استضاف مهرجان الخليج السينمائي في دورته الخامسة منتديات «ليالي الخليج» النقاشية التي أقيمت عند منتصف كل ليلة من ليالي المهرجان وأدارها عدد من أهم خبراء السينما.
وقدم مدير العلاقات الدولية في مهرجان دبي السينمائي الدولي، أنطوان خليفة ،أول جلسة نقاشية وكان موضوعها «لقاء المشرفين على سوق السيناريو للأفلام الخليجية القصيرة»، وهي المبادرة الجديدة التي أطلقها مهرجان الخليج السينمائي لصقل وتطوير مهارات كتابة النصوص السينمائية والسيناريوهات لدى الكتاب والسينمائيين من المنطقة، وإتاحة المجال لهم كي يتعاونوا مع المخرجين والمنتجين، وتقديم المساعدة لهم لتحويل مشاريعهم السينمائية إلى أفلام واقعية. وتحدث خلال الجلسة كلّ من الناقد محمد خان، وميشيل كمون، والروائي البحريني فريد رمضان؛ إذ قاموا بمشاركة رؤاهم وخبراتهم بشأن أهمية السيناريو القوي.
أقيمت الليلة الثانية تحت عنوان «الضوء الصامت: محمد حسن أحمد»؛ إذ أدار الحوار فيها أحمد سالمين. خلال هذه الجلسة أكد محمد حسن أحمد وهو أحد أهم وأبرز كتّاب السيناريو في دولة الإمارات العربية المتّحدة، وجوب أن تقدّم السينما الإماراتية قصصاً تعكس المجتمع المعاصر والقضايا الواقعية التي تهمّ الناس العاديين بدلاً من التركيز على الماضي القريب. وأضاف أنه لا ضير في أن تتحدث النصوص والقصص السينمائية عن الماضي؛ ولكن على السينمائيين أن يستكشفوا ماضي الدولة، حتى ما قبل السنوات الـ40 الماضية، ويبدعوا قصصاً نابعة من تاريخ الدولة العريق، وإرثها الأصيل. يحمل الكاتب في جعبته العديد من الأفلام، ومنها الفيلم الطويل المميّز «ظلّ البحر»، كما يحمل عدداً من الأفلام القصيرة الحاصلة على الجوائز، بما في ذلك «سبيل»، و»بنت النوخذة»، و»تنباك» من الإمارات العربية المتّحدة، و»ماي الجنة» من الكويت.
وخلال هذه الجلسة، قام أحمد بتقديم أحدث كتبه «الضوء الصامت»، وأقراص الـDVD المرفقة، ليعرض من خلالها لمحة عن توجّهاته في السينما، والقطاع السينمائي في الدولة. ويحوي الكتاب على عدد من النصوص السينمائية التي تعطي محبّي السينما وعشّاقها نظرةً شاملة لفهم واستيعاب عملية كتابة السيناريوهات.
عرضت الدورة الحالية من المهرجان 4 من أفلام «أحمد»، وهي «أصغر من السماء» للمخرج عبدالله حسن أحمد؛ و»راس الغنم» للمخرج جمعة السهلي؛ و»الفيل لونه أبيض» للمخرج وليد الشحي؛ وجميعها مشاركة في مسابقة المهرجان الرسمية الخليجية للأفلام القصيرة، إلى جانب فيلم «ظل البحر».
وأوضح الكاتب أن التطورات التقنية جعلت عملية صنع الأفلام وإنتاجها أمراً أسهل من ذي قبل، ولكنه ذكر أن على السينمائيين ألا ينسوا ضرورة وجود قصة جيدة ومحبوكة، فاستخدام البهارج البصرية والتقنيات الحديثة لا يضمن إنتاج فيلم جيد، وأكد أهمية تحقيق الانسجام والتناغم ما بين الكاتب والمخرج للحصول على فيلم ناجح.
في الليلة الثالثة أدار مدير المهرجان مسعود أمرالله الحوار الذي قدم تحت عنوان «خلف الكواليس». وسلطت الجلسة الضوء على خبراء السينما المسئولين عن جوانب الإنتاج السينمائي والذين يعتبرون الجنود المجهولين في عملية صناعة الفيلم وغالباً ما يتمّ التغاضي عن الجهود الحثيثة التي يبذلونها. شارك في الجلسة كل من المصوّر السينمائي وخبير المونتاج والمؤلّف الموسيقي علي مطر (أفلام «لبن مثلّج»، و»مكتوب»، و»أضغاث»)، والمصوّر السينمائي سمير كرم (فيلم «أصغر من السماء»)، والمؤلف الموسيقي البحريني محمد حداد (فيلم «هنا لندن»)، والمخرج الفني أحمد حسن أحمد (فيلما «سبيل»، و»الفيل لونه أبيض»).
وقد أجمع المتحدّثون كافة خلال الجلسة على الحاجة الماسّة لرعاية الكفاءات في منطقة الخليج، بغية تأسيس قاعدة متينة من المواهب لدى الخبراء السينمائيين، عبر مختلف جوانب الإنتاج السينمائي. وتكمن أهمية ذلك، بحسب تعبيرهم، في أنه يساهم بالدفع قُدماً في عملية إنتاج أفلام ذات جودة عالية في منطقة الخليج.
وقال محمد حداد، الذي أتمّ تدريباته في الموسيقى في مصر، إن المخرجين لا يأخذون، في معظم الأحيان، مفهوم الموسيقى التصويرية، على محمل الجدّ. وأضاف في هذا السياق: «يركّز معظم المخرجين على الأغاني، ولكن الموسيقى تشكل جزءاً مكملاً لا يتجزأ من الصناعة السينمائية. أعشق الموسيقى التصويرية، وأفضل العمل إلى جانب المخرجين الذين يمنحونني المجال باستعراض إبداعاتي ومواهبي. تعمل الموسيقى على تحسين جودة الصورة السينمائية، ونحن بحاجة ضرورية إلى وجود مخرجين شغوفين بدمج الموسيقى بالسينما.»
وأكد المتحدثون الأربعة أنهم شغوفون بما يعملون؛ الأمر الذي يشجّعهم على التجريب، ويدفعهم قُدماً نحو الأمام لتقديم المزيد من الأعمال المتميّزة، على رغم النظر إلى عملهم على أنه يتمّ في الظلّ، و»وراء الكواليس». وأشاد الخبراء بالأعمال الرائدة التي يقدّمها خبراء السينما المخضرمون، من قبيل مسعود أمرالله، الذي كان مصدر إلهام كبيراً لهم، إذ حثّهم على مشاهدة الأفلام من منظور مختلف لم يعهدوه. الليلة الرابعة، التي أقيمت تحت عنوان «الأردن: حالة سينمائية»، ألقت الضوء على الأفلام السينمائية التي تمثّل الأردن؛ إذ عرض المهرجان 7 أفلام أردنية في برنامج «في دائرة الضوء». وادار أنطوان خليفة حوار الجلسة التي استكشفت إسهامات المؤسسات المختلفة في تطوير قطاع صناعة الأفلام في الأردن، ومشاركاتها في وضع حجر الأساس لمستقبل الفنون السينمائية في هذا البلد.
العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ