أبدى الفلسطينيون قلقاً متزايداً من مخاطر التورط في «صراع حرب أهلية» في سورية بما يهدد مصير أكثر من نصف مليون فلسطيني يقيمون فيها.
وضاعف تكرار عمليات قتل وجرح الفلسطينيين في سورية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من حدة هذا القلق وسط إجماع رسمي وفصائلي على الموقف الحيادي مما تشهده البلاد باعتباره أمراً داخلياً.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن الموقف الفلسطيني معلن وثابت بأننا «لا نريد التدخل بأي شكل مما يجرى في سورية أو غيرها من الدول العربية». وذكر مجدلاني أن «اللاجئين الفلسطينيين هم ضيوف بصفة مؤقتة في سورية كما غيرها من الدول العربية ومطلبنا لجميع الأطراف بها هو عدم الزج بالمخيمات الفلسطينية هناك بهذا الصراع الداخلي».
وشدد مجدلاني على «الموقف الحيادي للفلسطينيين في الحرب الأهلية التي تشهدها سورية».ورأى أن هناك «مخططات بائسة لجر شعبنا في المعركة التي لم تكن يوما معركتنا وذلك من خلال عمليات استهداف المدنيين والأبرياء في المخيمات الفلسطينية».وأضاف أن «القيادة والفصائل الفلسطينية سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو في دمشق أكدت مجدداً على رفض الزج بالفلسطينيين في الصراع الذي يجرى في سورية «.
وتابع قائلاً : «نوجه رسالة واضحة لطرفي الصراع في سورية بعدم زج شعبنا بهذه المعركة كما ندعو الأمم المتحدة لتوفير الحماية والدعم للمخيمات الفلسطينية وهناك اتصالات تجرى مع جميع الأطراف وتفادي مخاطر جسيمة لذلك».
وكان قد قتل وجرح العشرات من الفلسطينيين أول أمس الخميس، جراء قصف عنيف تعرض له مخيم اليرموك في دمشق وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سورية ويقطنه أكثر من مئة ألف لاجئ. ووصفت الرئاسة الفلسطينية ما جرى في المخيم بأنه «جريمة نكراء»، منددة بمحاولات بعض الأطراف بالزج بالمخيمات الفلسطينية في اتون دائرة العنف الدائرة في سورية.وجددت الرئاسة التأكيد على عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، وتحييد المخيمات سواء في سورية أو لبنان أو أي مكان آخر من دول الشتات، وإخراجها من دائرة الصراع والعنف الدموي.
وطالبت بوقف فوري لجميع أعمال القتل والتدمير في المخيمات، وتوفير الحماية لسكانها بمن فيهم الأشقاء السوريين «كي يبقى المخيم عنواناً للأمن والأمان».
كما نددت حركة «حماس» بحادثة مخيم اليرموك. وقال عضو المكتب السياسي للحركة، عزت الرشق في بيان، إن «حماس» تؤكد على ضرورة عدم الزج بأبناء الشعب الفلسطيني ومخيماتهم في الأزمة السورية. وفي السياق ذاته دعت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في سورية إلى «التوقف عن العبث بأمن شعبنا وسلامته وأمن مخيماته من خلال عمليات تجييش عبثية لن تحمل إلا مزيدا من الويلات على شعبنا، ولن تسهم إلا في إضعاف وحدة مجتمعه وتماسكه».وتبرز هذه المواقف خشية فلسطينية متزايدة من مخاطر الانزلاق في أتون الصراع الداخلي الذي قد تتضاعف حدته في سورية مستقبلا.وحسب إحصائيات فلسطينية رسمية يقيم 472 ألف فلسطيني في مخيمات سورية، إلى جانب 120 ألفاً خارج المخيمات.
وتسببت الأزمة التي تشهدها سورية منذ فبراير/ شباط من العام الماضي على خلفية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، في نزوح مئات الفلسطينيين المقيمين فيها.وأكدت مصادر فلسطينية أن العشرات من سكان قطاع غزة المقيمين في سورية عادوا أدراجهم إلى القطاع خشية التطور الدموي للأحداث فيها.
وتحدثت المصادر عن نزوح مئات اللاجئين إلى لبنان وتركيا.وناشدت اللجنة الشعبية الفلسطينية في سورية، المؤسسات الأهلية والمدنية الفلسطينية، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تقديم المساعدات العاجلة للنازحين الفلسطينيين بسبب الظروف القاسية التي يتعرضون لها بسبب نزوحهم القسري عن منازلهم في سورية.
وأطلقت السلطة الفلسطينية الشهر الماضي حملة إغاثة لصالح دعم اللاجئين الفلسطينيين في سورية مادياً وغذائياً. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» محمد أشتيه الذي يرأس الحملة تحت شعار (أغيثوا أهلنا في سورية) إنها تستهدف تقديم جميع أشكال الدعم للفلسطينيين في سورية داخل مخيمات اللجوء وخارجها. وذكر أشتيه أن الحملة تتعاون مع الغرف التجارية والمحافظين والبلديات وممثلي القطاع الخاص الفلسطيني والشركات والمؤسسات الاقتصادية في جمع المساعدات ونقلها إلى سورية للتخفيف من وطأة الأوضاع الصعبة للفلسطينيين هناك. وأوضح أشتيه أن الحملة التي يديرها 30 متطوعاً تتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة التي ستتكفل بتوصيل المساعدات عبر شاحنات خاصة في ظل الأوضاع الصعبة للفلسطينيين في سورية.
العدد 3620 - السبت 04 أغسطس 2012م الموافق 16 رمضان 1433هـ