جاء في أحدث تقرير أصدرته أمس (الخميس) منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) بعنوان «توقعات الأغذية في العالم»، أن أسعار الحبوب - وخصوصاً القمح والذرة - بلغت مستويات لم يشهدها العالم منذ عقد من الزمن.
وورد في التقرير أيضاً أن «مواسم الحصاد الرديئة في البلدان المنتجة الرئيسية وتنامي الطلب بسرعة على إنتاج الوقود الحيوي، أدى إلى رفع أسعار الحبوب، في الوقت الذي هيمنت فيه أيضاً العروض المحدودة منها على أسواق الرز».
وقد يصل حجم الإنفاق العالمي على المواد الغذائية المستوردة في العام الجاري إلى مستوى تاريخي قدره 374 مليار دولار، أي بأكثر من 2 في المئة مقارنة بمستوى العام الماضي. ومن المتوقع أن ترتفع فاتورة الواردات الإجمالية بالنسبة إلى البلدان النامية بنحو 5 في المئة تقريباً، مقارنة بالعام الماضي لأسباب رئيسية تتعلق بزيادة الأسعار أكثر مما هي الزيادة في حجم الواردات الغذائية.
ومن ناحيتها، تتوقع المنظمة أن تقوم الكثير من البلدان بخفض مشترياتها وليس دائماً بسبب التحسن الذي طرأ على المعروض داخلياً وإنما نتيجة الأسعار الدولية المرتفعة. علاوة على ذلك، فإن الكثير من البلدان النامية الأشد فقراً قد تضطر نتيجة ارتفاع كلف الطاقة إلى تقليص إنفاقها على الأغذية الأساسية المستوردة وذلك لدعم احتياجاتها من الوقود الحجري.
وبحسب آخر التوقعات لدى المنظمة، فإن حجم الإنتاج من القمح في العالم الجاري يبلغ 592 مليون طن تقريباً، أي بنسبة انخفاض قدرها 33 مليون طن تقريباً، أو (5.3 في المئة) مقارنة بالعام الماضي.
ومن المتوقع، على أية حال، أن يطرأ تحول مع الزيادة في رقعة المساحات المزروعة في فصل الشتاء وتحسن ظروف النمو، ما يزيد من التوقعات الإيجابية القوية بصدد مواسم الحصاد للعام المقبل.
واستناداً إلى تقرير المنظمة، فإن حجم الإنتاج العالمي من الحبوب الخشنة في العام الجاري بلغ 981 مليون طن، أي بنسبة تقل بـ 2.1 في المئة عن العام الماضي، غير أن تلك النسبة هي أعلى من المعدل في غضون السنوات الخمس الأخيرة. وتوقعت المنظمة أيضاً أن تدفع الأسعار المرتفعة حالياً إلى المزيد من زراعة المساحات وستواصل الإنتاج الأكبر في العام المقبل. لكن إذا كان هذا الأمر للأغراض الصناعية وخصوصاً لإنتاج غاز الايثانول، فإن الإنتاج سيبقى على وتيرة نموه الحالية نفسها، وربما يتطلب الأمر أكثر من موسم جيد للمحاصيل كي تتراجع الأسعار بدرجة مهمة عن مستوياتها المرتفعة حالياً.
فالأعاصير وموجات الجفاف والفيضانات والأمراض وهجمات الآفات - بحسب التقرير - أعاقت مواسم محصول الرز للعام الجاري، إذ إنه يتوقع حصول أي نمو في حجم الإنتاج العالمي. أما التوقعات بشأن محصول الرز في جنوب الكرة الأرضية للعام المقبل، فهي توقعات سلبية أيضاً.
وأفاد تقرير المنظمة أن البذور الزيتية شهدت أيضاً أسعاراً مرتفعةً، غير أن المكاسب كانت أقل أو دون الأسعار التي سجلتها الحبوب، إذ يتوقع أن تتحول من زراعة البذور الزيتية إلى زراعة محاصيل أكثر ربحاً من فصيلة الحبوب في الموسم المقبل. وسيؤدي ذلك إلى تفاقم الاختلالات الحالية، ولاسيما ما يتعلق بأسواق الزيوت النباتية التي شهدت طلباً متزايداً أسرع من الإنتاج.
وأشار التقرير إلى أن قوة أسواق الحبوب تكمن في أنها ذات آثار متموجة على قطاعي اللحوم ومنتجات الألبان، كما أكد أن تجدد ثقة المستهلك نتيجة انخفاض موجات الأمراض الحيوانية، عزز آفاق ارتفاع حجم الطلب العالمي على اللحوم، غير أن التوقعات بشأن كلف الأعلاف المرتفعة تهدد بإرجاء الانتعاش في مجالي إنتاج المواشي واللحوم.
وفيما يخص منتجات الألبان، فإن القلق بشأن كلف الأعلاف دخل مرحلةً ثانويةً جراء التوقعات السلبية بشأن إنتاج الحليب في كل من أستراليا وفي الاتحاد الأوروبي والذي يشكل ثلث صادرات العالم من الألبان. ونتيجةً لذلك، فإن المنظمة تتنبأ تراجعاً في أسواق الألبان ونهاية للأسعار المتهاودة التي شهدتها في وقت مبكر من العام الجاري.
ويشكل النمو في حجم الإنتاج في البلدان النامية دعماً بنسبة تزيد على 4 في المئة وذلك إلى حد كبير نتيجة المكاسب الكبيرة المتحققة في بعض البلدان من آسيا وأميركا الجنوبية.
وانتعش إنتاج السكر في العالم إلى الحد الذي فاق فيه حجم الطلب من جديد بعد 3 سنوات من العجز. ومن المتوقع أن يزداد الإنتاج ليصبح 155.5 مليون طن في الفترة 2006/2007 ، في حين تراجعت إلى حد كبير أسعار السكر في العالم بعد أن سجلت طفرة في فبراير/ شباط الماضي وتعد أعلى ما بلغته منذ 25 عاماً، غير أن السوق تبقى موضع شك وخصوصاً إزاء التأرجحات بشأن الطلب وتقلبات الأسعار
العدد 1554 - الخميس 07 ديسمبر 2006م الموافق 16 ذي القعدة 1427هـ