العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ

العنف يغطي ملاعب كرة القدم الأرجنتينية

القانون يغطي على ذلك جيدًا

تعاني كرة القدم الأرجنتينية هذه الأيام من موجة عنف مثيرة للقلق. إذ وقعت الكثير من الاشتباكات خلال الأشهر القليلة الماضية وأصبحت المباريات تلغى أسبوعيا بشكل دوري سواء قبل أو بعد انطلاقها.

وفي يوم (الأحد) الماضي اعتقل ما لا يقل عن 16 شخصا بعد وقوع اشتباكات بين مشجعي فريق نيويلز أولد بويز والشرطة أثناء وبعد مباراة قمة (دربي) مدينة روساريو ثالث أكبر المدن الأرجنتينية، وانتهت المباراة بفوز فريق روساريو سنترال 4/1.

وقبل أسبوع واحد، ألغيت مباراة راسينج مع بوكا جونيورز لدواع أمنية، بعدما قرر أحد القضاة أن مثيري الشغب المعروفين بـ(بارابرافاز) لا يمكن منعهم من دخول الاستاد.

وبعرض تلخيص موجز لحوادث العنف الأخيرة بالأرجنتين، يتضح أن القائمة الحقيقية لهذه الحوادث أطول من ذلك بكثير.

ففي 16 سبتمبر/ أيلول الماضي ألغيت مباراة بين فريقي كولون وفيليز سارسفيلد بعد 42 دقيقة من بدايتها، بعدما أصيب مساعد الحكم بشيء ألقي عليه من مدرجات الجماهير.

وفي الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي اندلعت أعمال عنف عن طريق مثيري شغب معروفين من مشجعي ناديي نيويلز أولد بويز وبيلجرانو داخل الاستاد وخارجه.

وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول ألغيت مباراة دوري الدرجة الثانية بين أوليمبو وفيرو بعد وقوع حوادث شغب في المدرجات.

ووفقا لتقديرات صحيفة «لا ناسيون» الأرجنتينية اليومية، فإن أعمال العنف أو التخريب في كرة القدم المحلية تقع كل 65ر2 يوما. أما أكثر مثيري الشغب شراسة فهم تابعون لأندية بوكا جونيورز وريفر بلات ونيوز أولد بويز وروساريو سنترال.

وبعكس إنجلترا، فقد فشلت الأرجنتين الحائزة على لقب بطولة كأس العالم مرتين في وضع حد لأعمال العنف.

وقال عالم الاجتماع الارجنتيني بابلو الابارسيز في مقال كتبه بصحيفة «كلارين» اليومية إن ظاهرة العنف في الكرة الأرجنتينية ترجع ليس إلى عدم القدرة على التصرف بقدر ما ترجع إلى عدم رغبة السلطات المسئولة عن التصرف - بما في ذلك اتحاد الكرة المحلي.

وكتب الابارسيز يقول إنه: «لم ولن يحدث شيء» لعلاج هذه الظاهرة.

كما خرج المشاركون في برنامج حوار تلفزيوني بالنتيجة التشاؤمية نفسها. إذ اتهموا النظام القضائي وأندية كرة القدم نفسها بالاشتراك مع مثيري الشغب في جرائمهم. وادعوا كذلك أن عمل القضاة الذين يريدون كبح أعمال العنف يواجه عقبات كثيرة.

كما أثيرت انتقادات بشأن تصرفات رجال الشرطة أثناء مقاومتهم لأعمال العنف داخل وخارج الاستادات.

حتى أن الابارسيز اتهم رجال الشرطة بأنهم «خبراء في إثارة أعمال العنف وليس منعها «.

وهذا ما أكده الكثير من الجماهير أيضا الذين ادعوا أن الشرطة تستخدم قوات التفريق أمام المتفرجين العاديين، بينما يفلت مثيرو الشغب الحقيقيون عادة من دون أدنى عقاب.

كما أثبت ذلك الكثير من حالات المشجعين مثل قائد مجموعة مثيري الشغب بجمهور نادي بوكا جونيورز الشهير رافاييل دي زيو ومشجع نادي ديفينسوريس لا دوسي وفيرناندو بلانكو (17 عاما).

فقد اعتاد دي زيو على الهروب من المشكلات مع القانون بفضل مستشاره القانوني الجيد.

أما بلانكو فقد اعتقلته الشرطة في يوليو/ تموز الماضي، بعد مباراة في دوري الدرجة الثانية الارجنتيني. وتعرض بلانكو للضرب المبرح ومات لاحقا في المستشفى. وحاولت السلطات في البداية إخفاء هذه الواقعة، قبل أن يظهر فيما بعد أن هذا الشاب لم يشارك من الأساس في أعمال الشغب.

وادعى الابارسيز وجود علاقات مريبة ذات طابع تجاري ضمن مظاهر أخرى تجمع بين مثيري الشغب وقطاعات معينة من الشرطة الأرجنتينية، على رغم أنه لا أحد يريد أن يعترف بهذا الأمر بشكل رسمي.

ويتردد أن السياسيين أصحاب النفوذ الكبير يدفعون مقابلاً للحصول على «خدمات أمنية»، إما عن طريق تقديم الأموال أو توفير الحماية كما يحدث في صفقات بيع المخدرات.

ويرى بعض المعلقين أن كرة القدم الأرجنتينية باتت تقريبا في حال حرب. وتمادى أحد المعلقين لدرجة عقد مقارنة تهكّمية بين الكرة الأرجنتينية وأراء المفكر العسكري كارل فون كلوزفيتز، الذي ولد في برج في بروسيا والذي عرف الحرب على أنها امتداد للسياسة بوسائل أخرى.

وأكد الخبراء أن تلك العلاقات الشبيهة بعلاقات المافيا مع السياسة تميز مثيري الشغب في الأرجنتين عن نظرائهم الأوروبيين الذين عادة ما يقومون بأعمال الشغب بشكل فردي.

كما أن الولاء للأندية التي يشجعونها يكون عادة أكثر عمقا لدى مثيري الشغب الأرجنتينيين. ويشير القاضي السابق ماريانو بيرجيس إلى أن الأندية تصبح في كثير من الأحيان رهينة لمشجعيها، ومن ثم فإنها تغطي على الأعمال الإجرامية لمشجعيها من مثيري الشغب.

بينما تؤكد مصادر أخرى أن بعض اللاعبين يصل بهم الأمر إلى دفع «أتاوة» لحماية أنفسهم من مثيري الشغب

العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً