كشفت إدارة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» عن القائمة النهائية للأفلام الوثائقية العربية المُرشّحة في الدورة التاسعة للمهرجان للتنافس على جائزة «المهر العربي»، وتتضمن القائمة ثمانية أفلام تُعرض للمرة الأولى عالمياً، وفيلمين يُعرضان للمرة الأولى دولياً، وخمسة أفلام تُعرض للمرة الأولى في الوطن العربي. تغطي الأفلام المتنافسة مساحات واسعة من القضايا الاجتماعية، والصراعات، والكفاح من أجل الحرية، والعادات والتقاليد الاجتماعية، بيد أنها تجتمع على عنصر مُوحّد، هو معاينتها للمتغيرات على الساحة العربية.
وقال المدير الفني للمهرجان مسعود أمرالله آل علي «إنها أفلام تروي بأسلوبية عالية قصص عالمنا العربي، وبالتالي ترصد الثابت والمتغير، ما يضعنا أمام الصراع الأعمق الحاصل في منطقتنا، عبر الأناس الحقيقين لهذا الصراع والمتأثرين المباشرين بنتائجه» واصفاً الأفلام التي تحملها مسابقة «المهر العربي» للأفلام الوثائقية هذا العام، بـ «النافذة البانورامية على العالم العربي، لكنها نافذة لا تكتفي بالماضي والحاضر، بل ترسم ملامح مستقبل العالم العربي واقعياً وفنياً».
تجتمع مجموعة من الأفلام التي تتنافس على مسابقة «المهر العربي» على معاينة بلدان ما صار يعرف ببلدان الربيع العربي، ولتلتقي على مقاربتها من خلال المرأة وأحوالها قبل وبعد الثورات العربية، كما هو الحال مع فيلم المخرجة اليمنية خديجة السلامي «الصرخة» في عرضه العالمي الأول، حيث توثق مساهمة النساء اليمنيات في الثورة اليمنية، ومن اليمن إلى تونس وفيلم هند بوجمعة «يا من عاش» الذي عرض في مهرجان البندقية السينمائي، وهو يختبر من خلال عايدة التي تعيش وأبنائها بلا مأوى، حقيقة أن لا شيء تغير في تونس ما بعد زين العابدين بن علي.
أما المخرج السوري نضال حسن فيحوّل فيلمه «حكايات حقيقة عن الحب والحياة والموت وأحياناً الثورة» في عرضه الدولي الأول، من فيلم يسعى لأن يروي مصائر نساء سوريات أعلنّ الثورة والتمرد من أجل حريتهن، إلى نساء أخريات يصنعن ثورتهن الآن.
جديد المخرج المصري سعد هنداوي «دعاء... عزيزة» في عرضه العالمي الأول، يروي لنا كيف تخطط عزيزة للهجرة خارج مصر، عكس دعاء التي تنوي مغادرة فرنسا والعودة للعيش في مصر! مثيراً تساؤلاً مفاده: هل نجد في الغرب جنتنا المفقودة؟
ووفق آلية سرد تمزج الروائي بالتسجيلي يقدم المغربي محمد العبودي في الوثائقي «نساء بدون هوية»، مأساة فتاة مغربية تتعرّض للاغتصاب ولم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها. وفي فعل استعادي على اتصال بالحاضر تعود اللبنانية إليان راهب في فيلمها «ليالي بلا نوم» إلى أحد الفصول الدامية من الحرب الأهلية اللبنانية، وقد سبق أن عرض هذا الفيلم في «مهرجان سان سبستيان»، بينما تقدم مواطنتها فرح قاسم في فيلمها «أبي يشبه عبدالناصر» فيلماً حميمياً وخاصاً جداً، عن علاقة المخرجة بأبيها، وهي تحاول إيجاد أجوبة على أسئلتها قبل فوات الأوان.
فلسطينا؛ً فإن ثلاثة أفلام في عروضها العالمية الأولى لها أن تقارب مأساة ومعاناة الفلسطينيين تحت قبضة الاحتلال، الأول بعنوان «غزة تنادي» للمخرجة ناهد عواد، حيث يوثق معاناة عائلات فلسطينية في ظل الحصار الاسرائيلي. أما فيلم «متسللون» للمخرج خالد جرار، فيضيء حياة الفلسطينيين وطرقهم وابتكاراتهم في التحايل على جدار الفصل العنصري الجاثم على صدروهم. القدس ستحضر في وثيقة خاصة يقدمها رشيد مشهرواي في جديده «أرض الحكاية»، من خلال المصور الأرمني إيليا، ووالده المصور أيضاً، ومن ثم ابنه، وقد صوّروا جميعهم القدس القديمة داخل وخارج الأسوار، منذ زمن الانتداب البريطاني وإلى يومنا هذا.
وفي سياق متصل بأتي فيلم باري القلقيلي «السلحفاة التي فقدت درعها» في عرضه العربي الأول ليوثق القضية الفلسطينية، من مقاربة شخصية لأبنة ألمانية وأسئلتها لوالدها الفلسطيني المسكون بالعودة إلى فلسطين. بينما تمضي ندى شهاب في «حديقة أمل» إلى شمال العراق وتجمع حكايا زوجين مرت عليهما الحرب تلو الأخرى وهما يعملان على إعادة بناء منزليهما.
ويقول لنا كريم غوري في فيلمه «الرجل في الداخل»: «توفي والدي في 11 سبتمبر 1989. لا أذكر أين كنت يومها. لكن بعد 22 سنة من ذاك اليوم، ها أنا في غرفة فندق ما في الكويت العاصمة. وينشغل فيلم المخرج الجزائري لمين عمار خوجة «سقسي خيالك» بأسئلة وجودية ترافق عودته إلى الجزائر.
وبإخراج مشترك يأتي فيلم «موسم حصاد» وهو لكل من نسيم أمعوش، وسامح زعبي، وميس دروزه، وأريج سحيري، ليتمحور حول مقولة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش «الهوية هي ما نورّث لا ما نرث؛ ما نخترع لا ما نتذكّر» مقدماً أسئلة المخرجين الأربعة حول الهوية والإرث، مقدّمين صورة حسّاسة عن العالم العربي، معبّرين عن تساؤلاتهم الشخصية وقلقهم، من أربعة أمكنة مختلفة.
ختاماً، يصف مدير البرامح العربية في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» عرفان الرشيد الأفلام الوثائقية العربية في هذا الدورة: بأنها «تضع المشاهد العربي وجهاً لوجه أمام واقعه، بينما تعرّف غير العربي بهذا الواقع على شتى المستويات» مؤكداً من جانب فني وأسلوبي على أنها «تلتقي على قوة السرد، سرد ما يعيشه البشر والتنويع في أدواته، بما يحرض المتلقي إلى السعي لمعرفة المزيد، بعد معاينة حيوات ومصائر لم يعاينها من قبل».
العدد 3745 - الجمعة 07 ديسمبر 2012م الموافق 23 محرم 1434هـ