الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقياس يجعل الأسعار الثابتة من خلال اعتماده على قيمة عام معين الذي يكون عام الأساس لجميع السلع والخدمات. ومن ثم، يتم استخدام هذه القيم لقياس الناتج المحلي الإجمالي للأعوام التي سبقت عام الأساس والأعوام التي تليه. كما يمكن قياس الناتج المحلي الإجمالي بعدة طرق، ومنها التي يتّبعها مكتب الإحصاء الإندونيسي، وهو الجهة الحكومية المسئولة عن البيانات الوطنية؛ إذ يقيس الناتج المحلي الإجمالي بطريقة الإنفاق وإنتاج القطاعات. والناتج المحلي الإجمالي يتكون من الاستهلاك الخاص، والإنفاق الحكومي، والاستثمارات المالية الثابتة، والصادرات والواردات. ويلعب الاستهلاك الخاص دوراً مهماً في النمو في إندونيسيا التي تعتمد على الاستهلاك المحلي، ولكن تقليدياً كانت مساهمة الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي أكبر.
من المرجّح أن تُبقي تسهيلات السياسات الائتمانية وثقة المستهلكين معدّلات الاستهلاك عالية حتى نهاية العام؛ ليظل بذلك النمو مزدهراً. بينما من المتوقع أن يتباطأ نمو الصادرات بسبب ضعف التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية، وأزمة الديون المتفاقمة في منطقة اليورو. ويجب أن يتنبّه صانعو السياسات في إندونيسيا إلى العجز المتزايد في الميزان التجاري الناتج عن الانخفاض المستمر في مستوى الصادرات، والارتفاع المستمر في مستوى الواردات استجابة للاستهلاك المحلي المزدهر. وبما أن الصين واحدة من أهم مستوردي السلع الإندونيسية، فسيكون اقتصاد البلاد معرّضاًَ للتذبذب وفق اتجاه النمو الصيني. هذا وتعادل المواد الخام والفحم والنفط الخام وزيت النخيل ما يقارب 70 في المئة من الصادرات الإندونيسية، ويأتي الطلب عليها بشكل أساسي من الصين. وإذا ما استمر الاقتصاد الصيني بالتباطؤ، ستنخفض أسعار السلع أكثر، مما يخفض بالتالي من مستوى الإنفاق الشخصي، ومن ثقة المستهلكين والشركات، ويضعف كل من مستوى الاستهلاك والاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، يسبب ارتفاع الواردات المصاحب لانخفاض سعر صرف الروبية الإندونيسية ضغوطاً ترفع من مستوى التضخم المحلي؛ ما يستدعي وبشكل تدريجي الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر وأوضح. وفي حال لم يتخذ البنك المركزي الإندونيسي أي إجراء لرفع سعر صرف الروبية هذا الشهر، سيدفعه معدّل النمو العالي خلال الربع الثالث من هذا العام إلى مراجعة قراره، وخاصة إذا استمرت الروبية بالتراجع واستمر التضخم بالارتفاع.
دانا الفقير
محللة اقتصادية في الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية
العدد 3630 - الثلثاء 14 أغسطس 2012م الموافق 26 رمضان 1433هـ