في الوقت الذي كشفت فيه دراسة ألمانية عن تزايد أعداد المساجد في ألمانيا خلال العامين الماضيين نشرت صحيفة ألمانية دراسة أخرى أقرت بإغلاق عدد كبير من الكنائس وتحول الكثير منها إلى مطاعم ومراقص نتيجة تراجع الإقبال عليها.
وأفادت الدراسة التي أعدها معهد الارشيف الإسلامي أن عدد المساجد التي تحمل الطابع التقليدي (مئذنة وقبابا) ارتفع من 141 مسجدا في العام 2004 ليصل إلى 159 في العام الجاري، بالإضافة إلى 128 مسجدا في طور الإنشاء. وأشارت الدراسة المقرر صدورها بشكل رسمي مطلع ديسمبر/ كانون الأول المقبل إلى تزايد عدد المسلمين حاملي الجنسية الألمانية من 56 ألف شخص في ثمانينات القرن الماضي إلى نحو مليون شخص هذا العام.
وتعليقا على نتائج الدراسة قال مدير المعهد المركزي للارشيف الإسلامي بألمانيا محمد سالم عبدالله لصحيفة «دي فيلت»: «أرصد منذ فترة هذا الاتجاه نحو تزايد عدد دور العبادة الإسلامية، ولا أرى أن ذلك يشكل أي نوع من المشكلات، فهذه حقيقة واقعة ويجب تقبلها».
وأشار عبدالله إلى أن الدراسة كان مقررا لها أن تصدر في شهر يوليو/ تموز الماضي كعادة المعهد كل عام، ولكن تأجل الإصدار بسبب بعض المشاورات مع وزارة الداخلية الألمانية. وأقر بأن النتائج التي نشرت في الصحف الألمانية ونسبت للدراسة صحيحة.
ويبلغ عدد المساجد المقامة حاليا بأنحاء البلاد نحو 2400 مسجد ومصلى تابعة في معظمها لمؤسسات دينية تركية نتيجة العدد المتنامي للمسلمين الأتراك الذين يمثلون غالبية الأقليات المسلمة في أوروبا.
مسجد كبير
ومن المرتقب أن يشهد مطلع العام المقبل افتتاح أحد أكبر مساجد ألمانيا، ومقره مدينة ديسبورج بولاية شمال الراين، إذ يقام على مساحة 2400 متر مربع، ووجهت 875 جمعية ومؤسسة إسلامية في جميع أنحاء ألمانيا تبرعاتها لإنجاز هذا المشروع الضخم.
ويحمل المسجد الجديد الطابع المعماري العثماني مع بعض التأثيرات البيزنطية المتمثلة في القباب العالية (القبة الرئيسية 23 مترًا، والمئذنة 34 مترًا) والمساحات الواسعة.
وتحصل الهيئات الإسلامية المعترف بها من قبل السلطات الألمانية على دعم حكومي لبناء المراكز التابعة لها والتي تشمل عادة أماكن للصلاة، وأحيانًا تكون مساجد مستقلة، وهو ما يكفله الدستور الألماني الذي ينص على حرية الدين والعقيدة، وضمان الدولة لممارسة الأقليات الدينية شعائرها من دون عوائق أو عقبات.
تراجع الكنائس
وفي مقابل الدراسة الإسلامية التي أشارت إلى زيادة عدد المساجد في ألمانيا نشرت صحيفة «بيلد» المحلية دراسة عقارية أعدها بنك «دريسدن» الألماني أظهرت تراجع عدد مرتادي الكنائس من 12 مليون شخص في العام 1950 إلى 4 ملايين في العام 2000، وهو ما أدى إلى إقدام عدد كبير من الكنائس على إغلاق أبوابها ورد المباني للحكومة.
وقالت الدراسة إن التراجع في أعداد مرتادي الكنائس في ألمانيا أدى أيضا إلى تحول عدد منها إلى مطاعم وجبات سريعة (تيك أواي) وأخرى إلى مراقص للشباب أو حمامات سباحة ومراكز تجارية.
وتوقعت الدراسة العقارية أن يتقلص عدد الكنائس في مدينة «آخن» من 900 إلى 100 كنيسة خلال الـ15 عاما المقبلة.
ووفق إحصاء رسمي نشره الموقع الإلكتروني للكنيسة البروتستانتية الألمانية فإن نسبة معتنقي الديانة المسيحية تبلغ 64.5 في المئة من تعداد سكان ألمانيا البالغ عددهم في العام 2004 نحو 82.5 مليون نسمة، منهم 25.6 مليون بروتستانتي و25.9 مليون كاثوليكي و1.2 مليون أرثوذكسي. فيما يبلغ عدد الكنائس الإنجيلية 21.088 كنيسة، وبلغ عدد الخارجين عنها في 2004 نحو 141 ألف شخص، وعدد الكنائس الكاثوليكية 25.009 كنائس، خرج عنها نحو 101 ألف شخص في العام نفسه.
وجود قديم
وكان أول وجود للسكان المسلمين في ألمانيا في العام 1739 في عهد الملك فريدريك فيلهلم الأول ملك بروسيا، وسبق ذلك تأسيس أول مسجد في مدينة بوتسدام العام 1731 في عهده أيضا للجنود الأتراك.
وتعود بداية ظهور التنظيم المؤسسي الفعلي في حياة الجالية الإسلامية في ألمانيا إلى مطلع القرن العشرين ببناء مسجد بالقرب من العاصمة الألمانية (برلين) في العام 1915، إذ شهدت تلك الفترة تحالفا بين ألمانيا والدولة العثمانية. وكان الهدف من بناء هذا المسجد استقطاب المسلمين من بين الأسرى في معسكرات الدول الأوروبية المعادية لمساندة العثمانيين وحلفائهم الألمان.
ويصل عدد مسلمي ألمانيا اليوم نحو 3.5 ملايين مسلم، منهم حوالي مليونين ومئتي ألف من معتنقي المذهب السني، و170 ألفا من الشيعة (الإمامية)
العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ