منحت نتيجة الانتخابات اليونانية التي جرت الأحد الماضي الأوروبيين مهلة قصيرة لتنفس الصعداء، لكنهم لايزالون يواجهون تحديات كبيرة منها خصوصاً إنجاز خطة مساعدة إسبانيا التي أصبحت مجدداً هدف الأسواق، والاتفاق على إستراتيجية نمو.
وفاز اليمين اليوناني مساء الأحد الماضي في الانتخابات التشريعية بفارق بسيط أمام منافسه اليسار المتشدد المناهض لسياسة التقشف، مبعداً بذلك شبح خروج اليونان من منطقة اليورو. وأمام هذه النتائج، تنفس الأوروبيون الصعداء تعبيراً عن الارتياح لكنهم تجنبوا الإعراب عن فرحة الانتصار في انتظار تأليف حكومة.
وحذر مصدر قريب من الحكومة الألمانية أخيراً من «أننا قد ندخل (بعد ذلك) في مرحلة مفاوضات طويلة وشاقة مع إقرار مساعدات بالتقطير طيلة أشهر وأشهر»، مستبقاً فوز حزب الديموقراطية الجديدة اليميني في اليونان بزعامة انطونيس ساماراس.
وإضافة إلى الغموض في اليونان، لايزال الأوروبيون يواجهون ملفات عدة بحاجة إلى تسوية في حين تعود المخاوف بشأن إسبانيا إلى الواجهة.
وأمس بعد افتتاح جلسة التداول على ارتفاع، عادت بورصة مدريد إلى التراجع وتجاوزت معدلات الفوائد التي يقترض بها البلد من الأسواق عتبة الـ 7 في المئة، وهو رقم لم تشهده منذ قيام منطقة اليورو. وبالفعل فقد ارتفع معدل فائدة الديون المشكوك في تحصيلها لدى المصارف الإسبانية في أبريل/ نيسان. وبحسب مصادر في السوق، فإن المؤسستين الخاصتين للتدقيق في الحسابات فايمان وبرغر ستقدمان يوم الإثنين، قبل ثلاثة أيام من الموعد المقرر، تقريرهما عن حاجات إعادة رسملة المصارف الإسبانية. وقد يدفع هذا الأمر حكومة المحافظ ماريانو راخوي إلى الإسراع في طلب مساعدة شركائه الأوروبيين.
وقد أعربت منطقة اليورو حتى الآن عن استعدادها لتقديم 100 مليار يورو لمساعدة المصارف الإسبانية، لكن هذه الخطة لم تنفذ بشكل جيد، بحسب رئيس البنك الدولي روبرت زوليك الذي رأى أن «الأوروبيين استخدموا مؤونة كبيرة جداً وأضاعوها».
ولقد حان الوقت للأوروبيين «ليسحبوا الأنظمة» التي مازالت تعرقل ورشة الحكم، وليقرروا أخيراً استخدام الوسائل «الكثيرة» التي في حوزتهم لتهدئة الأسواق، كما قال من جهته الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية انخيل غوريا.
وتأتي هذه الانتقادات في حين يتعين على الأوروبيين تحديد إستراتيجية للنمو تحت ضغط شركائهم الدوليين.
وقال ممثل الدولة الإسبانية لدى الاتحاد الأوروبي اينيغو منديز دو فيغو «ينبغي علينا أن نثبت أن لدينا خطة لمجموعة العشرين أثناء القمة الرباعية الجمعة في روما وأثناء القمة الأوروبية في 28 و29 يونيو/ حزيران».
وأضاف أن «على الأوروبيين أن يقدموا خطة شاملة تناسبهم بالدرجة الأولى وترضي الأسواق والمستثمرين». وسيكون موضوع النمو مطروحاً على جدول أعمال القمة في نهاية الشهر الجاري، لكن الألمان والفرنسيين منقسمون في الوسائل المفترض اتباعها لإطلاق الاقتصاد وخصوصاً في المسألة الحساسة للسندات باليورو.
نزل اليورو من أعلى مستوى في شهر مقابل الدولار أمس الإثنين (18 يونيو/ حزيران 2012) مع تبدد حالة الارتياح إزاء فوز أحزاب مؤيدة لخطة إنقاذ في اليونان سريعا نتيجة مخاوف بشأن تكلفة الاقتراض في إسبانيا التي ارتفعت لمستويات لا يمكن تحملها طويلا. وخففت نتيجة الانتخابات المخاوف الآنية من اضطرار اليونان للانسحاب من منطقة اليورو ولكن استمرت حالة الضبابية لأن حزب الديمقراطية الجديدة ينبغي أن يسعى لتشكيل حكومة مع أحزاب أخرى تدعم خطة إنقاذ دولية. وقال محللون أن الحكومة الجديدة لا يسعها أن تأمل في فرض إجراءات تقشف جديدة بينما يعاني الاقتصاد من كساد. ولا زالت ألمانيا تعارض أي تساهل بشأن الشروط القاسية لتقديم مساعدات إنقاذ التي تم الاتفاق عليها بين اليونان ومقرضيها الدوليين.
قال مسئولون أمس الإثنين (18 يونيو/ حزيران 2012) إن ألمانيا تتوقع أن تلتزم الحكومة اليونانية الجديدة بشروط اتفاق خطة الإنقاذ التي لا تزال غير قابلة للنقاش في حين تعرضت تصريحات وزير الخارجية بشأن منح اليونان مزيدا من الوقت لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لانتقادات شديدة. وأشادت برلين بفوز الحزب الديمقراطي الجديد المحافظ في اليونان في انتخابات أجريت يوم الأحد الماضي على الحزب اليساري باعتباره تصويتا على بقاء اليونان في منطقة اليورو وعلى احترام شروط اتفاق الإنقاذ التي تفرضها أوروبا وصندوق النقد الدولي. وقال نائب وزير المالية اليوناني إن دائني اليونان في الاتحاد الأوروبي يرون أن الدفعات الجديدة من القرض ستتوقف على التزام حكومة اليونان الجديدة بالإصلاحات.
العدد 3573 - الإثنين 18 يونيو 2012م الموافق 28 رجب 1433هـ