تتجه أنظار مديري الصناديق الاستثمارية الساعين وراء عوائد أفضل إلى الأصول التركية التي تركب موجة استثمارات المحافظ الأجنبية وذلك بفضل تزايد نضج أسواق المال والنمو القوي وكذلك الآمال في الحصول على درجة التصنيف الاستثمارية من شركة تصنيف ثانية. وساعد المستثمرون العرب الخليجيون الذين اعتادوا سابقاً على ضخ أموالهم في الأسواق الأميركية والأوروبية المثقلة بالديون (...) في انفجار الطلب وشاركهم في ذلك صناديق استثمار من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة. ومن أسباب اهتمام الصناديق بتركيا تنوع متزايد في منتجاتها الاستثمارية بين أول إصدار صكوك سيادي في سبتمبر/ أيلول 2012، والذي حظي بإقبال كبير من الخليج وبين طائفة متنوعة من سندات العملات الأجنبية تصدرها البنوك والشركات. وتشير بيانات البنك المركزي التركي إلى زيادة تدفقات المحافظ العام الماضي بنسبة 60 في المئة مسجّلة 35 مليار دولار. وحققت محافظ السندات المملوكة إلى الأجانب زيادة صافية بواقع 16 مليار دولار العام 2012. وذكر مصرفيون أن التدفقات المالية على السندات تجاوزت 1.5 مليار دولار هذا العام. وقال نائب رئيس شركة بي إن واي ميلون كوبريت تراست» في دبي، جيامبتستا اتزيني: «تركيا تحت أنظار معظم مستثمري المحافظ الدولية في العالم». وأضاف «إنها أصبحت أكبر الأسواق الناشئة في المنطقة إثارة مع عمق سوق المال والبيئة التنظيمية المواتية وتنوع المنتجات الاستثمارية». وأصدرت البنوك التركية سندات بعملات أجنبية بقيمة 10.5 مليارات دولار خلال العام 2012 وربما تصل هذه القيمة إلى 12.5 مليار إن شملت إصدارات من شركات مثل أناضولو إيفيس وتوبراش لتكرير النفط. وتعتزم شركات أرجيليك المصنعة للأجهزة المنزلية المعمرة صبيحة جوكن هفاليمانلار المشغلة لثاني أكبر مطار في إسطنبول إصدار سندات بعملات أجنبية هذا العام. ومن المرجّح أن تظل شهية المستثمرين للأصول التركية قوية هذا العام مع انخفاض نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج الإجمالي عن 40 في المئة وتوقعات بنمو اقتصادي نسبته أربعة في المئة تقريباً هذا العام وتراجع عجز حساب المعاملات الجارية والذي يعد نقطة ضعف كبيرة في اقتصاد البلاد. ويقول المدير العام في بنك يابي كريدي ياتيريم، أحمد يلدريم: «أسعار الفائدة تراجعت ونتوقع بقاءها عند مستويات منخفضة لفترة. لكن الأهم أن المخاطر الخفية في تركيا تراجعت بشكل درامي». ويضيف «خطأ أن نقول تركيا تتعافى. هي تتجه إلى موقعها المستحق». ومنحت وكالة فيتش تركيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أول درجة تصنيف استثماري لها منذ 18 عاماً وفي هذا تزكية للتحوّل الاقتصادي للبلاد خلال العقد الماضي بقيادة حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وهذا يعكس اعتدال عبء الديون وتراجعه وسلامة الجهاز المصرفي. ويقول نائب مدير عام إيش بنك، أردال أرال: «بعد رفع تصنيف فيتش زاد الطلب على الأصول التركية حتى الآن لدرجة أن المستثمرين الأجانب يأتون إلينا ويقولون سنشتري أية إصدارات منكم». وأضاف أن بنكه يستعد لإصدار أدوات ديْن جديدة بالليرة التركية. وتحتاج تركيا إلى تصنيف استثماري ثان من إحدى وكالتي التصنيف الأخريين (موديز وستاندرد أند بورز) لكي تدخل مؤشرات «سندات الدرجة الاستثمارية القياسية» التي يطلبها كثير من الصناديق للاستثمار بأي بلد. وقالت «موديز» التي تمنح تركيا تصنيف (Ba1) وهو أقل بدرجة واحدة من التصنيف الاستثماري مع نظرة إيجابية الاثنين الماضي (28 يناير 2013) إنها قبل أن تدرس رفع تصنيف تركيا تحتاج الأخيرة إلى زيادة قدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية بخفض عجز حساب المعاملات الجارية أو رفع الاحتياطي الأجنبي.
العدد 3800 - الخميس 31 يناير 2013م الموافق 19 ربيع الاول 1434هـ