مع تنظيم اليونان انتخابات تشريعية حاسمة لمستقبل البلاد ومنطقة اليورو على السواء، تدخل الأسواق المالية مرحلة جديدة من الغموض؛ إذ تبقى الآمال معلقة على تدخل للقادة السياسيين والمصارف المركزية في حال استمرت الاضطرابات بشكل دائم.
ويواجه المستثمرون هذا الاستحقاق المفصلي في وقت تشهد منطقة اليورو توتراً شديداً مع ارتفاع معدلات الفائدة على قروض إسبانيا وإيطاليا في سوق السندات.
أما البورصات فعرفت أسبوعاً من المراوحة، باستثناء الجمعة (15 يونيو/ حزيران 2012)؛ إذ سجّلت ارتفاعاً شكل مؤشراً إلى أن الزبائن مازالوا يأملون في تحسّن الأوضاع.
وقال أحد مسئولي إدارة الأسهم في شركة ناتيكسيس، نيكولاس غاست، إن «الانتخابات في اليونان تحدّد كل شيء».
وتدور المنافسة في الانتخابات بين الأحزاب المؤيدة لبرامج التقشف وتلك الداعية إلى إعادة النظر في الشروط المفروضة من أجل تقديم المساعدة الدولية لليونان وفي طليعتها اليسار المتطرف.
ويكمن الخطر في أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى مراجعة الاتفاقات مع الجهات الدائنة الدولية سواء بكاملها أو بقسم منها؛ ما سيؤدي في أسوأ الأحوال إلى وقف المساعدة وسيدفع البلاد إلى الإفلاس.
وقد تضطر اليونان في مثل هذا السيناريو إلى الخروج من منطقة اليورو ولو أن الأحزاب الرئيسية لا تتمنى ذلك.
وستترقب الأسواق من بعد الانتخابات بحد ذاتها تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال غاست إنه «أياً كانت النتيجة، فان مرحلة جديدة تبدأ مع ثلاثة سيناريوهات رئيسية محتملة. إما أن تكون بداية المصاعب التي قد تنعكس بشكل بالغ الخطورة على منطقة اليورو اعتباراً من هذا الصيف؛ وإما بداية مرحلة طويلة من البلبلة؛ أو مرحلة محتملة من إعادة البناء السياسي».
أما بالنسبة إلى الأسواق، فيحذر خبراء الاقتصاد في شركة أوريل للوساطة المالية من أنه «ليس هناك سيناريو وردي»؛ إذ ستضطر الأحزاب التي ستصل إلى السلطة إلى إثبات صدقيتها واتخاذ قرارات على وجه السرعة.
وفي حال فوز الأحزاب المعارضة للتقشف، حذر ألكساندر بارادي المحلل في مصرف ساكسو بنك أنه «قد يكون هناك رد فعل شديد بشكل سريع جداً»؛ ما يعني قيام اضطرابات في الأسواق.
يبقى على رغم ذلك أن «الأسواق استعدت للأسوأ» بحسب المحلل، وهو ما يشهد عليه التراجع المواصل المسجّل فيها منذ ثلاثة أشهر.
وفي حال جاءت نتيجة الانتخابات سارة، فقد تنعكس إيجاباً بشكل فوري، غير أن نتيجة سيئة قد لا تثير الزلزال الذي تخشاه الأسواق.
وتساءل خبراء الاستراتيجية في مصرف كريدي موتويل «هل أن أوروبا لاتزال تملك الوسائل التي تسمح لها بالخروج منتصرة من الأزمة اليونانية؟ هذا يبقى محتملاً».
وهم يرون أن الانتخابات اليونانية ستؤدي حتماً إلى «تسريع عملية اتخاذ القرارات الهيكلية التي ستكون مواتية على المدى البعيد لمنطقة اليورو».
وقال بارادي إن «المستثمرين يحتفظون ببعض الأمل على رغم كل شيء، وإلا لما كانت الأسواق صمدت كما فعلت في نهاية الأسبوع».
والمستثمرون واثقون أن المصارف المركزية والمسئولين السياسيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي غداة الانتخابات.
كما أن توقيت الانتخابات اليونانية مناسب؛ إذ تجري قبل انعقاد قمة لمجموعة العشرين واجتماع لمجموعة اليورو واجتماع أوروبي رباعي (ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا) الأسبوع المقبل، قبل قمة الاتحاد الأوروبي المقررة في نهاية يونيو.
وأفادت معلومات صحافية أن المصارف المركزية قد تتخذ إجراءات لتخفيف الضغط عن الأسواق.
العدد 3572 - الأحد 17 يونيو 2012م الموافق 27 رجب 1433هـ