يرى بعض نقاد الأفلام أنه يمكن الاستدلال على سوء أي فيلم كوميدي وضعفه بالحالة الجسمانية التي يتعرض لها المتفرج حال مشاهدته، إذ إنه وبحسب كلامهم، يجعلك تعرف ما إذا كان الفيلم الكوميدي ليس كوميديا. بتصلب كتفيك، وتبدأ تشعر بعلامات الارهاق والتعب الجسماني مع كل مشهد من مشاهد الفيلم. بعدها تبدأ ملامحك في العبوس، حتى لو كان صناع الفيلم قدموا إليك وعودا مسبقة بتحسن الأحوال مع تصاعد وتيرة الحوادث. وبحسب هؤلاء كذلك فان الفيلم الأخير لنجم هوليوود ويل فاريلTalladega Nights : The Ballad of Ricky Bobby هو أحد تلك الأفلام، على رغم انه يعدك الكثير قبل دخول صالة عرضه.
كذلك تنص احدى القواعد الأولية الساخرة التي وضعها مجموعة من نقاد هوليوود السينمائيين على أن ويل فاريل لا يصبح ظريفاً بمعنى الكلمة إلا إذا ارتدى باروكة مكشوفة. وهم يستدلون على ذلك بمجموعة من أفلامه التي ظهر فيها بباروكات مختلفة حددت أشكالها وأحجامها، بحسب رأيهم، مستوى الظرافة فيها. من بين تلك الأفلام Zoolander الذي قدم فيه فاريل في العام شخصية مصمم أزياء شرير يدعى جاكوبين موغاتو، ثم فيلم Anchorman الذي جاء في العام الذي يعود فيه فاريل الى مطلع السبعينات ليواجه بعض الناشطات النسائية في بدايات اعادة احيائهن للحركات النسوية.
ولأن النقاد ليسوا على صلح مع فاريل، فقد علق بعضهم، معتمدا قاعدة الباروكات أعلاه، على أن الباروكات التي ارتداها فاريل في ذنيك الفيلمين والتي كانت كثيرة ومتنوعة هي مصدر الظرافة وخفة الدم فيهما فقط!
وفي فيلمين آخرين مثل Kicking & Screaming أو Bewitched اللذين قدمهما فاريل في العام الماضي، لم يجد أولئك النقاد أي ظرافة تذكر، ربما لأن فاريل لم يرتد أي باروكة مضحكة. الآن يأتي الفيلم الأخير Talladeaga Nights, The Ballad of Ricky Bobby الذي يجد فيه البعض أكبر دليل يدعم نظرية النقاد أعلاه، إذ وبحسب عرف أفلام فاريل الكوميدية اللامعقولة، فإن هذا الفيلم الذي يظهر فيه بعوارض قصيرة ولحية صغيرة، فإن هذا الفيلم لا يمكن اعتباره حتى واحدا من تلك الكوميديات «الفاريلية السخيفة».
ويتضح سوء الفيلم بشكل أكبر عند مقارنته بفيلم Anchorman، الذي قدمه المخرج نفسه ادم ماكاي. صحيح ان نص هذا الفيلم يبدو أقوى وأشد حبكة وأكثر ترابطا، كما ان الفيلم يتفوق على سابقه من الناحية الفنية إذ إن فيه عقدة تتصاعد عندها الحوادث وتصل الى ذروتها، كما انه يحوي كثيراً من مشاهد السباق المثيرة أو حتى خدعة أو خدعتين من الخدع السينمائية. لكن فيلم Anchorman كان يحوي فتنة وسحرا من نوع خاص بسبب جو المرح واللاترابط بين حوادثه وكذلك حقيقة تصويره جميع مشاهده بالكامل في داخل الاستوديو، كما ان ذلك الفيلم اطلق الكثير من الضحكات السريعة والعميقة. كل ذلك ربما يجعل مشاهديه يتناسون أي أخطاء وردت فيه بكل بساطة وسط الضحكات الكثيرة التي اطلقوها، لكن هذا لا ينطبق على آخر أفلام فاريل هذا.
يجسد فاريل في هذا الفيلم بطل سباقات شمال كارولينا ريكي بوبي شرير وغبي، جون سي رايلي هو صديقه المقرب والتابع الخاضع لأوامره كال نوتون. ورايلي لعب دورا مشابها منذ عاماً في فيلم Days of Thunder إذ قدم شخصية باك بريذرتون وهي احدى شخصيات الفيلم الثانوية، لكنه قدم أداء أكثر ظرافة من ذلك الذي يقدمه مع شخصية نوتون.
عموما بعض النقاد، وجدوا أداءه في هذا الفيلم لا بأس به ورأوا أنه اثبت كونه ممثلاً جيداً ذا مواهب كوميدية مدهشة، وان كانت لا ترقى به إلى مستوى فنانين مثل بين ستيلر او اوين ويلسون، لكنه على رغم كل شيء يعد واحدا من أولئك الذين يرجع اليهم الفضل في انقاذ الفيلم من الفشل الذريع. أما باقي الفضل فيعود الى كل من غاري كول الذي لعب دور والد ريكي المتشرد السكير، وجين لينش المتميزة دائما والتي لعبت دور والدة ريكي.
هؤلاء الثلاثة وهم الذين قاموا بأدوار ثانوية ومساعدة للبطل، جميعهم ممثلون جيدون، تمكنوا من تقديم أداء قوي، ومن اطلاق الكثير من ضحكات الجمهور مع كل ثقل الدم في سيناريو الفيلم.
في هذا الفيلم هناك بعض اللحظات التي يعيشها المتفرج مع بعض المشاهد تستحق الوقوف عندها كذلك المشهد الذي نرى فيه مناقشة عميقة تدور بين أفراد اسرة بوبي على مائدة العشاء، إذ نسمعهم يتحدثون عن الكيفية التي يتصورون بها المسيح في خيالهم، أو كما فعلت المرشحة لجائزة الأوسكار ايمي آدمز، حين حاولت أن تكشف عن موهبتها الكوميدية حين ألقت خطبة ملهمة على جانب كبير من الخيال و... السخف.
في المركز بالطبع يفترض أن يتألق فاريل، في دور بطل سباق السيارات الجاهل الذي يدخل في بعض نوبات الاهتياج التي تنتزع بعض الابتسامات من المتفرجين. معظم الوقت يبدو فاريل كأنه يحاول كبح جماح كثير من طباعه الشاذة وسخافاته لفرض نفسه على شخصية ريكي بوبي، بينما ينشغل ريكي، فرضا، بكل المشاهد الخطرة والمثيرة.
الفيلم عموماً جيد على رغم ثقل دم فاريل، والفضل للممثلين الثانويين وربما... لعوارض فاريل ولحيته الصغيرة
العدد 1489 - الثلثاء 03 أكتوبر 2006م الموافق 10 رمضان 1427هـ