تواجه ألمانيا آفاقا اقتصادية قاتمة مع اقتراب اقتصادات منطقة اليورو من دائرة الركود بسبب أزمة الديون. وأظهرت البيانات الصادرة أمس انكماشا تجاوز الوقعات للصادرات الألمانية في شهر حزيران/يونيو الماضي، مع تراجع الناتج الصناعي لتزداد المخاوف التي تحيط بأكبر اقتصاد في أوروبا مع احتمال اتجاهه نحو التباطؤ خلال الاشهر القليلة المقبلة.وتقول المحللة الاقتصادية أولريكه روندورف من مصرف "كوميرتس بنك" إن البيانات المتاحة حتى الآن تشير إلى نمو الاقتصاد الألماني خلال الربع الثاني من العام الحالي.وتضيف "رغم ذلك، هناك مؤشرات متزايدة على أن إجمالي الناتج المحلي للأمة سينكمش خلال الربع الثالث".
كانت البيانات الصادرة أمس الأربعاء أشارت إلى تراجع شهري للصادرات الألمانية بنسبة 5ر1% خلال حزيران/يونيو الماضي في حين تراجع الناتج الصناعي بنسبة 9ر0% خلال الفترة نفسها، وذلك في أعقاب سلسلة من البيانات الاقتصادية التي قدمت صورة قاتمة للاقتصاد الألماني مع دخوله النصف الثاني من العام الحالي.وجاءت هذه البيانات في الوقت الذي تسود فيه حالة من التفاؤل الأسواق المالية بشأن اتجاه البنك المركزي الأوروبي إلى إطلاق خطة عمل جديدة للمساعدة في احتواء أزمة الديون الأوروبية المستمرة منذ 3 سنوات.ولكن البيانات الاقتصادية المخيبة للامال الصادرة عن أكبر اقتصادات القارة تظهر كذلك المعركة التي تواجه جزءا كبيرا من منطقة العملة الأوروبية الموحدة التي تحاول تخفيض ديونها في ظل ضعف النمو الاقتصادي.ينطبق هذا الأمر بشكل خاص على أسبانيا وإيطاليا حيث تحاول الدولتان تفادي طلب مساعدات مالية من دول الاتحاد الأوروبي لمواجهة التزاماتهما المالية.يقول جوناثان ليونيه كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي بمؤسسة "كابيتال إيكينوميكس جروب" للدراسات الاقتصادية "ما من شك في أن مثل هذه البيئة الاقتصادية الضعيفة ستجعل تحقيق المزيد من التقدم المالي بالنسبة للاقتصادات المثقلة بالديون أمرا بالغ الصعوبة".كانت وزارة الاقتصاد الألمانية أعلنت أمس تراجع الطلب على المصانع في ألمانيا خلال شهر حزيران/يونيو الماضي بنسبة 7ر1% وهو ما يتجاوز التوقعات بعد تراجع الطلب من منطقة اليورو بنسبة 9ر4% خلال الشهر نفسه.كما انخفض مؤشر ثقة المستثمرين في الاقتصاد الألماني خلال تموز/يوليو الماضي إلى أدنى مستوياته منذ 28 عاما، بحسب ما أعلنه معهد "أيفو" للدراسات الاقتصادية. وارتفع عدد العاطلين في ألمانيا خلال الشهر الماضي، للشهر الرابع على التوالي، بمقدار 7000 عاطل، وفقا لبيانات مكتب العمل الاتحادي الألماني.ورغم ذلك، ظل معدل البطالة عند مستوى 8ر6% وهو أقل مستوى له منذ عشرين عاما.كان المحللون يأملون في أن يساعد الطلب المحلي القوي في المانيا في تعويض تراجع الصادرات نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي.ولكن الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي الشهر الماضي اظهرت تراجع مبيعات التجزئة في البلاد للشهر الثالث على التوالي خلال حزيران/يونيو الماضي.في المقابل، ذكر معهد "جي.إف.كيه" لأبحاث السوق في تقريره الشهري الشهر الماضي إنه للحظة أدى ارتفاع الأجور إلى تعزيز مشاعر الثقة بين المستهلكين في ألمانيا. ولكن المعهد حذر من أن استمرار أزمة الديون والأزمة المصرفية في أوروبا، من شأنه أن يؤدي إلى تبدد مشاعر التفاؤل الاقتصادي في ألمانيا.وذكر المعهد أن هناك "خوف متزايد لدى الألمان من أن يدخل اقتصاد ألمانيا دائرة الأزمة".وكانت البيانات الصادرة أمس قد أشارت إلى تراجع قيمة الواردات خلال حزيران/يونيو الماضي بنسبة 3% عن الشهر السابق وهو ما يشير أيضا إلى ضعف التجارة الداخلية.في الوقت نفسه، فإن صادرات المانيا خلال شهر حزيران/يونيو الماضي جاء أعلى من صادرات الشهر نفسه من العام الماضي بنسبة 4ر7% بفضل تحسن الطلب عليها في الدول غير المتضررة من أزمة ديون منطقة اليورو. وزادت الواردات خلال الفترة نفسها بمعدل 5ر1%.وفي حين تراجعت صادرات ألمانيا إلى دول منطقة اليورو بنسبة 3% ، فقد زادت إلى الدول الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والدول صاحبة الاقتصادات الصاعدة، مثل الصين والبرازيل بنسبة 8ر19%. يذكر أن ألمانيا هي ثاني أكبر دولة مصدرة في العالم بعد الصين.وزاد الفائض التجاري لألمانيا خلال حزيران/يونيو الماضي إلى 9ر17 مليار يورو (2ر22 مليار دولار) مقابل 6ر15 مليار يورو خلال أيار/مايو الماضي.