بينما ينشغل سياسيو المملكة هذه الأيام باجتماعاتهم وتحالفاتهم الجديدة واجتماعاتهم السرية والعلنية، ينشغل غالبية المواطنين بالتجوال في الأسواق بحثا عن ملابس العيد المناسبة لأطفالهم الذين ينتظرون قدوم العيد منذ فترة طويلة، إذ تشهد أسواق ومجمعات البحرين زحاما شديدا من قبل المتبضعين في الوقت الذي تشهد فيه أروقة الجمعيات المؤتمرات ومقرات الأحزاب السياسية حركة دؤوبة للحصول على توافقات جديدة.
وفي جولة لـ “الوسط” على الأسواق والتجمعات السياسية تبين أن اهل البحرين يبحثون في زحام الحوادث عن فرصة للفرح، وأن السياسيين يبحثون في الوقت نفسه عن فرصة للنجاح في الانتخابات القادمة التي قرب موعدها ولم تعط نتائجها المتوقعة للمنتظرين من أبناء الشعب. فالمعادلة تبدو صعبة لكلا الطرفين، فبين فرصة النجاح وفرصة الفرح نجد الكثير من الهموم السياسية التي تحطم معادلة الفرح التي طالما حاولت أن تفرض نفسها على رغم توافق الجميع عليها.
ويقول سلمان العفو، وهو مدرس في إحدى المدارس الثانوية في المملكة, إنه جاء للسوق ليشتري بعض الملابس لأطفاله، لكنه فوجئ بأن ما ادخره لهذا اليوم لا يكفي لشراء كل احتياجات أطفاله. مضيفاً أن “الأحزاب والجمعيات السياسية تفكر في التكتلات للنجاح في الانتخابات ونحن نبحث عن فرصة للحياة بكرامة، ونأمل من كل العازمين من جمعيات وتكتلات وغيرها الراغبين في الدخول في الانتخابات القادمة أن يفكروا في الناس أكثر ويوفروا من خلال برامجهم بشكل يقي الناس الموت المعلن، ومستوانا الاقتصادي وإن تقدم فهو لا يكفي لمتطلباتنا اليومية والدليل أن العيد على الأبواب وأنا لدي أربعة أطفال لا يمكنني أن أوفر لهم ثيابا يفرحون بها على رغم أنني أتسلم راتبا يعتبره البعض جيدا قياسا بكثير من المواطنين”.
من جهته، يقول الموظف بالقطاع الخاص مجيد ناصر، وهو موظف جاء مع زوجته ليتبضع بمناسبة العيد إن الأسعار مرتفعة جدا وهو لا يستطيع أن يشتري كل الاحتياجات، وعندما سألناه عن معنى العيد بالنسبة إليه في جو الانتخابات القادمة، قال إن “العيد عيد، وإن أحسسنا بالاختلاف وخصوصا في هذه الحركة الكبيرة والمتسارعة مع اقتراب الانتخابات التي تشهدها البحرين، ونأمل من المجلسين القادمين أن يراعيا الناس أكثر وأن يحولا تحالفاتهما إلى مناهج عمل سريع ومجد وليس كما حصل في الانتخابات الماضية التي لم نقطف ثمارا منها سوى زيادة ضياع المواطن بسبب عدم مقدرته على تمييز من يملك له الحق”.
طالب في جامعة البحرين سامي بوجيري أشار إلى أن أهله وعدوه بشراء كمبيوتر له في العيد، لكن متطلبات البيت كانت أسرع من وعودهم له، وهو لا يستطيع أن يؤمن لنفسه ما يريد من احتياجات ضرورية على رغم عمله المسائي في أحد مكاتب الإنترنت لأن أجوره اليومية لا تكفي لذلك”، متمنياً أن “يحمل له العيد بعض الفرح الذي افتقده منذ فترة طويلة، وخصوصا بعد ان توفي اعز أصدقائه في حادث سير على الطريق السريع. وقال إنه يدعو “كل الجمعيات التي تواصل اجتماعاتها هذه الأيام للنظر في عيون الناس وتحديد الأهداف بدقة لكي لا يحاصرهم الفشل مرة أخرى”.
وفي الوقت الذي قالت فيه ربة المنزل نادية محمد إنها اصطحبت أطفالها إلى أحد المجمعات التجارية الكبرى وكانت في اشد حالات خوفها من ألا تستطيع تلبية احتياجات الأطفال لغلاء الأسعار في كل المجمعات بشكل جنوني لا يعقل، تنشغل الجمعيات السياسية والتكتلات لضمان مقاعدها في المجلس النيابي “فمن الأجدر لها أن تسعى إلى حل قضايا أهم بات يعاني منها المواطن بدلاً من تأمين الحق لأنفسهم باسم الشعب بأكمله”.
الزحام في مجمعات البحرين على أشده، والزحام في أروقة السياسيين على أشده أيضا، ويبقى السؤال: هل ستوفق المعادلة بين الزحامين ويحصل الناس على ما يريدون من السياسيين؟
العدد 1507 - السبت 21 أكتوبر 2006م الموافق 28 رمضان 1427هـ