباتت هذه النقطة على درجة كبيرة من الأهمية نظراً لانفتاح الاقتصاديات على بعضها وتوافر فرص التصدير بوتيرة أفضل من أي وقت مضى، ويبقى من المهم ألا يكون للاسم التجاري أي معنى سلبي في الثقافات الأخرى (حتى أن اللون يعتبر موضوعاً حساساً في بعض الدول مثل انجذاب المستهلكين في الصين للون الأحمر).
وعن الاستفادة من التحرر الاقتصادي قال: «توفر عملية تحرير الاقتصاديات العالمية مجالا رحباً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة»، مشيراً إلى أن هذه المؤسسات ستستفيد من اتفاقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين التي دخلت حيز التنفيذ في بداية أغسطس/ آب الماضي خصوصاً أن الولايات المتحدة المرتبة تحتل الأولى في العالم من حيث ضخامة الواردات والتي بلغت ألفي مليار دولار في العام 2005.
وأكد أن البحرين ستستفيد من اتفاقات التجارة الحرة التي تبرمها منظومة مجلس التعاون الخليجي مع المجموعات والدول الأخرى، وهناك محاولات جادة للوصول إلى اتفاق شاملة لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون مع نهاية العام الجاري. والحال نفسه ينطبق بخصوص إبرام اتفاق بين دول المجلس والصين (في مجال السلع) كخطوة أولى.
وعن تقدير اختلاف الثقافات والأسواق قال: «المطلوب من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تفهم كيفية الحصول على موطئ قدم لها في الأسواق الأخرى. من بين الأمور المهمة، لا مناص من تعديل الأساليب التسويقية وجعلها تتلاءم وطبيعة الأسواق المختلفة. وليس هناك مكان لعبارة (البضاعة المباعة غير قابلة للرد والاستبدال) في السوق الأمريكية. فالمستهلك يطلب الخدمة والقيمة والجودة في كل الظروف».
وأوضح أهمية الوعي بوجود اختلافات جوهرية حتى بين الأسواق القريبة من بعضها بعضاً نظراً لاختلاف ظروف المنافسة على أقل تقدير. وقال: «هناك الكثير من العوامل الثقافية المشتركة بين المستهلكين في دول مجلس التعاون لكن طبيعة المنافسة تختلف بين الأسواق، على سبيل المثال مني مطعم بحريني بخسارة ثقيلة ضخمة بعد دخوله لسوق دبي ظنا منه أن بمقدوره الاستفادة من الطفرة التجارية في الإمارة».
وأشار إلى أهمية الدخول في شراكة استراتيجية إذ أنه من المناسب الدخول إلى الأسواق الجديدة عن طريق الشراكة مع المؤسسات المحلية وذلك في إطار خطة استراتيجية. بل يلاحظ أن شركات عالمية معروفة مثل (ماركس أند سبنسر) دخلت إلى السوق الأمريكية عن طريق شراكة استراتيجية مع إحدى الشركات المحلية والتي كانت بدورها تتمتع بقاعدة راسخة من الزبائن.
وعن توظيف إدارة مهنية قال: «من حيث المبدأ ليس من المناسب أن يقوم صاحب العمل بإدارة المشروع التجاري في حال فقدانه للمهارات اللازمة. والصواب هو توظيف أفراد يتمتعون بالصفات الإدارية اللازمة في عالم سريع التغيير».
وذكر بأن الغالبية العظمى من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تفشل في الاستمرار في التجارة لعدة أسباب وفي مقدمتها الإدارة السيئة. والمعروف بأن أربعاً من كل خمس مؤسسات تخرج من المنافسة في غضون خمس سنوات بعد مزاولة التجارة.
وتحدث الاقتصادي جاسم حسين عن مميزات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قائلاً: «تتميز هذه المؤسسات ببعض الصفات الإيجابية في زمن العولمة مثل القدرة على التكيف وإيجاد الوظائف وتصنيع السلع الجديدة وضمان توافر المنافسة».
وأضاف: «تضمن الشركات الصغيرة والمتوسطة المنافسة وبالتالي تقديم الخدمات المناسبة للمستهلكين. كما أن هذه المؤسسات تساهم في إحياء مناطق البلاد فضلا عن كونها توفر خدمات للشركات الكبيرة».
وقال: «يجب التأكيد على أهمية التركيز على مجال التصنيع نظرا لتزايد فرص التصدير إلى الأسواق الأخرى. تقليديا يعتبر مجال التصنيع الأقل شهرة لدى المستثمرين في الشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب عامل المخاطرة. بالمقابل هناك ميل نحو قطاعات الخدمات مثل المطاعم والصالونات والخدمات الطبية فضلا عن أنواع مختلفة من الخدمات المالية مثل محلات الصرافة. بالإضافة إلى ذلك، يرغب عدد لا بأس من المستثمرين الدخول إلى قطاعات التوزيع وخصوصاً تجارة التجزئة مثل البرادات وبيع الملابس والمجوهرات».
وأوضح أن المطلوب من المستثمرين الاستفادة من التطورات الاقتصادية في مملكة البحرين وذلك في ضوء توجه الحكومة نحو تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي. فحسب ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة هناك ثلاث مبادرات تنموية تركز عليها البحرين لغرض تحقيق الازدهار في المستقبل، وهي تحفيز القطاع الخاص، تطوير القطاع الحكومي، الاستثمار في الكوادر المواطنة
العدد 1468 - الثلثاء 12 سبتمبر 2006م الموافق 18 شعبان 1427هـ