يتبنى البابا بنديكت السادس عشر استراتيجية مختلفة عن سلفه يوحنا بولس الثاني في ما يتعلق بالعلاقة مع الإسلام، يبدو مقتنعا بصوابيتها مع أنه عبر عن الأسف للعالم الإسلامي، وفق ما أعتبر عدد من الخبراء.
وقال خبير الشئون الفاتيكانية في صحيفة «لا ريبوبليكا» ماركو بوليتي: «في حين كان يوحنا بولس الثاني يشدد في حواره مع الإسلام على الإيمان برب واحد ويجعل من هذا الإخاء العنصر الأساسي في النضال المشترك ضد العنف، تبنى يوزف راتسينغر موقف شخص يشرح منذ البداية، ما ينبغي القيام به».
وأشار الحبر الأعظم خلال زيارته لألمانيا الأسبوع الماضي في خطاب لاهوتي إلى العلاقة بين الإيمان والعنف والعقل، ما أثار ردود فعل مستنكرة في العالم الإسلامي الذي رأى في كلام البابا إشارة ضمنية إلى وجود رابط بين الإسلام والعنف.
واعتبر بوليتي ان «البابا (يوحنا بولس الثاني) بنى استراتيجية حوار مع النخب الإسلامية في العالم أجمع. وصار قائدا روحيا محترما ومسموعا». بيد أن خلفه تبنى منذ وصوله إلى منصبه استراتيجية مختلفة.
ولاحظ بوليتي «في قداسه الافتتاحي، إن بنديكت ألغى أية إشارة إلى العلاقات الأخوية مع الدين التوحيدي الإسلامي».
ولم يحضر البابا شخصيا هذا العام اللقاء الذي يضم ممثلين عن الأديان كافة في اسيزي الايطالية، وهو اجتماع سنوي يعقد منذ عشرين عاما أطلق بناء لمبادرة من سلفه يوحنا بولس الثاني، بل اكتفى بإرسال رسالة إليه.
ويستبعد كاتب افتتاحيات الصحيفة ستامبا روسوني من جهته «أي خطأ في التواصل» أو «مجرد سوء فهم» في خطاب البابا، معتبرا ان الحبر الأعظم كان يدرك ما يفعله عندما اقتبس مقطعا من حوار بين الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوغ (1350-1425م) وعالم فارسي.
واعتبر ان «الأستاذ الجيد لا يلجأ إلى استعمال اقتباس حاد دون أن يضع الاقتباس بطريقة نقدية في إطاره الصحيح».
وتابع انه في خطاب البابا الذي يدين أعمال العنف التي يتم تبريرها بأسباب دينية، كان من المناسب إدراج «مقطع يحتوي على نقد ذاتي» عن الدين الكاثوليكي.
ويشير الخبير بشئون الفاتيكان في أسبوعية «لاسبريسو» ساندرو ماجيستر ان البابا بنديكت يؤيد مقاربة تقوم على «أقل من الدبلوماسية والمزيد من الإنجيل»، بخلاف البابا يوحنا بولس الثاني الذي كان يتواصل بطريقة أفضل مع كل القادة الدينيين.
وأشار ماجيستر على موقعه على الانترنت «هذا هو المعيار أقل من الدبلوماسية والمزيد من الإنجيل، الذي دفع البابا إلى إلقاء خطابات خلال زيارته لألمانيا تخرج عن المألوف سياسيا وتحمل معاني تفجيرية».
واعتبرت بعض الصحف الأجنبية مثل «الموندو» في إسبانيا الاثنين الماضي ان هناك اختلافا واضحا بين مقاربة البابا الحالي والسابق بالنسبة إلى العلاقة مع الإسلام.
وأشارت الصحيفة إلى أن «يوحنا بولس الثاني بذل الوقت والجهد لتهدئة التناقضات بين مختلف الديانات. وفي ما يتعلق بالإسلام، أطاح يوزف راتسنغر بخطاب واحد كل العمل الذي قام به سلفه».
وخلص بوليتي إلى القول انه ينبغي «إعادة بناء» استراتيجية الفاتيكان مع الإسلام كلياً.
أ ف ب
العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ