العدد 3599 - السبت 14 يوليو 2012م الموافق 24 شعبان 1433هـ

أزمة غذاء تلوح مع ارتفاع أسعار الحبوب

أكبر المستوردين مصر وإيران والصين والهند متحدون في إيصال رسالة الثقة

أدى ما يبدو أنه أسوأ جفاف تشهده الولايات المتحدة في ربع قرن لموجة صعود في أسعار السلع الأولية بالأسواق العالمية وسجلت أسعار الحبوب الأساسية مستويات مرتفعة كانت قد أدت في آخر مرة شهدتها الأسواق لأزمات غذاء في بعض المناطق.

وتقوم دول كثيرة تعتمد بشدة على الاستيراد بتقليص وارداتها في الوقت الحالي والاعتماد على مستوى جيد لديها من المخزونات على أمل أن تدخل حبوب من مصادر أخرى السوق وتدفع الأسعار للانخفاض. لكن هذه الآمال قد تتبدد لو عادوا جميعاً للجوء إلى السوق في الوقت نفسه.

وليس من الغريب أن ترتفع الأسعار نحو 40 في المئة في الأسابيع الثلاثة الماضية مع تضاؤل التوقعات لإنتاجية محاصيل الحبوب بسبب الجفاف الشديد.

وسجل سعر فول الصويا مستوى قياسياً يلاحقه القمح. وقال شون ماكمبرديج المحلل لدى (يجفريز باتشي) «فرص الإنتاج بدت رائعة وربما ولدت إحساساً زائفاً بالأمن لدى هؤلاء المستخدمين النهائيين. في تلك المرحلة كنا نتوقع أسعاراً (للذرة) دون خمسة دولارات لو ظل الطقس مناسباً لكننا الآن ارتفعنا بشدة».

ويبلغ سعر الذرة في العقود الآجلة المضمونة بمحصول 2012 أكثر من سبعة دولارات للبوشل ويرتفع السعر سريعاً. وقال تجار إن المستهلكين في أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط قلصوا مشترياتهم المعتادة متوقعين أن تتراجع الأسعار. وقال تاجر «هذه بالنسبة لي قنبلة موقوتة. أنا عادة واحد من الذين يتوقعون هبوط الأسعار لكنني لن أندهش لو بلغ سعر الذرة عشرة دولارات».

وهناك أوجه شبه كبيرة بين الوضع الحالي وأزمات الغذاء التي شهدتها الأعوام القليلة الماضية بما في ذلك طقس قائظ ومحاصيل متضائلة وأسعار فلكية. ما علينا فقط سوى أن نضع موجة الجفاف ومحصول الذرة الأميركي في 2012 مكان انهيار المحصول الروسي في 2010. وتمتد أوجه الشبه أيضاً إلى وضع الاقتصاد الكلي فقد شهد العام 2008 - وهي آخر مرة بلغت فيها الأسعار هذه المستويات الحالية - تفجر أزمة مالية متفاقمة بانهيار بنك ليمان براذرز. والآن زعزعت أزمة الديون الأوروبية استقرار منطقة اليورو وهناك مناطق أخرى على حافة الهاوية. أدى عدم اليقين لتقلبات في جميع الأسواق هذه المرة كما حدث في المرة الماضية لكن القاسم المشترك المتمثل في العرض والطلب كان هو القوة الدافعة في أحدث صعود لأسعار الحبوب وكانت الأحوال الجوية العامل الأساسي الوحيد ذي الحيثية. هذا الشراء المحموم يؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من تضخم أسعار الغذاء وقد يكون ارتفاع الأسعار المحلية نقطة اللاعودة في دول يعاني سكانها بالفعل.

وتبدي هيئات شراء الحبوب الرسمية في أكبر الدول المستوردة مثل مصر وإيران والصين والهند تفاؤلاً حتى الآن وهم متحدون في إيصال رسالة الثقة في مستويات المخزونات المحلية وقدرتهم على تفادي صعود الأسعار الحالي. وقالت مصر أكبر مستورد للقمح في العالم والتي تستورد أكثر من عشرة ملايين طن سنوياً إن لديها مخزون استراتيجي يكفي تقريباً لأكثر من ستة أشهر حتى يناير/ كانون الثاني. وقال نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية الأسبوع الماضي نعماني نعماني «بالطبع من غير المرجح أن ندخل الأسواق الآن لشراء قمح للشحن في أغسطس (آب) لأن مشترياتنا من القمح المحلي تجعلنا في وضع مريح للغاية».

وفي آسيا تكون لدى الصين والهند مخزونات وفيرة من القمح والارز بفضل حصاد شبه قياسي في السنوات القليلة الماضية. وقالت مصادر في قطاع تصدير الذرة الأميركي إن الصين وكوريا الجنوبية حجزتا شحنات اضافية تحسباً لمشاكل في المعروض وارتفاع الأسعار. وأعاد صعود الأسعار للأذهان ذكريات أزمة الغذاء في 2007 و2008 حينما أضافت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) 75 مليوناً لتقديرها لمن يعانون جوعاً مزمناً في العالم. وحددت تقديرات أخرى الزيادة بما يصل إلى 160 مليوناً. وارتفع مؤشر مجلس الحبوب العالمي لأسعار الحبوب والبذور الزيتية الأسبوع الماضي لأعلى مستوياته منذ يوليو/ تموز 2008. والمؤشر متوسط مرجح لأسعار القمح والذرة وفول الصويا وعلف الصويا والارز والشعير والسرغوم وبذور اللفت. وعلى رغم أن مخزونات الحبوب حالياً أعلى منها في 2008 بنسبة 25 في المئة وفقاً لبيانات المجلس فإن الشيطان يكمن في التفاصيل إذ تمتلك الصين مخزوناً كبيراً من القمح والذرة ومن المستبعد أن تضخه في الأسواق العالمية.

وارتفع استهلاك الحبوب بشكل مطرد في السنوات القليلة الماضية. وتوقع مجلس الحبوب في وقت سابق هذا الشهر نمو الاستهلاك 1.8 في المئة في 2012-2013 مدعوماً بارتفاع استهلاك اللحوم خاصة في الدول النامية.

وتقول مصادر تجارية إن إيران في الوقت الذي تلتقط فيه أنفاسها من نوبة شراء مكثف في وقت سابق من العام الجاري خوفاً من العقوبات وتحصي محصولها المحلي فهي تراجع الأسعار يومياً وعينها على مشتريات أكبر من القمح. ودخلت مفاوضات حول صفقات قمح بملايين الأطنان بين إيران وباكستان طريقاً مسدوداً ومن شأن انهيارها أن يزيد حدة احتياج طهران لشراء القمح.

وتعاني سوريا من مشكلة مزمنة إذ إن الأثر غير المقصود من العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد جعل الدولة التي مزقتها الأزمة غير قادرة على شراء كميات كبيرة بما يكفي لتلبية احتياجاتها من واردات الحبوب التي تبلغ نحو ثلاثة ملايين طن. وفشلت مراراً محاولات سوريا لتنفيذ صفقات مع ارتفاع الأسعار بشكل متزايد. وقال محلل شئون الشرق الاوسط في «أيه.كيه.إي» الان فريزر «في ضوء أن الاقتصاد مبعث قلق بالفعل سيؤدي ارتفاع أسعار الحبوب لضغط متزايد على الحكومة السورية. احتياطي النقد الأجنبي هبط لمستوى قياسي جديد ويتراجع بمعدل سريع مع تراجع التجارة وقدرة البلاد على جمع الضرائب». وتتوقع تايلاند أكبر بلد مصدر للدجاج المجمد في آسيا أن يغذي ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا تضخم أسعار المواد الغذائية مع ارتفاع تكلفة العلف الحيواني.

العدد 3599 - السبت 14 يوليو 2012م الموافق 24 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً