العدد 1405 - الثلثاء 11 يوليو 2006م الموافق 14 جمادى الآخرة 1427هـ

المرزوق: التصويت الإلكتروني قد يفتقر إلى الشفافية ويمكن الطعن في كل نتائجه!

طالب بالتريث في تطبيقه (1 - 2)

يشهد التصويت الإلكتروني الذي تهم الحكومة باستخدامه في الانتخابات النيابية القادمة جدلاً واسعاً في الساحة السياسية البحرينية، إذ أعلنت قوى وطنية رفضها لهذا النوع من التصويت مدعية بعدم وجود الشفافية المطلوبة فيه، وقدمت الحكومة في مواقف مختلفة دفاعاً كبيراً عنه ولوحت بأنها ماضية لا محال في استخدامه في الانتخابات القادمة، علاوة على عدد من قوى المعارضة التي ترافعت ذاكرة الأسباب السياسية لرفض هذا النوع من التصويت...

للتعرف على التفاصيل التقنية لهذا النوع من التصويت نحاور في هذا العدد خبير التحول الرقمي خليل المرزوق وهو الحاصل على شهادة مدقق أنظمة معتمدة عالمياً )ASIC( منذ سبع سنوات ليتحدث عن الإشكالات التى تطرحها القوى الوطنية بشأن هذا النوع من التصويت...

هل ترى أن التصويت الإلكتروني يقع ضمن توجه رسمي للتحول الرقمي في المملكة بصورة عامة؟

- في البدء لابد من الإشادة بالجهود المبذولة في السعي نحو التحول الرقمي ولو أنه جاء متأخراً، فنبارك للبحرين والقائمين على مشروع الحكومة الإلكترونية جهودهم بتدشين بوابة باب البحرين، والتي نأمل أن تلعب دوراً مهماً في تحريك باقي القطاعات في التحولات الإلكترونية والرقمية والتي تؤثر بشكل إيجابي في عصر الاقتصاد الرقمي، كما نشيد بمشروع مدارس المستقبل وندعو إلى تدعيمه وتهيئة البنى التحتية اللازمة له ليصل إلى كل مواطن.

إذاً، لماذا هذه الضجة الكبيرة التى تثار حول التصويت الإلكتروني من قبل الكثير من القوى الوطنية؟

- من الطبيعي جداً أن يختلف التصويت الإلكتروني عن باقي التحولات الرقمية والإلكترونية لارتباطه بشكل قريب جداً من العملية السياسية التى تمثل حالاً من الصراع بين القوى السياسية، وكذلك كونه يمس سيادة وخصوصية الناخب ومدى ثقة المرشح في النتائج التي يدار جزء كبير منها بعيداً عن مراقبته الحسية، وطالما كان هناك مخاوف من انعدام الشفافية والاطمئنان التام، ولذلك فإنني لا أتوقع إلا أن تصاحب العملية شكوك تصل إلى الرفض والمقاطعة في أحيان كثيرة!

ضوابط للشفافية

هل تعتقدون بأنه يمكن للتصويت الإلكتروني توفير الشفافية المطلوبة؟

- إن التصويت الإلكتروني عملياً هو محاكاة للعملية الانتخابية التقليدية (التصويت في المقارّ الانتخابية وعلى أوراق التصويت وأمام لجنة إشراف وممثلين عن المرشحين) ولكن باستخدام التقنية الحديثة، وهو أمر ليس صعباً من الناحية التقنية ولكنه يتطلب ضوابط فنية وقانونية من أجل أن نزيد من شفافية هذه العملية إلى أقصى درجة حتى يطمئن الناخب والمرشح على حد سواء لنتائجه وخصوصاً أن هناك رفضاً لهذا النوع من التصويت صدر من قوى وطنية لها حضورها وثقلها الجماهيري الذي لا يستهان به.

ولمعرفة التقييم لهذه النوعية من التقنية المستخدمة وخصوصاً في مثل هذا المجال الجدلي المثير فإنه لابد من مناقشة مدى حرفية القائمين على تطوير حزمة البرامج وهيكلية الخوادم (srevres) والشبكات (skrowten) في أبعاد عدة أهمها السرعة ومدى الأمن المعلوماتي والقدرة على الاستمرارية في العمل وعدم التوقف وإمكان عمل نسخ مزدوجة فورية (pukcab tnatsnI) ومدى دقة هذه البرامج وانعدام احتمالية الخطأ فيها، وأرى أن كل ذلك يتطلب من الجهة التى تدير الانتخابات الإلكترونية عمل دورات مكثفة وعدداً كبيراً من الفحوص.

ألا ترى أنك تبالغ في إجراءات الاحتياط؟

- إن قيمة كل منظومة أقترحها في التصويت الإلكتروني تكمن في حفظها لحقوق الناخب والمرشح معاً، ولو أخفقت في تحقيق ذلك فلا قيمة لها! فماذا لو حصل خطأ في عد الأصوات وفاز مرشح مقابل آخر بفارق صوت أو صوتين؟! ألا يتطلب ذلك من الجهة التى تريد أن تعممه لأول مرة في تاريخ البحرين والمنطقة العربية كل هذه الاحترازات؟! بل لا يكفى ذلك وحده، فنحن بحاجة إلى وجود مراقبة على هذه البرمجيات من جهات محايدة لها مكانتها في اعتماد هذه البرمجيات والهياكل ومنظوماتها الأمنية، وفخرنا بأن القائمين على المشروع بحرينيون يجب ألا يغفلنا عن الحاجة إلى اتباع أفضل الممارسات المعتمدة في هذا الشأن والتي تخضع للمعايير العالمية.

شهادة مايكروسوفت غير كافية!

لقد شهدت شركة مايكروسوفت بإمكان استخدام هذه البرمجيات للعملية الانتخابية البحرينية... ألا يكفي ذلك؟!

- لا يكفي أن تشهد لنا شركة مايكروسوفت بأن التقنيات متطابقة مع المواصفات العالمية، فهي من أنتجها وبالتالي لن تطعن في جودتها، هذا شيء طبيعي للغاية! وهي ليست الجهة المعنية بإعطاء شهادات الجودة أو الضمان التقني أو الأمن المعلوماتي بحسب خبرتي! كما أن هناك فرقاً بين أن تكون لدينا أفضل الأجهزة والأنظمة وبين أن تكون البرامج المستخدمة فيها للانتخابات معدة بحسب المواصفات العالمية في أمن المعلومات.

كيف يمكن أن تكون هذه البرمجيات شفافة وبالتالي يمكن تقبلها من قبل الناخبين والمرشحين بكل ثقة؟!

- إن التقنية يمكن أن تبرمج وتعد كيفما تشاء، فإن أردتها شفافة 100 في المئة فستكون كذلك، وإن أردت أن تجعل لها أبواباً خلفية يتم عبرها تغيير بعض السجلات والمعلومات بما فيها عدد الأصوات فإن ذلك ممكن أيضاً... وبالتالي فإن الحاجة إلى وجود المدقق الرقمي على البرامج من الشركات العالمية الموثوق بها والتى لا تراهن على اسمها ضرورة بالغة من أجل بعث الأمن والطمأنينة في نفوس المواطنين جميعاً.

ما أوجه توجس المرشح أو الناخب تقنياً من استخدام التصويت الالكتروني؟

- يفترض أن يتم التصويت الإلكتروني بحسب فهمنا بواسطة البطاقة الذكية وذلك لأنها تحتوي على «البصمة الإلكترونية» بالإضافة إلى إمكان دمج البصمة العادية - زيادة في الأمن المعلوماتي - للتعرف على الشخص، وبذلك نستطيع أن نفترض وجود هذه الأجهزة في المقارّ الانتخابية العادية، وهنا يمكن للمشرف على اللجنة الانتخابية والمرشح أو وكيله مراقبة عدد الذين صوتوا إلكترونياً ولكن لا أحد يستطيع أن يضمن عدم المساس بقاعدة البيانات التى تحتوي على عدد الأصوات لكل مرشح (مغيبة)... فهذا غير متحقق لهم!

وجود وكيل المترشح وغيابه سواء!

ولكن المترشح أو وكيله يستطيع معرفة عدد الذين صوتوا ويقارنه مع التقرير النهائي للنتيجة؟!

- هذا صحيح ولكن الأهم ليس عدد الأصوات وإنما نصيب كل مرشح منها وعدم تدخل أية جهة لتغير ما أدلى به الناخبون ما يعني أننا لا نستطيع الجزم بسلامة نتيجة التصويت.

وماذا لو طلب كل مرشح أن يكون له وكيل في غرفة العلميات الخاصة بالتصويت الإلكتروني للاطمئنان إلى عدم تغيير نتيجة التصويت؟

- لو أن كل مرشح أراد تعيين وكيل له في غرفة العمليات المركزية لمراقبة نتائج التصويت وليطمئن بعدم وجود تغييرات في نتيجة التصويت فإنه يحتاج إلى وكيل خبير في تقنية وأمن المعلومات وهذا ما سيزيد من الكلفة على المرشحين! ناهيك عن عدم إمكان التأكد 100 في المئة من سلامة هذه العملية إذ إنه من السهل تقنياً الدخول إلى قاعدة البيانات وتغيير الأصوات على رغم وجود هذا الوكيل! ومن الطبيعي أن هذا الوكيل الإلكتروني لن يرى تفاصيل كل صوت... لذلك فإن هذه العملية (مراقبة قاعدة البيانات) لا تكون مجدية من أجل التأكد من دقة التصويت وإزالة الشكوك، فضلاً عن عدم إمكان تطبيقها كفكرة على أرض الواقع وبالتالي فإنه يبقى للمرشحين خيار وحيد لا ثاني له وهو الثقة التامة العمياء في عملية التصويت بلا رقيب ولا حسيب، فإن غابت هذه الثقة تبقى عندنا شكوك وإمكان الطعن في نتائج كل دائرة ومن قبل كل مرشح!

خلل التصويت الإلكتروني!

ما هو السيناريو في حال حصول خلل في التصويت الإلكتروني؟!

- لو حدث خلل تقني في عملية التصويت فإن إحدى النتائج هي ضياع أحد الأصوات أو عدد منها لعدم تسجيلها في قاعدة البيانات وهذا يعني ضياع حق الناخب والمرشح على حد سواء، ولا يوجد سبيل تقني لإرجاع هذا الصوت، وبالتالي فإن الحل يكمن في إيجاد هيكلية لمنظومة التصويت الإلكتروني عالية الجودة ومزدوجة الكفاءة لحفظ المعلومات والتشبيك والأمن، ما يعني زيادة الكلفة المالية.

إلى أي مدى يحفظ التصويت الإلكتروني خصوصية اختيار الناخب لمرشحه وخصوصاً أن التصويت مرتبط فنياً بخياره لمرشحه؟!

- يفترض ان العملية الانتخابية تحفظ للناخب خصوصية وسرية الاقتراع ولذلك سمي بالاقتراع السري المباشر، وفي حال استخدام التصويت الإلكتروني فإن استخدام البصمة الإلكترونية في البطاقة الذكية هو متطلب «أمني» فيمكن للمبرمج أن يضع تقنية تدل على هوية المرشح واختياره وبذلك فإن هذه العملية تفقد الناخب الخصوصية وتفقد التصويت خاصية السرية، بل يستطيع المبرمج والقائم على إدارة هذه العملية الحصول على معلومات استراتيجية يمكن أن تستخدم لاحقاً في تغيير الخريطة السياسية بأكملها وتوجيهها بالاستفادة من مراقبة الحراك السياسي

العدد 1405 - الثلثاء 11 يوليو 2006م الموافق 14 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً