«أنام هناك»، هذا ما يقوله فرناندو مؤشّراً بإصبعه إلى الأرض الممتدة تحت جسر قريب. فرناندو برتغالي بالغ من العمر 62 عاماً، قضى منها 15 عاماً في إسبانيا، وهو مجرّد واحد من مجموعة متزايدة من الناس، غالبيتهم من الإسبان، الذين يعيشون بلا مأوى في إسبانيا التي تئنّ تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية.
وعلى سبيل المقارنة، كان عدد الأفراد بلا مأوي في إسبانيا يبلغ 11.844 في العام 2008، وارتفع هذا الرقم إلى 22.238؛ أي شبه الضعف، في العام 2012 وفقاً لمعهد الإحصاء الوطني الذي يحتسب عدد الأشخاص الأفراد الذين توافدوا على مراكز طلب المساعدة؛ لكنه يقدّر أن يتجاوز عددهم عن هذا الرقم.
وتفيد بيانات معهد الإحصاء الوطني الإسباني أن 11.8 في المئة من المشرّدين حاصلين على دراسات عليا و60.3 في المئة منهم على شهادات التعليم الثانوي.
يسير فرناندو ببطء جارّاً معه عربة «سوبر ماركت» تحتوي على صندوقين من الكرتون وزجاجة ماء شبه فارغة. ولا يريد العيش في ملجأ على رغم ساقيه المريضتين والبرد القارص.
فرناندو مطلّق، ويتسوّل زبائن مراكز التسوّق الرئيسية في مدينة ملقة جنوب إسبانيا. لكن هذا المشهد أصبح مألوفاً في المراكز الحضرية الأخرى في البلاد.
وقد بيّن استطلاع أجراه معهد الإحصاء الوطني الإسباني أن الأسباب التي دفعت هؤلاء المواطنين إلى التشرّد كثيرة ومتعدّدة، ومنها أن 45 في المئة منهم فقدوا وظائفهم، في حين صرح 26 في المئة منهم أنهم لا يستطيعون تحمّل إيجار السكن، و 20.9 في المئة جرّاء الانفصال بين الأزواج، و 12.1 بسبب طردهم القسري من منازلهم لعجزهم عن سداد قسط العقار.
كما أفادت بيانات المعهد بأن 32 في المئة من المشرّدين في إسبانيا فقدوا مساكنهم في العام 2012، في حين قضى 44.5 في المئة منهم أكثر من ثلاث سنوات بدون مأوي.
يذكر، أن البطالة في إسبانيا تؤثر على 25.02 في المئة من السكّان النشطين اقتصادياً، ونصفهم من الشباب، في حين توقعت عدّة مؤسسات دولية أن الوضع الاقتصادي في البلاد هذا العام سيكون أسوأ ممّا كان عليه في العام 2012.
وفي وجه هذا الأزمة، قررت حكومة ماريانو راخوي اليمينية المحافظة إجراء تخفيضات حادّة في موازنة الإنفاق العام، جاءت بتداعيات قاسية على الخدمات الاجتماعية التي كانت الدولة توفرها للمواطنين والعاملين الأجانب المقيمين في إسبانيا.
إينيس بينيتيث
وكالة إنتر بريس سيرفس
العدد 3810 - الأحد 10 فبراير 2013م الموافق 29 ربيع الاول 1434هـ