تواصل الظروف الاقتصادية العالمية التأثير بشكل قوي على الإنتاج والتجارة والاستثمار في الاقتصادات النامية، ويبدو المشهد العالمي بهذا الصدد غير مشجع على الإطلاق.
فعلى رغم ثلاث سنوات من الانتعاش، لايزال الاقتصاد العالمي هشاً للغاية. وترجح التوقعات على المدى القصير انكماشاً في عدد من الاقتصادات المتقدّمة في أوروبا.
وفي الوقت نفسه، يبدو النمو في بلدان أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، ضعيفاً وغير منتظم. لكن الأهم من ذلك، تبدو التوقعات على المدى المتوسط قاتمة في كل مكان تقريباً.
هناك شكوك لها وزنها في الأسواق المالية العالمية. فقد أصبحت الأصول وأسعار السلع الأساسية وتدفقات رؤوس الأموال وأسعار الصرف، عرضة للتقلبات المفاجئة بما تحمله من عواقب وخيمة على النمو والعمالة.
وفي غضون ذلك، يبدو سجل الاقتصادات النامية واعداً جداً للوهلة الأولى. فقد شهدت الألفية الجديدة ارتفاعاً مذهلاً في الجنوب خلال الفترة مابين 2003 و 2008؛ إذ تجاوز متوسط نمو الاقتصادات النامية الاقتصادات المتقدمة بنحو خمس نقاط مئوية، وذلك مقارنة بنحو نقطة واحدة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
واتسع الفارق خلال الفترة مابين 2008 و 2011 عندما أثبتت معظم الاقتصادات النامية قدرتها على التكيّف مع الأزمة في حين انهار اقتصاد البلدان المتقدمة.
وقد تم تفسير هذا الفارق الواسع على أنه انفصال للجنوب عن الشمال. ومع ذلك، فلا تظهر الأدلة عدم تناسق الدورات بين البلدان النامية والاقتصادات المتقدمة، كما لاتزال الانحرافات الخاصة بالنشاط الاقتصادي عن الاتجاهات الأساسية مترابطة إلى حد كبير.
وتبيّن النظرة الفاحصة أن ارتفاع النمو في الاقتصادات النامية يعود أكثر إلى وجود ظروف اقتصادية دولية تمتاز بكونها استثنائية ومواتية.
وحتى حدوث الأزمة المالية، كانت فقاعات الائتمان والاستهلاك والعقارات في الاقتصادات المتقدمة قد خلقت بيئة اقتصادية عالمية مواتية جداً للاقتصادات النامية في التجارة، والاستثمار، وتدفقات رأس المال وأسعار السلع الأساسية.
وكان ما لا يقل عن ثلث نمو الصين ما قبل الأزمة ناتجاً عن صادراتها، التي كان معظمها موجهاً إلى الاقتصادات المتقدمة، فيما كان المعدّل أعلى من ذلك بالنسبة إلى الاقتصادات الآسيوية الصغرى التي تقودها الصادرات.
يلماز أكييوز
مركز الجنوب - إنتر بريس سيرفس
العدد 3592 - السبت 07 يوليو 2012م الموافق 17 شعبان 1433هـ