تعرض لحادث مرور وأصيب إثره بإعاقة مستديمة
«التربية» تتنصل من مسئولياتها في تهيئة بيئة مناسبة لطفل يتيم معاق
إن واجه الانسان مشكلة ما يا ترى مِن من يطلب المساعدة والى من يلجأ؟ أليس الى الجهة والمصدر الذي اوكل نفسه مسئولا عن رعاية وادارة مصالح الناس؟ اليس الى الجهة التي تعمدت عبر شعارها المعلن وتصريحاتها المتتالية وقدرتها على تذليل كل العقبات التي تعترض مسيرة الناس في اي حقل من الحقول المعنية بشئونها وتحديدا الحقل الذي يهمنا بهذا الصدد هو الحقل التربوي والتعليمي على حد سواء، هي مشكلة مزدوجة صحية وتربوية وكانت تمثل لنا تحدياً صحياً كبيراً تمكنا بفضل الله وعونه أن نتخطى عقبة تلو الاخرى وكلما اعترضنا حجر بايماننا بقدرة رب العباد استطعنا تخطيها وتحطيم صخورها الصلبة دون أن نحسب لوجودها أي موضع حساب واهتمام...
هي قصة شاب في مقتبل العمر بالصف السادس الابتدائي شاء القدر والقضاء ان يتعرض لحادث مروري مروع كاد ان يقضي على حياته ولكن بمعجزة إلهية وبأعجوبة تمكن من البقاء حياً... تتمثل تفاصيل وقوع الحادث في أنه بعد عودته من مدرسته وأثناء نزوله من حافلة المدرسة فجأة وبصورة مباغتة اصطدمت به حافلة مدرسة، وأوقعته طريحا ما بين الحياة والموت، بتاريخ 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، اثناء يوم الحادث نقلنا المصاب وخضع حينها الى اكثر من 15 عملية جراحية لترقيع ما يمكن ترقيعه من الكسور التي حصلت بفعل قوة الصدمة سواء كانت في منطقة الحوض للطفل ام في فقرات الرقبة او في الظهر ام في البطن والكثير الكثير من العمليات الجراحية التي خضع اليها آنذاك وعلى إثر شدة الضربة والاصابات البليغة المتفرقة وتضرر الجهاز البولي والتناسلي، مكث الطفل في المستشفى لمدة تزيد على 9 اشهر، حتى بلغنا معه الى مستوى أفصح فيه طبيب واستشاري جراحة بانهم لا يستطعون تحقيق اي تقدم وتطور ملموس على حالة الطفل المريض، وبالتالي يحتاج الى متابعة وإخضاعه الى جراحات أخرى في الخارج.
بفعل التحركات الداخلية على نطاق مستشفى السلمانية والصولات والجولات الدؤوبة التي خضتها انا خالة المريض مستعينة بتصريح ذات المسئول الذي أقر بعدم وجود أي فائدة كما أن امكانية وطاقة السلمانية قد وصلت معه الى آخر مستوى بامكانه ان تساعده فيه، وبالتالي من الضرورة اخضاعه الى متابعة وعلاج بالخارج، حتى تمكنا نحن الأسرة بعد متابعة حثيثة ان نحظى على موافقة وقبول بتسفيره للخارج وتحديدا الى المانيا في يوم 8 يونيو/ حزيران 2010، اذ خضع هنالك الى اكثر من متابعة طبية وجراحة تمكنا من خلال ذلك ان نحقق تقدما ملموسا على مستوى استقامة كلتا القدمين وتمكنه من الجلوس على الكرسي بعدما جعلته الكسور التي أصيب بها مشلولا كليا عن الحركة وطريح الفراش دوما ومصاب باعاقة مستديمة...
عموما خلال عودتنا من السفر في منتصف يناير/ كانون الثاني 2011، ارتأينا نحن انه من الضروري ان نتابع شأن ووضع دراسته في المدرسة، وما آل اليه وضعه ومصير دراسته والتحاقه بالمدرسة، وعلى ضوء ذلك الحرص والاهتمام، توجهت بحكم انني قريبة من فهم حالته الى مدرسته مستفسرة منهم عن مصير الطفل وآمال عودته الى المدرسة، في بادئ الامر تذرعت المدرسة لي شفهيا بانها لا تستطيع ان تمنح للطفل فرصة لأجل تقديم امتحانات الفصل الدراسي الفائت كي يتمكن من اجتياز مرحلة الصف السادس الابتدائي لأنه حسب تبريرهم عدد ايام غيابه كثيرة وبلا عذر، رغم انني قد اوضحت لهم كافة الأعذار الطبية والتقارير الكثيرة التي توجز حالته الصحية بالتفصيل، والناتجة عن الحادث المروري المأساوي ولكن قوبل طلبي بالرفض، ولأن مسألة متابعة أمر التحاق الطفل بالمدرسة جاءت في ظروف نفسية وأمنية مضطربة تعاني منها البحرين مما دعاني الى نقل المشكلة الى وزارة التربية والتعليم بغية الحصول على علاج مجدٍ وجذري للطفل الذي من حقه ان يحصل على التعليم فيما يشكل المستوى الاجتماعي الذي يعيشة (كيتيم وطفل ويعيش مع والدته التي لا تعمل في شقة ايجار) عائقا ضد تحقيق الكثير من الامور التي هي بامس الحاجة الفعلية اليها ابسطها السرير الطبي الذي يتوافق مع اعاقته.
خلال المقابلة التي جمعتني مع مسئول التعليم الاعدادي، وأوضحت لها كافة الظروف الصحية والنفسية التي يعاني منها الطفل، وفي حالة وجدت الوزارة - كمقترح قد تقدمت به وافصحت لها علنا- وطالبت بعودته الى صفوف المدرسة اقترحت بنودا إن عملت على تنفيذها ستكون قد أدت المهمة الموكلة إليها، وتكون قد بثت الراحة والسكينة في قلوب ذويه، وضمان امنه وسلامته من اي سوء وضرر لا سمح الله قد يواجهه ويعترضه اثناء انتظامه في الدراسة ابرزها تغيير المدرسة بحكم ان مدرسته السابقة الملتحق بها قبل الحادث تكثر فيها شكاوى العنف الواقعة بين الطلاب انفسهم فيما الطفل ذاته يعاني من اعاقة وأي عنف لا سمح الله قد يتعرض له فان الامر يحيله الى حالة الضياع مرة اخرى، كما انه من الاجدى على «التربية» ضمن المقترحات التي طرحتها كخالة المريض عليها توفير مواصلات له تتواءم مع ظروفه الخاضة، لكونه يجد صعوبة في الصعود الى فصله بالطابق العلوي، ويضطر على اثر ذلك الى استخدام السلم وهو امر يعجز عن تحقيقه...
وعلى ضوء تلك المقابلة حُدد لي موعد آخر مع مسئولة التعليم الخاص، هنالك طلبت المسئولة الأخيرة حضور الطالب المريض شخصيا لأجل معاينته عن كثب وعن قرب، وقررت المسئولة خلال المقابلة لضمان سلامته أن ينتظم في صف يتكون طلابه من اعداد قليلة وهم من فئة المتخلفين عقليا، في هذه الاثناء رفضت القبول بهذه الفكرة بحكم ان الطفل سليم عقليا ولا يوجد به أي ضرر عقلي وإعاقته جسدية فقط كما ان مسألة انخراطه في صف المتخلفين عقليا سيساهم في تفاقم حالة الطفل نفسيا من سيئ الى اسوأ خاصة انه من المتفوقين على مستوى التعليم والاذكياء قبل أن يصاب في حادث مروري.
في ختام المقابلة تقرر عقد لقاء آخر يجمعني معها، ولقد تزامن موعد المقابلة اللاحقة في نفس الفترة المقرر فيها سفر الطفل كمرحلة علاج ثانية الى ألمانيا، وعلى ضوء الاحداث الامنية المؤسفة قد ألغي السفر، وتحدد وقت سفر آخر خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وبناء على ذلك اتفقت مع المسئولة انه بعد العودة من السفر سنناقش ونتباحث في وضع الطالب، استغرقت السفرة نحو 5 اشهر تقريبا ووقت العودة بمنتصف مارس/ آذار 2012، وسرعان ماتوجهت الى ذات المسئولة التي وعدتني بدراسة الوضع في اعقاب عودته من رحلة العلاج بالخارج، واثناء المقابلة اوجزت المسئولة لي عدة نقاط وجيمعها تنصب على مفهوم واحد، مفاده تنصل وزارة التربية من ابرز مهامها ودورها المتمثل في تهيئة واعداد بيئة واجواء مناسبة لتعليم طالب يعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة بفعل حادث عرضي قد واجهه، وكانت ابرز هذه المقترحات المطروحة توفير مدرس خصوصي الى الطالب يشرف على تدريسه في المنزل ويتحمل كلفة ذلك الاهل انفسهم!، سرعان ما رفضتُ القبول بهذا المقترح بحكم ان المستوى المادي الى اسرة الطفل لا تحتمل هذه النفقات ناهيك عن نفقات مستلزماته الطبية والصحية غير المتوافرة في صيدلية السلمانية ونضطر اثر ذلك الى شرائها من مالنا الخاص، كما ان الطفل يتيم الاب ولقد ترك لهم سجلاً تجارياً (كراج) تارة يدر عليهم ربحا وتارة اخرى تكسد التجارة خاصة ان من يتابع شان السجل طفل لم يبلغ مرحلة الرشد والنضج لتدبير ومراقبة عمل العامل في السجل، عوضا عن ام لا تعمل وأطفال يتامى آخرين تعيلهم الاسرة يحصلون على معونة اليتامى فقط المقدرة بنحو 30 ديناراً، أما المقترح الثاني الصادر من المسئولة التربوية نفسها هو ان يتكفل الاهل بتوفير مواصلات خاصة معنية بنقل الطالب من وإلى المدرسة، ناهيك عن وجود مرافق للطفل من ذويه كي يجلس معه طوال حصص التعليم وآخر مقترح الاشراف على تدريس الطفل داخل البيت فيما التربية تتحمل مسئولية فقط تقديم الامتحان له في المدرسة، ولأجل ذلك توصلت المسئولة الى نتيجة مجدية مفادها من الاهمية ان يلتحق بصفوف مرحلة محو الامية! وآخر مقترح توصلت اليه هو جلوسه في البيت لضمان سلامته عوضا عن امضاء الاهل على توقيع يتحملون على اثره مسئولية اي خطر وحادث عرضي قد يتعرض له لا سمح الله تحت سقف مبنى المدرسة...
خلاصة تلك المقترحات تنصل الوزارة من اي دور تجاه الطفل ورفع يد المسئولية في متابعة وايجاد حل جذري لمشكلة تعتبر تربوية صرفة ومن المفترض عليها إيجاد العلاج وليس من قبل الاهل وترمي كرة المسئولية عليهم ليتحملوا كلفة تعليمه خاصة ان كان التعليم مصنفاً في مرتبة الالزامية والمجانية وحق من حقوق المواطن حسبما يقر الدستور، فيا ترى اين يكمن دور التربية من وراء كل ذلك خاصة اذا كان الاهل قد ادوا الدور الموكل لهم وتسجيل طفلهم ضمن سجل الطلبة الملتحقين بالدراسة فيما الباقي متروك على عاتق وزارة التربية؟!
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
تتعدد معاني الشرعية السياسية وفقاً لتعدد المدارس والرؤى التي يمكن أن تفسّر هذا المفهوم السياسي بحسب تصورها الخاص، وبما يتناسب مع قناعاتها. ومع ذلك نجد أن هذا المفهوم كثير الاستخدام ومتعدد الدلالات. فماذا يعني؟
الشرعية السياسية بمفهومها المبسط تعني وجود شكل من أشكال الرضا والقبول المتبادل في الشأن السياسي. وبالتالي يمكن تطبيق هذا المفهوم المبسط جداً على العديد من الظواهر، مثلاً عندما يتم وصف نتائج الانتخابات البرلمانية بأنها انتخابات تتمتع بـ (الشرعية السياسية) فإن المقصود من هذا الوصف أنها تحظى بالقبول والرضا من قبل معظم الأطراف داخل النظام السياسي. وكذلك الحال عندما يتم وصف أحد الأنظمة السياسية الحاكمة بأنه نظام يتمتع بـ (الشرعية السياسية) فإنه بالفعل يتمتع بالقبول والرضا من قبل مكونات المجتمع، وفي الوقت نفسه من القوى الإقليمية والدولية تجاه هذا النظام.
وعملية الرضا والقبول المتبادل تتطلب تنظيماً، وهو ما يوفره الدستور والقوانين الوطنية التي يفترض أن تقوم بدور الحامي الرئيسي للشرعية السياسية للدولة أو للنظام الحاكم ولمؤسسات الدولة. وبالتالي فإن هذا التنظيم يقوم على نوع من أنواع الإلزام الطوعي الذي يمكن أن يقبله الجميع تجاه الأوضاع السياسية.
ومن الأهمية بمكان بيان الفرق بين الشرعية السياسية والمشروعية السياسية. فالمفهوم الأول ـ أي الشرعية السياسية ـ يتضمن القدرة على إضفاء الصفة القانونية لشيء ما، كما يتضمن صفة الإلزام، ويترتب عليه تحوّل القوة السياسية إلى سلطة. أما المفهوم الثاني وهو المشروعية السياسية فيقصد به عدم وجود رضا وقبول متبادل بين جميع الأطراف تجاه القضايا السياسية. فعلى سبيل المثال المشروعية لا تعني بالضرورة أن تحظى إحدى مؤسسات الدولة بالاحترام والاعتراف المتبادل من المواطنين وبالتالي قبولهم بالخضوع لإرادتها.
سؤال آخر مهم؛ هل هناك أنواع للشرعية السياسية بحيث يمكن تصنيف الشرعية في مختلف البلدان والمجتمعات؟
ابتكر علماء السياسية وطوروا تصنيفات متعددة للشرعية السياسية، وكان أشهرها وأكثرها دقة إسهامات ماكس فيبر الذي حدد ثلاثة أنواع للشرعية بحسب مصادرها وآلية تشكيلها، وهي كالآتي:
النوع الأول: الشرعية التقليدية: هي الشرعية المستمدة من التاريخ والعادات، بحيث تكون هذه الشرعية متوافق عليها منذ فترة زمنية طويلة، ويتم توارثها جيلاً بعد آخر. ومن أمثلتها الشرعية التي تستند عليها الأنظمة الملكية في العالم، فهذه الأنظمة تقوم على توافق تاريخي قديم بين الأسر المالكة وشعوب هذه البلدان، ويتم توارث هذا التوافق وتجديده أكثر من مرة طبقاً للظروف التي تشهدها هذه الدول. النوع الثاني: الشرعية الكاريزمية: هي الشرعية التي تستند على قوة شخص معين، بحيث يكون هذا الشخص قادراً على التحكم في الدولة وشئونها، ويتمتع بالقبول والرضا الشعبي العام من الجماهير التي تنظر إليه على أنه رمز من رموزها الوطنية، ويكون لهذه الشخصية نفوذ كبير وتأثير هائل على الجماهير وعلى جميع مؤسسات الدولة، بحيث يكون من الصعوبة بمكان منافسته. ومن الأمثلة على هذا النوع من الشرعية النظام الحاكم في مصر خلال فترة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، أو حتى شخصية غاندي الذي كانت شخصيته تتمتع بشرعية كاريزمية واسعة.
النوع الثالث: الشرعية القانونية: هي التي تستند إلى مجموعة من الأطر والقواعد الرسمية القانونية، بحيث يتم تنظيم حال الرضا والقبول المتبادل عبر الدساتير والقوانين والأنظمة الوطنية. ويعتبر هذا النوع من الشرعية أحدث الأنواع التي انتهت إليها الممارسات الإنسانية منذ القرن العشرين. أيضاً يعتمد هذا النوع على إحداث توافق عام من خلال عمليات الاقتراع التي يمكن أن تتم على المستوى الرئاسي، أو على المستوى البرلماني، أو مستوى المجالس البلدية أو المحلية.
وعلى رغم وجود فوارق كبيرة بين هذه الأنواع الرئيسية للشرعية السياسية، فإنه لابد من الإشارة إلى أنه يمكن الجمع بين أكثر من نوع من الشرعية في الدول والأنظمة طبقاً لظروف كل مجتمع واحتياجاته.
في الوقت نفسه فإن هناك فرصاً كبيرة في أن تتغيّر الشرعية السياسية التي تعتمد عليها البلدان. ومن الأمثلة الواضحة على تحوّل الشرعية الانتقال الكبير الذي يمكن أن يطرأ على الأنظمة السياسية الملكية التي تحكم من قبل عائلات متوافق عليها عبر التاريخ وطبقاً لعادات معينة أنها تحولت في حالات كثيرة من شرعية تقليدية إلى شرعية قانونية، وسبب ذلك أنه تم التوافق بين النخبة الحاكمة ومكونات المجتمع على تنظيم طبيعة العلاقات بين الطرفين بشكل قانوني ومكتوب، ويتم ذلك عبر الدستور الذي يمكن أن يطرح في استفتاء شعبي عام، أو حتى ميثاق سياسي كما حدث في البحرين من خلال ميثاق العمل الوطني عندما تقرر تحويل الدولة إلى مملكة دستورية في 14 فبراير/ شباط 2002. ويمكن أيضاً أن تتم هذه العملية من خلال القوانين والأنظمة المحلية التي تساعد على تنظيم حالة الرضا والقبول داخل الدولة نفسها.
ومن أهم القضايا المرتبطة بالشرعية السياسية مبدأ الاحترام المتبادل القائم على قواعد الدستور وأنظمة القوانين. ويعني ذلك أنه عندما يكون هناك توافق عام على شرعية شخص ما أو مؤسسة ما فإن هذا التوافق يتطلب بالضرورة احتراماً متبادلاً ويتمتع بصفة الإلزام التي يجب احترامها والحفاظ عليها.
معهد البحرين للتنمية السياسية
العدد 3501 - السبت 07 أبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ
حسبنا الله ونعم الوكيل
الله يكون في عونه
الله يكون بالعون
يسهل الله