العدد 3506 - الخميس 12 أبريل 2012م الموافق 21 جمادى الأولى 1433هـ

العملة العراقية ضحية الحصار المالي على سورية وإيران

يشهد العراق الذي يحصل إيرادات شهرية ضخمة من مبيعات النفط بالدولار، وتحيط به إيران وسورية اللتان تعانيان من حظر مالي دولي، زيادة في الطلب على الدولار تقود العملة المحلية نحو التراجع.

وقال محافظ المصرف المركزي العراقي، سنان الشبيبي لوكالة فرانس برس إن «الأوضاع السياسية غير المستقرة نسبياً في العراق وفي المنطقة المحيطة أوجدت طلباً كبيراً على الدولار؛ ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف هذه العملة مؤخراً».

ورداً على سؤال بشأن إمكانية أن يكون الحصار المالي الدولي المفروض على إيران وسورية تحديداً السبب الرئيس لهذا الارتفاع، أوضح الشبيبي «هذه واحدة من الأشياء، لكن المنطقة التي حولنا عموماً غير مسستقرة نسبياً».

وشهد سعر صرف الدولار الثلثاء (10 أبريل/نيسان 2012)، أعلى مستوى له أمام الدينار منذ نحو 4 سنوات في الأسواق المحلية وهو 1320 ديناراً لكل دولار، بعد أن كان الأسبوع الماضي مستقراً عند مستوى 1230 ديناراً للدولار الواحد.

وسارع مجلس الوزراء أمس الأول الأربعاء (11 أبريل الجاري) إلى إعلان تشكيل لجنة لدراسة «تذبذب سعر صرف الدينار العراقي ولتقديم الحلول المناسبة لدرء الضرر عن الاقتصاد الوطني»، بحسب ما أوردت قناة «العراقية» الحكومية في خبر عاجل.

وتخضع إيران وسورية إلى عقوبات مالية دولية، الأولى بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، والثانية بسبب قمع حركة احتجاجية متواصلة منذ نحو عام.

وتدفع هذه العقوبات إيران وسورية اللتين تشهدان تدهوراً في عملتيهما إلى التفتيش عن عملة صعبة قد يكون العراق الذي يشهد منذ نهاية العام الماضي أزمة سياسية، أحد مصادرها الرئيسة بما أنه يقيم علاقات تجارية وسياسية جيدة مع هاتين الدولتين.

وأكد الشبيبي أنه «عند مطلع السنة، ازداد الطلب على الدولار بنسبة كبيرة تراوحت بين 40 إلى 50 في المئة».

وأضاف أن العراق الذي تبلغ إيراداته الشهرية من النفط أكثر من 7 مليارات دولار «يملك احتياطات كبرى من الدولار (نحو 60 ملياراً)؛ إلا أن هذا الأمر لا يعني أنه يجب استخدامها من دون سيطرة أو مراقبة».

وأعلن المصرف المركزي في فبراير/شباط تطبيق إجراءات جديدة حيال مبيعاته من الدولار، تنص خصوصاً على أن يعرف المصرف الشاري عن زبائنه الذين طلبوا منه شراء هذه العملة.

وأدّى هذا الأمر إلى انخفاض كبير حينها في مبيعات الدولار في مزاد البنك المركزي الذي يقام كل أسبوع بين يومي الأحد والخميس؛ إذ بلغت المبيعات بضعة ملايين؛ إلا أنها عادت في أبريل لتتراوح بين 50 و250 مليون دولار.

ويقول صاحب محل للصيرفة في منطقة الكرادة وسط بغداد، محمد العمري (40 عاماً) إن «سعر صرف الدولار ظل مستقراً من العام 2008 وحتى مطلع العام الجاري».

ويضيف «الشارع يحتاج إلى الدولار (...) والمزاد عندما لا يضخ الدولار يجبرنا على التوجّه إلى السوق السوداء».

بدوره يؤكد سعد هادي علوان (37 عاماً) الذي يملك محلاً للصيرفة في المنطقة ذاتها «اتخذنا قبل ثلاثة أيام قراراً بان نتوقف نهائياً عن التعامل بالدولار».

ويتابع «كنت أصرف بين 50 الى 150 ألف دولار في اليوم الواحد؛ لكنني توقفت عن ذلك ما إن بدا التذبذب وبدأت أخسر».

وجاءت خطوة البنك المركزي وسط شكوك مسئولين عراقيين حول محاولة تجار إيرانيين وسوريين شراء الدولار.

وشدّد الشبيبي على أن «تمويل دول الجوار بالدولار ليس أمراً مقصودا لأن العراق بالأساس يعتمد على الاستيراد بشكل كبير، لكننا على رغم ذلك شعرنا بأن هناك أشياء تطلب تفوق حاجة الاستيراد».

وذكر الشبيبي الذي يستعد للمثول أمام البرلمان لمناقشة مسألة ارتفاع سعر صرف الدولار، أن العراق «لا يبحث حالياً وقف المزادات» على هذه العملة، مؤكداً أن «الأمور تحت السيطرة».

ويقول الخبير الاقتصادي العراقي هلال الطحان لـ»فرانس برس» أن «الدولار أصبح في الفترة الأخيرة يهرّب إلى الخارج»، مضيفاً أن «العراق هو الدولة الوحيدة بين جيرانه الأقرب التي تحصل على إيرادات ضخمة من النفط بالدولار».

واقترح «وقف المبيعات لفترة معيّنة»، محذراً من أنه «عندما ينخفض سعر العملة المحلية تتزعزع ثقة المواطن بها وترتفع بعد ذلك أسعار المواد الغذائية ومواد الإعمار والإيجارات وجميع ما يخص أوجه الحياة».

وفي محل لبيع الأدوات الكهربائية في منطقة العرصات وسط بغداد، تجلس مجموعة من البائعين بانتظار زبائن، فيما يرحّب مدير المبيعات باسم الشمّري (40 عاماً) بأي زائر «كوننا نجلس بلا عمل أصلاً».

ويقول الشمّري إن «المجتمع العراقي يخاف من الشراء عندما تهتز أسعار الصرف ولا تستقر. فإذا استقرت السوق على 1200 دينار نشتغل، أو حتى على 1500 نشتغل أيضاً؛ لكن الصعود والنزول يقتل السوق بكل مفاصله».

ويضيف الشمّري أن «التذبذب بدأ قبل نحو أسبوع، وهذا الأمر لم يؤثر على سعر البضاعة لأننا نشتري بالدولار ونبيع بالدولار، لكن ما تتأثر هي حركة السوق، وقد انخفضت مبيعاتنا بالفعل نحو 50 في المئة».

العدد 3506 - الخميس 12 أبريل 2012م الموافق 21 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً