ذهبت جائزة نوبل للآداب إلى الروائي التركي أورهان باموك للعام 2006 وهو واحد من المصابين بفتنة السرد وغوايتها، واسم ظل يثير الجدل لسنوات، ما أكده جانب من حيثيات نيله للجائزة بحسب تقريرها بأنه «اكتشف رموزًا جديدة لصراع الثقافات وامتزاجها».

صاحب رواية «الثلوج» و«القلعة البيضاء» و«اسمي أحمر»، يتحدث في الأولى عن النزاعات الداخلية للأتراك المعاصرين، والتناقض بين الحداثة والإسلام، واللهفة للانضمام لأوروبا - والمتزامن مع الخوف من ابتلاع أوروبا لتركيا، وجهت إليه أخيراً تهمة إهانة «الأمة التركية»، بسبب ما ذهب إليه خلال مقابلة له، بالقول إن «30 ألف كردي ومليون أرمني قُتلوا في هذه الأراضي».

باتت مفاجآت لجنة تحكيم جائزة نوبل للآداب تتجاوز النتائج المترتبة على الاحتقان الذي يطول هذا الكوكب بفعل التخبط في سياسات القطب الواحد الذي يتحكم في معاذ ومعاش العالم.

يعيش العرب حالاً من الاحتقان والتوتر، وأحياناً التطرف في ردود الفعل تجاه جائزة لا تضع كبير اعتبار لردة فعلهم، وهي تُحْكم إغلاق أبوابها لاختيار ملك جديد على عرش الأدب تنحسر عنه الأضواء والعدسات وعناوين الصحف بعد عام، حين يُتوّج ملك آخر.

كثير من العرب لم يعد يهمّهم أن يفوز بالجائزة عربي آخر. ثمة قناعة يتم تداولها وتمريرها في المقاهي والملاهي، وحتى توقيع الصفقات. قناعة بأن العرب انتزعوا اعترافاً وإن كان يتيماً من جائزة تصر على أن إنجازهم غير قابل للرؤية بالعين المجردة. ولكن ما هكذا تورد القناعات... عدا من الإبل.

ظل أدونيس، ومحمود درويش، على قائمة المرشحين لنيل «شرف» التنصيب الأممي على عرش الشعر. يولّي العام الثالث أدباره منذ أن تصدّر أدونيس القائمة، ولا إشارة في الأفق بانحياز اللجنة إلى مرض العرب الأول: الشعر. مرض الغرب الأول هو السرد. ثمة علاقة بين الافتتان بالسرد والمنجز الحضاري المتراكم في الغرب، فيما الشعر - عربياً - يتراكم تراكم الهم على قلب العالم، من دون أن يسفر عن ذلك التراكم أي منجز يذكر، ليس على مستوى المعطى التقني والعلمي، بل على مستوى المواقف والقرار وتغيير خريطة الفوضى من حولهم. وحتى انتظار العام المقبل، ينقسم العرب إلى عالمين: عالم لا يهمه من قريب أو بعيد إلى من تذهب الجائزة، لأنه مشغول بترميم خراب عيشه، وعالم استوت طبخة قناعته مع تصرّم العام الثالث بالاكتفاء باعتراف يتيم، سيظلون يغدقون عليه من كريم حواسهم ما يعوّض به بخل تجنب مرض العرب الأول: الشعر