العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

المخرج حسين عبدعلي: ثنائية السرد والأداء تكسر الصمت في حوش بيت «منامي»

«عندما صمت عبدالله الحكواتي»... في قلب المنامة عن حكايات أربع

لأزقة المنامة... نسيمها وشرفاتها وناسها وأجناسها، حكايات تروى وحكايات أخرى تبقى سراً! المنامة، بفرجانها العريقة الأخاذة إلى الآن على رغم جو الغربة وملامح الألم والقسوة، ستحكي بضعاً من تلك الحكايات في صمت لن يطول، وستصمت في أخرى والكلام يطول في ذلك الحوش الذي ربما سيزداد شعوره بالدفء مع صمت عبدالله الحكواتي في بيت «منامي»، أو... ربما سيحتاج لدفء أكثر حينما يتكلم، وفي كلتا الحالتين، ستكسر ثنائية السرد والأداء في مسرحية: «عندما صمت عبدالله الحكواتي» الصمت في قلب المنامة بحكايات أربع.

ربما ستظهر صواري السفن من على مبعدة من بيت القصير في (فريق الفاضل) بالمنامة... هناك على مياه البحر الذي لم يعد منظوراً من فرضته العتيدة... لكن مسرح الصواري سيدشن في الفترة من 20 إلى 25 ديسمبر/ كانون الأول الجاري مسرحية: «عندما صمت عبدالله الحكواتي»، لكن لابد من وقفة هنيهة، مع معد العمل ومخرجه الفنان حسين عبدعلي الذي يستهل حديثه بالقول إن العمل المرتقب قائم على محورين: المحور الأول هو السرد، أما المحور الثاني فهو الأداء التمثيلي، وهذان المحوران يتمازجان في فعل الصمت لدى عبدالله الحكواتي... هو مرتبط ارتباطاً تاماً بالصمت والكلام... السرد والحكي، فهذه الشخصية لها الكلام بمثابة حياة، لكن على النقيض تماماً، فإن الصمت هو المفجر الحقيقي للأحداث في العمل نفسه، ومن الصمت، يكتشف المتفرج أربع حكايات تدور عبر الأحداث، هي مختلفة ظاهرياً لكن بينها خيط رفيع يجعلها متناسخة في العمل كله... لندع القصص الأربع حتى لا نخرج الضيوف من متعة المشاهدة.

استحالة قاعة لأربع ساعات!

وكحال المعاناة التي تعصف بالمسرحيين، لم يكن الأمر هيناً، فكما يقول حسين: «لم أحصل على صالة مجهزة... عانينا كثيراً في الحصول على قاعة! بل وحتى الصالة الثقافية عجزنا عن الحصول عليها ولو لمدة أربع ساعات لتصوير مادة فيلمية إعلانية حول المسرحية... كنا نحتاجها أربع ساعات وعانينا الأمرين لمدة شهرين وفي الوقت نفسه... للتو يدور الحديث عن المسرح الوطني! كمسرحيين يجعلنا هذا الأمر في قلق حتى مع وجود المسرح الوطني ثم لا نستطيع الحصول على قاعة».

ويشير إلى أن غياب قاعة حقيقية جعلنا مرة أخرى نرجع ونخضع النص إلى النقاش وخلق تصور مختلف بحيث يناسب الحوش المفتوح في منزل، وبعد نقاشات عديدة اكتشفنا أن هذا العمل يحتاج إلى فضاء مفتوح يلم الجمهور بحيث يكون قريباً من الممثل، وأفضل مكان وقع نظرنا عليه هو العاصمة... المنامة، لأنني أجزم أن المتفرج، وحال نزوله من سيارته في موقف السيارات إلى وصوله إلى مكان العرض سيحمل الكثير من القصص... ولو أن هناك عدة إشكاليات، لكن نحاول نتغلب عليها مثل مواقف السيارات ستكون مشكلة بالنسبة للمتفرج، لكن نحاول توفير بعضها، أضف إلى ذلك أن عدد الحضور في العرض الواحد، هناك، ولأنه في حوش منزل، انخفض عدد الجمهور المستوعب ليصل إلى 85 متفرجاً لكل عرض، وبناءً على ذلك، اضطررنا لتوجيه الدعوات والحجز المسبق لحضور العرض، ولله الحمد، فإننا لم نتوقع هذا الإقبال من جانب الجمهور الكريم الذي نتمنى أن يتواصل طوال فترة العرض.

فريق العمل المترابط

ورداً على سؤال يتعلق بالمعوقات التي تواجه المسرحيين وما إذا كانت هناك عوائق يشعرون أنها أثرت على العمل (بما في ذلك عدم حصولهم على قاعة لأربع ساعات)، أوضح حسين أن النص رفع إلى وزارة الثقافة كما هو الإجراء المتبع، وللأمانة، فإن هناك قصة واحدةً من القصص الأربع أخضعت للتعديل، أما الباقي فقد تمت الموافقة عليها، لكن في أي قيد، أقول إن دورك كمبدع أو مشتغل في المجال الثقافي والفني هو التحايل على هذه القيود، ومهما كانت هذه القيود التي تبدو مثل الأغلال، فإنك تستطيع أن تتجاوزها، وبالنسبة لفريق العمل، عانيت في بداية الأمر! فقد كان من المفترض أن يضم العمل 6 ممثلين، بالإضافة إلى عنصرين نسائيين... عانيت في الحصول على عنصرين نسائيين، ذلك أن الفترة الحالية هي فترة الاتجاه إلى التلفزيون أكثر من المسرح، ولهذا فالعمل يضم 6 ممثلين هم: الفنان عبدالله السعداوي، الذي هو أب روحي للمسرحيين وعملت معه كثيراً واستفدت أكثر، بالإضافة إلى الفنانين: محمد الصفار، محمود الصفار، باسل حسين ومحمد المرزوق، وبالإضافة أيضاً إلى دوري كمخرج وممثل، وهذه المجموعة تربطني بها علاقة أخوية وليست علاقة مسرح فحسب، ونحن مرتبطون مع بعض أكثر من المسرح نفسه، وأفكارنا تتقاطع وتتلاقى.

روح فرجان المنامة

في النص، هو فعل الصمت سيولد كما قلت أربع حكايات، ومن خلال هذه الحكايا، هناك عدة معاني أو رسائل، ومن خلال النص الذي أعددته وهذه الحكايا أو الرسائل، تدور مع المتفرج في الحياة اليومية... فحياتنا في الأساس مجموعة من الحكايا، ومن المهم أن نعيش حكايا وذكريات ومشاعر في قلب المنامة... لا أظن أننا سنشعر بالغربة في المنامة... المنامة وهي العاصمة وخصوصاً في الفترة الأخيرة بدأت تأخذ حيزاً آخر بالنسبة للمواطن نفسه، وبدأ ينبض دمها من جديد، وعرضنا في المنامة هو إعادة الروح إلى فرجانها... فهي ستبقى رمزاً أكثر من كونها منطقة... أزقتها... ذكرياتها... ناسها... ما تبقى منها... الذكريات هي الشرارة الأولى من العرض، وأتمنى أنه يبدأ العرض منذ اللحظة الأولى التي يترجل فيها المتفرج من سيارته وهو متجه إلى العرض مكان العرض.

وبالنسبة للعمل أيضاً، كنت أواجه مشكلتين، الأولى، هي أن العروض المسرحية التي اعتاد عليها الناس تكون بعيدة عن الشارع أو عن الإنسان العادي، والثانية هي الصورة الذهنية عن أعمال مسرح الصواري باعتبارها تجريبية وآخر يراها تغريبية بعيدة عن اهتمام المتفرج، فبالتالي، يعاني المتفرج في فهمها بسلاسة، ولكن أقول، إن عملنا الجديد مختلف وأستطيع أن أقول إنه مقترب إلى درجة كبيرة من إحساس المواطن والمقيم، وبشكل هادئ بحيث يستوعبه أي متفرج.

آراء توجه مسار العمل

ويتطرق إلى فريق العمل، فالفنان عبدالله السعداوي، تتعلم منه كأستاذ ومن هذا العمل كتجربة، أكثر مما تتعلم منه كممثل، ويوضح بقول: «إخراجي لهذا العمل مختلف، وقائم على 6 ممثلين... وهؤلاء هم من يديرون الدفة من خلال النقاش وإخضاع القصص للتجربة والبحث، ومن خلال طرح كل شخص لرؤيته، أحاول في النهاية كمخرج أن أثير هذه الرؤى والأفكار إلى جهة معينة، وهذا أمر صعب من دون شك وتطلب الكثير من الوقت والجهد، وتطول وفق ذلك البروفة إلى 4 ساعات وأكثر، لكن الفريق بحد ذاته يجعل العمل زاخراً وحياً بآراء ومختلفة»، ومن المقرر أن يبدأ العمل بتاريخ 20 ديسمبر، لكن يتوجب علينا أن نبدأ في 15 ديسمبر، أي قبل خمسة أيام لتجهيز حوش المنزل ولكي يتعود الممثل على المكان الذي زرناه 4 مرات، وللعلم... فإن المنزل الذي سنعرض فيه العمل تعيش فيه عائلة القصير فهو ليس منزلاً مهجوراً، ولهم منا كل الشكر والتقدير والامتنان.

مسك الختام بالنسبة للفنان حسين عبدعلي، هو شعوره بالقلق الإيجابي، ومن خلال البروفات، استشعر أن المتلقي هو الهاجس الأول والأخير، لكن لا يمكن لهذا العمل أن يولد من دون ذلك المتلقي فهو الأساس، ولأن لدينا حكايات أربع، فلا ريب في أن كل متفرج من ضيوفنا، ستلامس مشاعره واحدة من تلك القصص، وتتوغل في وجدانه.

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً