العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ

صَخبُ المثاليّات المعدومة

أن تؤْلِمكَ الجاذبية للحدّ الذي تشعر فيه أنّك تسقط من سماءٍ تاسعة، وتلك الرغبة التي تتملّكك في توبيخ سرب حمام ظلّ طريقه واستقرّ أمام نافذتكَ تماماً في أكثر الأوقات الّتي كنتَ فيها بحاجة لأن ترتاح من صخبِ الحياة أكمله، فجأة بات يؤرّقكَ الغضب من كلّ شيء وشعور العجز الّذي يداهمك، ألاَّ تستطيع أن تكتب لأنّ أصابعكَ تخذلكَ والأقلام متحجّرة كما لو أنّ حمّى انقطاع أصابت حبر السّماء، وأنتَ منذ البارحة لا تستطيع النّوم ثمّة ما يسدّ كلّ منافذ الهواء إليكَ، والقلب منكسر.. تتذكّر الصديق الذي نسيتَ موعد سفره، اتّصل بكَ قبلَ أن تقلع طائرته وقال شيئاً واحداً بكلّ طيبة قلب: " تمنّيتُ حتّى آخر لحظة أن تتذكر موعد سفري، أو أن تكون حتى الشّخص الأخير الّذي أحادثه قبل السفر".. اشتياقاتك التي لا تزيدك إلاّ تعاسَة لا تبقِي لكَ سعادة ولا تذر شيئاً.. الضعف الّذي ينتابكَ مع استحضار كلّ تفاصيل الراحلين.. الحسابات العالقَة الّتي تريد فجأة أن تصفّيها، تجعلكَ تدرك أنّك فقدت نفسكَ في زحام المثاليّات المعدومة – تأخذكَ جانباً وتحاسب نفسك – لا تريد أن تزيد وطأة الفشل الّذي تعلّق بكَ، لكنّك تنهض في النّهاية ولا تنسى نصيبكَ من البكاء.. فتبكي وتبكي حتّى تعاوِدَ السّقوط مجدّداً..

لكن هل سألتَ نفسكَ إلى متى ستبكي سراباً يدرك الجميع كما تؤمن أنتَ أنّه قابل للتّلاشي في ومضة عين؟ إلى متّى ستظلّ حزيناً وهذه الحياة قصيرة جداً على أن تحتمل الحزن؟ وأخيراً هل نسيتَ إننا جميعاً إلى الربّ لراجعون؟ فهل اخترت الطريق الّذي ستعود به " إليه " أم أنّك لا زلت تحسب الوقت مبكراً جداً على ذلك؟!

ساجدة مجيد عبد الحميد

العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً