تصدرت البحرين المرتبة الثالثة والأربعين على مستوى دول العالم في التنمية البشرية بحسب تقرير التنمية البشرية للعام 2005 الصادر عن بيت الأمم المتحدة الإنمائي الذي صنف المملكة ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة. وصرح مدير المركز الإعلامي لبيت الأمم المتحدة الإنمائي نجيب فريجي بأن تقرير التنمية البشرية للعام 2006 سيصدر خلال الشهر الجاري.
وقال «بحسب مقاييس الأمم المتحدة فإن بلوغ دولة المرتبة الثالثة والأربعين يجعلها تصنف في مجموعة الدول المرتقية وخصوصا إذا ما عرفنا ان دول العالم الأعضاء 192 دولة ومعظم الدول التي صنفت البحرين ضمن نطاقها دول متقدمة ووجودها مع مجموعة من دول الإتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية وأوروبا الشرقية ودول آسيا بما فيها اليابان وأستراليا مؤشر مهم جدا، وتقاس التنمية البشرية بمدى أهمية البرامج والاستراتيجيات التي تعتمدها الدولة في إطار نظرة بعيدة الأمد للنهوض بالدولة على أساس التنمية البشرية التي تعتمد البشر كعنصر أساسي للتنمية». وأوضح فريجي»تعتبر البحرين بحكم المشروع الإصلاحي الاستراتيجي الذي أطلقه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملتحقة بموكب الدول السائرة نحو التنمية المستدامة من خلال بعض المؤشرات مثل القوانين والسياسات التي تعتمدها الحكومة وأهمها الانتخابات وخصوصا فيما يتعلق بدور المرأة والعمل على أن يكون لها دور مصيري وفعال وليس مجرد واجهة للاستهلاك الإعلامي مثلما يحدث في بعض الدول ولكن لتمكين نصف المجتمع من المساهمة الفعلية في النهوض والتنمية والتقدم، ونحن في الأمم المتحدة نلمس ذلك من خلال ترؤس الشيخة هيا آل خليفة للجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال خوض المرأة الانتخابات البرلمانية والبلدية، إذ يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنفيذ مشروع طموح بشأن التمكين السياسي للمرأة البحرينية لتقوية قدراتها السياسية لخوض الانتخابات من كل جوانبها ناهيك عن دور المملكة في تركيز التنمية على العنصر البشري».
وواصل المدير الإعلامي «أثبتت البحرين ان التنمية لا تقاس بما يدخل الخزينة العامة ولكن بمقدار استفادة البشر من التنمية على مستوى توسعة مجالات التربية والصحة والعمل والمشاركة السياسية والقضاء على الفقر ومكافحة الأوبئة وتوعية الرأي العام البحريني في القضايا الكونية في إطار ما يسمى بالعولمة، إذ أصبح المواطن والمسئول في البحرين يتعاملان مع المشكلات القطرية كطرف في المشكلات الكونية والإقليمية وهذا هو الوعي الذي نصبو إليه ولا يمكن أن نصون السلام والأمن العالميين إلا بهذا الوعي والمسئولية لعالم أفضل».
وبسؤاله هل ستحافظ المملكة على هذا النجاح، بمعنى هل يمكن أن ينتكس هذا التفوق في أي من معايير التقييم ما يؤثر على مستقبل التنمية البشرية في المملكة؟ أجاب فريجي: «لا يجب الوقوف عند إنجاز تصدر البحرين المرتبة 43 في التنمية البشرية بالنسبة للعالم إنما العمل على تحقيق التقدم على مستوى مرتبتها إلى درجات أعلى على رغم محدودية الموارد الطبيعية ما يجعل التركيز على الموارد البشرية هو الرهان الأفضل لبلوغ أعلى درجات التنمية ولا توجد دولة راهنت على الموارد البشرية وخسرت لأنه المورد الذي لا ينضب والاستثمار فيه ليس صعبا أو مكلفا، فمثلا حققت تونس درجات عليا من التنمية من دون أن يكون لها بئر نفط أو نهر ولكن التنمية في دول كثيرة تراهن على العنصر البشري من ناحية تطوير البرامج التربوية وتوجيه والرهان على المجهود الذاتي لعلاقة عضوية مع المجهود الدولي للتنمية وتوفير الأعمال ومختلف الخدمات الصحية والاجتماعية».
وأضاف «كذلك الرهان على البنية التحتية خصوصا في مجال الاتصالات والبحرين تركز على تكنولوجيا المعلومات والإعلام وموقفها المعتدل والوسطي يؤمن الاستقرار وجلب الاستثمارات الداخلية والخارجية. هذه الحزمة من الرهانات ستساعد على تطوير المجتمع ولا تقاس باستحقاقات قصيرة أو متوسطة الأمد».
إلى ذلك قال المدير الإداري لمؤسسة المجد للاستشارات الإدارية ومدير الموارد البشرية السابق في شركة ألبا محمد جعفر شبيب» هناك تطور كبير في التنمية البشرية في المملكة إلا أنه مازال من دون المستوى المطلوب ونسبة كبيرة من الطاقات في الموارد البشرية غير مستغلة وأحيانا هناك طاقات لا تعطى الفرصة كما ان بعض القوانين والأنظمة المعمول بها لا تسمح للموظف أن يبدع وينتج بغزارة خصوصا في المؤسسات الحكومية وينجم عن عدم استفادة الدولة من مواردها البشرية زيادة الكلفة عليها ما يؤدي إلى الاتجاه لطلب الحلول من الخارج بينما الحلول موجودة داخل المملكة والأمثلة كثيرة، ولايزال الأجنبي هو المفضل في بعض مجالات العمل ويعطى الصلاحيات التي لا تعطى لإداري بحريني إذا استلم زمام أي إدارة سواء في القطاع الخاص أو العام».
وأضاف شبيب «مازال مستوى الدخل في المملكة أقل من المستوى المطلوب ويجب أن يعاد النظر فيه فهو مبني على أسس خاطئة وغياب الكلفة المعيشية عامل مهم جدا فكم يحتاج المواطن لكي يعيش حتى يدفع صاحب العمل مقابل هذه الكلفة التي تستمر في الارتفاع بشكل يفوق قدرة المواطن وأسعار المواد والسلع والخدمات في ارتفاع مستمر، فمثلا أسعار تذاكر السفر مرتفعة في المملكة مقارنة بغيرها من الدول والرواتب هنا لا تساوي شيئا مقارنة بالكلفة المعيشية، ومن الناحية الصحية بذلت البحرين جهودا كبيرة في الخدمات الصحية لكن ليست جميع هذه الخدمات حكومية فبعضها ساهمت به دول وأفراد ومؤسسات خاصة، وعموما ارتفع المستوى الصحي في الكثير من دول العالم نتيجة لمختلف التطورات التي شهدها والبحرين لا تشذ عنها، ولكن السؤال هنا هو هل زاد عدد الأطباء في قسم طوارئ السلمانية على سبيل المثال بما يتلاءم مع زيادة عدد المراجعين؟».
وأفاد مدير مؤسسة المجد فيما يرتبط بالتحصيل العلمي كأحد الأمور التي يقيسها تقرير التنمية البشرية بالقول: «إن مستوى التعليم في المدارس الحكومية تدنى ولكن أصبح الآباء يركزون على التحصيل العلمي لأبنائهم والبحث عن مصادر أخرى لكلفة التعليم التي قد تكون باهظة أحيانا إذ ينظر البعض للتعليم باعتباره استثمارا، ولكن الدولة لا تنظر له كذلك فلا يوجد لدينا معاهد متخصصة في الموارد البشرية مثلا فكيف سنخرج أفرادا لإدارة المراكز والمؤسسات العامة والخاصة؟ كما إن التنسيق بين الجامعات وبين سوق العمل يكاد يكون ضعيفا ما يخلق الكثير من الإشكالات المرتبطة بالعمل مستقبلا».
على الصعيد نفسه، صرح نائب رئيس جامعة الخليج العربي فيصل الناصر بأن تقرير بيت الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية للعام 2005 لم يأت بمفاجأة لأن مختلف الأجهزة الإدارية لمختلف القطاعات الحكومية والخاصة تعمل على النهوض والتنمية في مختلف مجالاتها مثل مشروع جلالة الملك الإصلاحي الذي أثر على التنمية تأثيرا مباشرا لأن حرية الرأي والأجواء الديمقراطية والسماح للكلمة الحرة بالإضافة إلى وجود المحاسبة والمراقبة لمختلف البرامج بحيث يكون هناك تقييم موضوعي ونقد بناء للنواقص الموجودة في أي برنامج يساهم بشكل كبير في الإصلاح المستمر.
وتحدث الناصر عن ان فتح المجال للقطاع الخاص للعمل في القطاع التعليمي ووجود هيئة عليا لمراقبة التعليم وتنوع التخصصات المطروحة المتاحة للمواطنين وجلب الاستثمارات الخارجية ساهم في تطور قطاع التعليم، وعن تطور الخدمات الصحية ذكر الناصر ان سياسة وزارة الصحة بفتح المجال للقطاع الخاص ودعم الدولة لتوفير الخدمات الصحية أدى إلى تحسين الخدمات الصحية وتعدد الخيارات المطروحة الأمر الذي خلق منافسة ما أدى إلى وجود خدمات أفضل بما يصب في خدمة المواطنين وينعكس على التنمية في الموارد البشرية، وأشار إلى أن ما ينقص المملكة هو زيادة الاهتمام بالتدريب المهني للقطاعات العاملة وهو ما يؤثر على البحرنة، وأكد ضرورة فتح المجال للقطاع الخاص لفتح آفاق أكبر للتدريب المهني في مختلف القطاعات ووضع استراتيجيات بعيدة المدى لتدريب خريجي الثانوية العامة لافتا إلى وجوب أن يترافق ذلك مع زيادة الحد الأدنى للأجور بما ينعكس على الدخل العام والتنمية الشاملة.
النرويج الأولى في التنمية البشرية والنيجر الأخيرة اشتمل تقرير التنمية البشرية للعام 2005 على تصنيف 177 دولة ورتبها بحسب معايير معينة منها متوسط العمر والتحصيل العلمي ومعدل الدخل الحقيقي، فكانت الدولة الأولى على العالم في التنمية البشرية النرويج ثم أيسلندا فأستراليا، أما الدولة الأخيرة فقد كانت النيجر.
ويتميز دليل التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأنه دليل مركب يقيس معدل إنجازات كل بلد في ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية البشرية وهي الحياة الصحية المديدة ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة والمعرفة ومعدل إلمام البالغين بالقراءة ومعدل مجموع الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي والعالي ومستوى المعيشة اللائق كما يقاس بالناتج المحلي الإجمالي للفرد مقابل القوة الشرائية بالدولار الأميركي، ويبنى الدليل باستعمال مؤشرات متوافرة حاليا على الصعيد العالمي وبمنهجية بسيطة وشفافة على رغم أن مفهوم التنمية البشرية أكبر من أن يستطيع دليل واحد قياسه إلا أنه يقدم في الوقت نفسه بديلا قويا عن الدخل كمقياس مختصر لرفاه الإنسان ويوفر معلومات مفيدة بشأن نواحي التنمية البشرية المختلفة، وصنف التقرير دول العالم إلى ثلاث فئات الأولى الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة والثانية الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة والثالثة الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة
العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ