منحت الصين التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي وتأمين مواردها من المعادن، قرضاً تزيد قيمته عن ملياري دولار إلى طاجيكستان التي تعد أفقر بلدان آسيا الوسطى، كما تعتزم أيضاً توسيع نفوذها في المنطقة على حساب روسيا.
ففي هذه الجمهورية السوفياتية السابقة لا تتجاوز عائدات الفرد 780 دولاراً سنوياً ونحو 40 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي تأتي من التحويلات المالية المرسلة من الشتات خصوصاً من روسيا بحسب البنك الدولي.
ومع ذلك لم تعد هذه الدولة المسلمة تتطلع نحو موسكو الشقيق الأكبر سابقاً، للحصول على مساعدة مالية، بل بالأحرى نحو الصين التي تتقاسم معها حدوداً على طول 500 كلم عبر جبال بامير.
وأثناء زيارة رئيس طاجيكستان إمام علي رحمنوف إلى بكين في مطلع يونيو/ حزيران الماضي، وقع البلدان اتفاقات بشأن منح دوشانبي مليار دولار، ليستخدم منها 600 مليون لبناء مصنع للأسمنت في جنوب البلاد.
وأكد رحمنوف لنظيره الصيني هو جينتاو «أن العلاقات مع الصين أولوية في السياسة الخارجية لطاجيكستان».
وهذا القرض يضاف إلى 900 مليون دولار قدمتها الصين منذ 2005 لمساعدة طاجيكستان على بناء طرق جديدة وأنفاق.
ويمثل هذا التعاون مع بكين بالنسبة لدوشانبي أفضل ضمان للاستقرار الاقتصادي والسياسي، في حي ما زالت البلاد تتعافى من الحرب الأهلية بين الحكم والمقاتلين الإسلاميين التي اجتاحتها في تسعينات القرن الماضي.
كما يوفر لها فرصة لتنمية مصادر عائداتها الجديدة والتخلص من تبعيتها لإنتاج القطن والألمنيوم وأموال المهاجرين.
وقد قامت البلاد بتأجير 600 هكتار من الأراضي الزراعية في الجنوب إلى شركة صينية. إلى ذلك بدأت شركة «تشاينا ناشونال بتروليوم كوربوريشن» التي تعد أول منتج للنفط الصيني، في طاجيكستان عمليات تنقيب عن الغاز والنفط. كما استثمرت شركة زيجين ماينينغ غروب 200 مليون دولار في شركة مختلطة تأمل زيادة إنتاج الذهب من 1,3 طن حالياً إلى خمسة أطنان بحلول 2016.
ومن مصلحة الصين أن تنعم جارتها طاجيكستان بـ «الاستقرار والازدهار»، لاسيما بسبب قربها من منطقة شينجيانغ المسلمة التي تتمتع بحكم ذاتي كما لفت المحلل السياسي، عبدالغني محمد زيموف.
كذلك تعتبر بكين طاجيكستان نقطة عبور أساسية للغاز الذي ستتلقاه من إيران كما أضاف.
وقال «باستثمارها تخدم الصين مصالحها».
في المقابل وافقت دوشانبي العام الماضي على اتفاق لترسيم الحدود يصادق على التخلي لبكين عن 1122 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الطاجيكية في منطقة جبلية غير مأهولة، وهي مساحة تمثل حوالى 1 في المئة من أراضي البلاد.
والاتفاق الذي تصفه طاجيكستان بأنه «انتصار» وضع حداً لنزاع دام قرابة 130 عاماً.
واليوم تقدر المبادلات التجارية بين الصين وطاجيكستان بملياري دولار، وهو رقم ضخم بالنسبة للجمهورية التي تعد فقط 7,5 ملايين نسمة. وقال مدير مركز الأبحاث «كونتنت» ظفار عبداللييف «إن الصين هي حالياً الشريك الاقتصادي المفضل لطاجيكستان»، مضيفاً أن بكين تسعى دوماً ليبقى جارها في دائرة نفوذها السياسي.
ورأى الخبير أيضاً أن النفوذ الصيني أقل تهديداً لسيادة البلاد مما هو عليه الفساد الداخلي وسوء الإدارة.
العدد 3593 - الأحد 08 يوليو 2012م الموافق 18 شعبان 1433هـ