لعل المعلومات التي وردت في حلقة الأمس من هذا الاستطلاع المصور عن تاريخية صناعة الأدوية الشعبية في البحرين جديدة بالنسبة الى الكثير من القراء، لكن ما هو ليس بجديد ذلك الانتشار الكبير للمنتجات المتنوعة من السوائل المقطرة من النخيل ومشتقاتها والتي يزداد استهلاكها في شهر رمضان المبارك بين المواطنين والمقيمين.
وما يميز هذه الصناعة عن غيرها أنها ذات صبغة بحرينية خالصة، فأبناء البلد هم الذين يعملون على تصنيعها وإنتاجها على رغم الاستعانة بالعمالة الوافدة في تلك المصانع، ويبقى الفخر لصناعة الأدوية العشبية الفخر أنها مستمرة على أيدي ابناء البلد الذين نقلوها “كتحفة” من الأجداد والآباء.
ومن البدهي الإشارة الى أن ما يميز البحرين وسط كل هذه التطور احتفاظها ببعض المورثات الشعبية مثل الأكلات والمشروبات والأدوية العشبية، ومن أهم تلك المورثات وما يعطي الصورة الحقيقة للبحرين هي صناعة الأدوية العشبية عن طريق تقطير المياه من الأعشاب، وخصوصا صناعة ماء اللقاح والذي يعرف شعبياً باسم “ماء القروف”، والذي هو علاوة على كونه مضيفاً للنكهة، يعتبر أحد أهم الأدوية الشعبية المنشطة.
عموماً، يكثر الناس في شهر رمضان استهلاك ماء اللقاح والمنكهات وكذلك الأدوية العشبية، فعلى المزاج، يحلو تذوق الشاي والمرطبات المحضرة بالمنزل ومنها الزعفران وشراب الورد وغيره مضاف اليه ماء اللقاح.
اليوم، نكمل الجولة...
شواهد حية على فائدة المنتج وصحته
يسجل السيدجلال الكامل في حديثه عن التطور قائلاً: “إننا مازلنا في ممارستنا اليوم عملية التصنيع نقصد الخدمة، ولذلك تطور الأمر وكثر الطلب ليتحول العمل اليوم مع الخدمة إلى قصد التجارة والكسب، إذ الهدف الأكبر إفادة الناس بالأدوية العشبية وهناك الكثير من الشواهد الحية التي جربت الدواء العشبي فتعافت بحمدالله من خلال وصفات يمتد عمرها إلى أكثر من 140 عاماً”.
ويفتح لنا السيدجلال ملف الشهادات ليطلعنا على توقيعات لمجربي الكثير من منتجات مصنع الكامل، إذ يقول السيدجلال الكامل: “إن لهذه الشواهد الحية على المنتجات البحرينية الصنع ونجاحه على المستوى المحلي والخليجي استثمرت في تصدير كل منتجاتنا إلى كل دول الخليج، إذ يبلغ مقدار التصدير من المنتج حالياً 35 في المئة للخارج، وكانت بداية أول تصدير للخارج قبل 90 عاماً، وذلك عبر السفن حيث سابقاً ليست هناك وسائل للنقل غيرها”.
الطموح لم يتوقف
وعن سؤالنا عن تعداد الإنتاج اليومي وعدد العمال يقول السيدجلال: “حالياً أكثر من 26 موظفاً، ولدينا طموح اليوم إلى إنشاء مصنع يستوعب طلب السوق، وتجهيزه بأحدث الأجهزة التقنية المتطورة لعملية التقطير”... لكنه توقف ليقول لنا: “دعنا ننتظر لنرى المصنع بحلته الجديدة وبما خططنا له ولا نكشف كل الأوراق”.
بلد المليون نخلة يستورد «قروف النخيل»!
ولم يتردد السيدجلال في تعريفنا بأن الأعشاب التي تستخدم في الكثير من الخلطات تستورد من لبنان والهند وإيران وباكستان والصين والكثير من الدول بالعالم.
ويواصل ليؤكد أنه لا يمر أي عشب داخل البحرين أي عبر الميناء حتى تؤخذ منه عينة إلى وزارة الصحة لتفحصه قبل استخدامنا له في عملية التقطير، ومن أكثر الأعشاب التي نستهلكها، الإعشاب التي تستخدم في إنتاج “ماء المرقدوش” والتي تحتوي على أكثر من 20 عشباً، وأكثر عشب نلاقي صعوبة في استيراده لكثرة الطلب على المنتج الخاص به هو عشب “القروف” الذي نقوم باستيراده من دولة مجاورة بعد أن كانت البحرين معروفة بـ “بلد المليون نخلة”!
الجانب الصحي لم يكن غائباً
وكل المنتجات من الجانب الصحي واشتراطات وزارة الصحة لم تكن لتغيب عن المصنعين، إذ يقول السيدجلال: “إن كل عشب نقوم بإحضاره لا نبدأ بالعمل فيه حتى تأذن لنا وزارة الصحة، وكذلك كل عملية تقطير لا تنزل إلى السوق كمنتج نهائي حتى تتم الموافقة عليها من قبل المفتشين الخاصين بالوزارة، والذين هم على اتصال دائم بمصانع الأدوية العشبية في البحرين”.
التشخيص هو 80 من العلاج
ماذا يقول استشاري طب العائلة واختصاصي الصحة المهنية بوزارة الصحة سمير الحداد؟ سيعرفنا محدثنا بوسيلة العلاج بالأعشاب التي هي عنصر من عناصر الكثير من الأدوية التي تستخدم وسيلة للعلاج، ومن خلال الاستخدام تعارف الناس على فوائدها العلاجية المختلفة، لذلك نرى أن إحدى الصناعات الناجحة في البحرين منذ القدم هي مصانع الأدوية العشبية عن طريق تقطير المياه.
يؤكد الحداد أن الأدوية الحالية المتوافرة في الصيدليات بها عناصر كثيرة من الأعشاب الطبيعية وبنسب معينة، وغالبية الحبوب التي توصف للمريض هي أساساً مستخلصة من الفكرة ذاتها، أي من العشب الطبيعي وعناصر أخرى وبتركيزات متحكم في عناصرها، وكيفية تناولها من جانب المريض، بينما الأدوية كأعشاب محضة إذا كانت غير محددة بنسبة أو بغرامات معينة فإنه قد تؤدي باستخدامها خطأً إلى مضاعفات للمريض، ولكن المطلوب في قطاع تصنيع الأدوية العشبية هو عملية التنظيم بقانون، لنضمن أن هناك رعاية ومراقبة حقيقية. ويضيف “أنا لا أقلل من شأن الطب البديل إذ إنه أثبت وعلى المستوى العالمي نجاحات كبيرة، ولكن لابد من أن يكون هناك توجه نحو تنظيم ممارسة تصنيع الأدوية العشبية في البحرين لكي نضمن سلامة حياة المواطنين”.
ويشير الحداد إلى أن “الدواء العشبي به الكثير من العلاجات، ولكن مع الوعي والتثقيف الصحيين البيئيين للمريض، ولا أقلل من الأدوية العشبية ولكن ينبغي أن تكون هناك عملية تنظيم لاستخدامها وتعاطيها للمريض لكيلا تكون هناك مضاعفات”.
ويختم الحداد بقوله: “إن التشخيص هو 80 في المئة من العلاج، وليست الوصفة الطبية، أو سلامة طبيعية الدواء في عناصره، فإذا كان المريض يتلقى الوصفة للعلاج ولم يتلقَ أية درجة من التشخيص فإن من الطبيعي أنه يتعاطى الدواء بشكل خاطئ، لذلك تأتي ضرورة التشخيص”.
جديد الأدوية العشبية عن طريق التقطير، أنواع عديدة من المياه العشبية، منها: ماء اللقاح (القروف)، و”ماء المرقدوش”، و”ماء الزموتة”، و” الحندبان”، و”ماء النعناع”، و”ماء الكوزبون”، و”ماء الحلوة”، و”ماء السكري”، و”ماء الدارسين”، و”ماء الحيج”، و”مرقدوش البحرين الفاخر”، و”ماء الزيتون”، و”ماء الهيل”، و”ماء الزهر”، و”ماء الشاترة”، و”ماء الكرفس”، و”ماء اليانسون”، و”خلطة الأعشاب الطبيعية”، و”ماء جهار عرق”، و”ماء الورد”، كل هذه أنواع من مياه التقطير التي تصنع لدينا، هي من منتجات مصنع الكامل التي ذكرها لنا السيدجلال كامل في حديثه السابق
العدد 1500 - السبت 14 أكتوبر 2006م الموافق 21 رمضان 1427هـ