أصدرت المحكمة الكبرى الإدارية برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية القضاة حسام محمد طلعت، وأشرف علي عبدالهادي، وأمل أحمد أبل وأمانة السر عبدالله إبراهيم عبدالله، بإلغاء القرار المطعون فيه بإنهاء خدمة المدعي بالاستقالة الضمنية اعتباراً من 7 أبريل/ نيسان 2011 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليها المصروفات ومبلغ عشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة.

وكان المحامي محمد الجشي تقدم للمحكمة بمذكرة شارحة طالب الحكم بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، وقبل الفصل في الموضوع بضم ملف المدعي للوقوف على الإجراءات التي اتخذت بمواجهته، وبإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي عن الوزارة بالاستقالة الضمنية وما ترتب عليه من آثار، وإلزام المدعى عليها بالرسوم والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل بوظيفة ممرض عام بمستشفى السلمانية وبتاريخ 9 يونيو/ حزيران2011 تم إخطاره بإنهاء خدمته باعتباره مستقيلاً من العمل اعتباراً من 7 أبريل/ نيسان 2011 وذلك على سند من تغيبه عن العمل ابتداءً من 7 أبريل حتى تاريخ 21 من الشهر ذاته على رغم أن انقطاعه عن العمل كان بسبب خارج عن إرادته لكونه كان محبوساً احتياطياً منذ 6 أبريل وحتى 27 أبريل 2011 ما يكون معه قرار إنهاء خدمة باعتباره مستقيلاً ضمنياً مشوباً بالبطلان.

وقدم المدعي سنداً لدعواه نسخة من إشعار إنهاء خدمته، وقد تداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث حضر وكيل المدعي وقدم نسخة من شهادة صادرة عن وزارة الداخلية تفيد بتوقيف المدعي خلال تلك الفترة، كما حضر ممثل المدعى عليها وقدم حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وقدم وكيل المدعي مذكرة بالرد.

وقد أصدرت المحكمة حكمها وقالت من خلاله: «حيث إن المادة رقم (28) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2010 تنص على أن (يعتبر الموظف مستقيلاً إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متصلة أو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة ويتعين إنذار الموظف كتابة بعد خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرين يوماً في الحالة الثانية. فإذا قدم الموظف خلال العشرين يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول يجوز للسلطة المختصة احتساب مدة الانقطاع إجازة سنوية أو مرضية إذا كان له رصيد منها يسمح بذلك وإلا اعتبرت إجازة خاصة من دون راتب. فإذا لم يقدم الموظف أسباباً تبرر الانقطاع أو قدمها ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل في حالة الانقطاع المتصل، ومن تاريخ إتمام مدة الثلاثين يوماً في حالة الانقطاع غير المتصل)».

وأضافت «وحيث إن مفاد ذلك أن المشرع اعتبر الموظف المنقطع عن عمله المدد المنصوص عليها في المادة 28 المشار إليها مقدماً استقالته إلا أنه تشترط لإعمال هذا الأثر أن تتوافر عناصر الاستقالة الضمنية وتتكامل أركانها ذلك أن هذه الاستقالة الضمنية شأنها شأن الاستقالة الصريحة تقوم على إرادة العامل فإذا كانت الأخيرة تستند إلى طلب مقدم منه فإن الاستقالة الضمنية تقوم على اتخاذه موقفاً ينبئ عن انصراف نيته إلى الاستقالة بحيث لا تدع ظروف الحال أي شك في دلالته على حقيقة المقصود ويتمثل الموقف في الإصرار على الانقطاع عن العمل، وقد أخذ المشرع هذا الأمر في الحسبان عند صياغته لنص المادة 28 بقوله: (يعتبر الموظف مستقيلاً...) فأراد أن يرتب على الاستقالة الضمنية إذا ما توافرت عناصرها وتكاملت أركانها ذات الأثر المترتب على الاستقالة الصريحة وهى انتهاء خدمة الموظف، وهذه الإرادة من جانب الموظف بالنسبة إلى نوعى الاستقالة هي التي تمثل ركن السبب في القرار الإداري وهو قرار إنهاء الخدمة، ومن ثم فإنه إذا ما ثبت أن انقطاع الموظف عن عمله كان أمراً خارجاً عن إرادته فلا يجوز إنهاء خدمة الموظف في هذه الحالة».

وتابعت المحكمة «ولما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق على نحو ما هو ثابت من الشهادة الصادرة عن مركز شرطة العاصمة بتاريخ 15 سبتمبر/ أيلول2011 أن انقطاع المدعي عن عمله خلال الفترة من 7 حتى 21 أبريل كان لأمر خارج عن إرادته، بسبب أنه كان موقوفاً في قضية جنائية من تاريخ 7 أبريل 2011 لغاية 27 أبريل 2011 بأمر النيابة العامة، فلا يجوز للجهة الإدارية المدعى عليها الاستناد إلي حكم المادة (28) المشار إليها الأمر الذي يغدو معه قرار إنهاء خدمته للانقطاع مخالفاً لحكم القانون لانتفاء ركن السبب الذي قام عليه جديراً بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار. وحيث إنه عن الطلب المستعجل فإن المستقر عليه أن الفصل في الموضوع يغني بحسب الأصل عن بحث الطلب المستعجل».