العدد 1489 - الثلثاء 03 أكتوبر 2006م الموافق 10 رمضان 1427هـ

مغامرة جديدة لفؤاد يخدمها الحظ والظروف

غاوي حب

الوسط - منصورة عبدالأمير 

03 أكتوبر 2006

منذ بدايات إعادة تقديمها في الثمانينات من القرن الماضي، لم تحقق ظاهرة تقديم بعض الوجوه الغنائية الشابة إلى عالم صناعة السينما أي نجاح يذكر. المخرجون ومنتجو تلك الأفلام اعتمدوا حينها على الشعبية الكبيرة لتلك الوجوه في سوق الكاسيت، وطمعوا في تحقيق أرباح تجارية أكبر منها في سوق السينما، وهي سوق يفترض أن تكون عوائدها أكبر وربما أكثر برستيجاً. ولذلك شاهدنا أفلاماً كثيرة لعمرو دياب الذي كان في بداياته حينها، وسمعنا أسماء مثل «آيسكريم في غليم»، و«ضحك ولعب وجد وحب». ثم ظهر مصطفى قمر الذي كان مبتدئا حينها كذلك، وقدم هو الآخر سلسلة من الأفلام... لاقت حظها من الفشل تماما كما حصل لدياب.

حققت أفلام المغنين تلك فشلاً ذريعاً، ربما لأن المنتجين وصناع السينما آنذاك أخطأوا في بناء تخميناتهم وتقييماتهم لرأي الجمهور اعتمادا على ما حققته أفلام المطربين في عقود سابقة من نجاح جماهيري كبير. هؤلاء أغفلوا ان جمهور العقود السابقة كان يتعطش لرؤية مطربته أو مطربه المفضل وهو الذي لم يكن يظهر على شاشة التلفزيون المتواضعة آنذاك في حفلات مصورة أو فيديو كليبات كما حدث بعد ذلك، و.لا يزال لحد الآن الجمهور المتعطش آنذاك كان هو القاعدة الأساس التي بنى عليها مخرجو الأفلام الأولى أفلامهم وهي التي حققت نجاحاً مميزاً.

على رغم ذلك الفشل، وعلى رغم وضوح الصورة منذ البداية لكثير من صناع السينما استمرت تلك الأفلام في الظهور، ولاتزال كذلك حتى يومنا هذا، حتى بدا وكأن هناك من صناع السينما ممن يحملون روح مغامرة عالية تجعلهم يضعون أموالهم في مشروعات يصل احتمال الخسارة فيها إلى , في المئة!

هكذا ظللنا نسمع عن أفلام كثيرة مثل «حريم كريم»، «علمني الحب» وصولا الى «علي سبايسي» الذي تسبب لبطله حكيم بأزمة نفسية لا أظنه سيكون قادرا على تجاوزها في وقت قريب، و«عيال حبيبة» الذي حاول صانعوه تقديم حمادة هلال فيه لكنهم فشلوا وفشل هلال هو الآخر في أن يضيف أي نقاط لرصيده الغنائي أو أن ينجح في تقديم نفسه للسينما.

محمد فؤاد هو الآخر فنان حقق شعبية لا بأس بها على الساحة الغنائية، على الأقل لأغانيه الأولى التي لا تزال علامة مميزة في تاريخه الفني، يأتي على رأسها «الحب الحقيقي» و«أنا لو حبيبك». فؤاد حاول منذ أعوام اقتحام الشاشة الكبيرة، لكنه فشل منذ البداية، لم تنجح أي من أعماله عدا عمل واحد هو «اسماعيلية رايح جاي» الذي حقق نجاحا لا بأس به، وإن كان كثير من النقاد السينمائيين يرجعون سر النجاح ذاك إلى النجم محمد هنيدي الذي تقاسم مع فؤاد بطولة الفيلم.

الآن وبعد تلك الأفلام التي لم تحقق نجاحاً كبيراً، يعود فؤاد في عمل سينمائي جديد، لا يبدو من اسمه وملصق فيلمه وكأنه يمكن أن يقدم أي شيء مختلف أو... مميز، كما لا يمكنه بأي حال من الأحوال تقديم أي اضافة لتاريخ فؤاد الفني. الفيلم الجديد «غاوي حب» يخرجه أحمد البدري الذي لا يتجاوز رصيده الفيلمين هما الى جانب الفيلم موضع الحديث، فيلم «لخمة رأس» الذي عرض العام ، ولم يحقق نجاحاً كبيراً. فيلم البدري الثاني هذا يأتي على خلفية انتقادات قاسية صدرت من بعض النقاد السينمائيين الذين اتهموا فؤاد بعدم الاستفادة من أخطائه في الأفلام السابقة التي لم تتجاوز أرباح أفضلها مليون جنيه مصري، خصوصاً الفيلم الأخير «هو فيه ايه» الذي حقق فشلاً ذريعاً وأصاب بطله بخيبة أمل كبيرة إبان عرضه.

الآن وبعد مرور أعوام على آخر فشل سينمائي لفؤاد الذي يبدو وكأنه تعافى من صدمة فشله فيه، أو انه مطرب ضد الصدمات، نجده يعود وكأنه يأبى إلا أن يكسر قاعدة فشل الفنانين أعلاه، ويتغلب على جميع إخفاقاته السينمائية، ويحقق جماهيرية مساوية لتلك التي حققها في سوق الكاسيت.

لا يمكن التكهن بما إذا كان فؤاد قد درس خطوته تلك جيدا، لكنه من الواضح أنه فعل شيئا بذلك الخصوص، على الأقل نظرا إلى ما حققه الفيلم من أرباح على شباك التذاكر تجاوزت مليون جنيه مصري، وهي سابقة في تاريخ فؤاد.

في هذا الفيلم بدا فؤاد وكأنه يحاول أن يقدم شيئا مختلفا عن كل ما قدمه هو، أو ما قدمه زملاؤه الآخرون. صحيح أنه جاء بقصة اعتيادية ومألوفة في الأفلام الرومانسية المصرية، محورها حبيبان تفرقهما الدنيا ثم تجمعهما الأقدار مرة أخرى. طبعاً لا جديد في ذلك لكن لعله المزج السينمائي الجيد بين الرومانسية في «غاوي حب» مع الإثارة والأكشن، هو ماجعل الفيلم يتفوق على جميع أفلام الموسم الصيفي حينها.

ابطال القصة هم صلاح «محمد فؤاد طبعاً»، وملك التي تقوم بدورها حلا شيحا. تجمعهما قصة حب منذ الصغر، سرعان ما تنتهي ويفترق الاثنان. يحدث اللقاء بعد عاماً مصادفة وفي حفلة غنائية يحييها صلاح، لكن الود يعود حين يحاول الأخير الوصول الى الفتاة، حتى لو تطلب ذلك أن يعرض قصة حبه، وبعض تفاصيل حياته على الملأ عبر برنامج اذاعي ليصل اليها.

فعلاً يتمكن من الوصول لحبيبة طفولته، ليكتشف انها متزوجة، وان زوجها شخص فاسد متورط بتجارة السلاح وغسيل الأموال. هنا تتداخل الرومانسيات مع الأكشن حين يصر صلاح، في اصرار يشبه ذلك الذي يحمله فؤاد على تحقيق نجاح سينمائي، على أن يخلص ملك من براثن هذا الزوج الفاسد.

لا جديد في القصة، ولا في الوجوه المشاركة وهم الى جانب فؤاد وشيحا، رامز جلال وخالد الصاوي، كذلك لا يتميز الاخراج ولا أي من الأمور الفنية الأخرى. ولذلك يظهر السؤال بشأن ما جعل الفيلم يحقق نجاحا ساحقا على شباك التذاكر ويتغلب على كل أفلام الموسم الصيفي في العام الماضي، مثل «درس خصوصي» لمحمد عطية، ولا حاجة للتعليق على هذا الفيلم، ولا على محمد عطية. وكذلك فيلم «اريد خلعاً» وهو فيلم قدمه أشرف عبدالباقي مع حلا شيحا، لكنه بدا لكثيرين من محبي البطلين باهتاً لا قيمة فنية له ولا طعم ولا نكهة فيه.

النقاد حينها بدوا حاقدين على نجاح فؤاد أكثر من اللازم، وسارعوا لتبرير ذلك النجاح، إذ إنهم أكدوا أن ضعف جميع أفلام ذلك الموسم وتدني مستواها الفنية هو ما أدى الى أن يبرز «غاوي حب» من بينها. هكذا كان الحظ حليف فؤاد هذه المرة لتشاء الظروف أن يعرض وسط هذه الأفلام السيئة الصنع والمحتوى، وألا يتلقى أي منافسة تذكر من أي من الأفلام الصيفية.

النقاد استدلوا على كلامهم ودعموا وجهة نظرهم بشأن وقوف الحظ إلى جانب الفيلم، بتوجيههم عدداً من الانتقادات إلى الفيلم أهمها إغفال كاتب نصه السينمائي أحمد البيه نقاطاً كثيرة في سيناريو الفيلم أهمها تضمين لمحة أو خلفية الاجتماعية لأبطال الفيلم على حساب تقديم فيلم رومانسي كوميدي استعراضي مفعم بمشاهد الأكشن وهو ما لم يوفق في ذلك على الإطلاق.

أخيراً أوصى النقاد فؤاد بأن يفكر جيداً في ما يقدمه على الشاشة الكبيرة حتى لا يضيع البريق من حوله ولئلا يفقد حب الجمهور الذي اكتسبه من أغانيه الرومانسية الجميلة وإلا فإن عليه أن يصرف النظر ويركز في ألبوماته حتى لا يخسر الاثنين معاً

العدد 1489 - الثلثاء 03 أكتوبر 2006م الموافق 10 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً