منذ أن أعلنت الأمم المتحدة العام 1992 أن يوم 22 مارس/ آذار من كل عام، هو يوم «المياه العالمي»، الذي يحتفل به في جميع أنحاء العالم، قامت مجموعة الاستبصار الاستراتيجي وبالتعاون مع الوكالة السويدية للتنمية، والوكالة السويسرية للتنمية بإقامة «المؤتمر الإعلامي الدولي» في مجال المياه الإقليمية في الشرق الأوسط والذي انعقد في القترة (18 و19 مارس/ آذار 2013) في مقر مجموعة زمان في العاصمة التركية إسطنبول.
وقد شارك في المؤتمر مجموعة من الخبراء في المياه الإقليمية والأمن الغذائي، ووزراء سابقين، وتم في المؤتمر الاستماع إلى وجهات النظر منهم، لوجود حلول لمسألة نقص المياه والغذاء في العالم في حدود السنوات (10 و20) المقبلة.
وقد ناقش المؤتمر في سياق تقرير السلام الأزرق الذي أعدته مجموعة الاستبصار الاستراتيجي، والتي أطلقها رئيس سويسرا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وحدد التقرير بعض الاتجاهات على المدى الطويل في نضوب الانهار والبحيرات في جميع انحاء العالم، مما نتج في ديسمبر/ كانون الاول 2012 عن صدود عشر توصيات في اجتماع مائدة مستديرة عقد في مجلس اللوردات في البرلمان البريطاني في لندن، حث العديد من المشاركين البدء في عملية تعزيز التفاعل بين المعنيين بشأن المياه والأمن الغذائي ووسائل الإعلام في الشرق الأوسط لحسم هذه القضية التي تؤمّن الأمن المائي في العالم.
من جهته، قال مستشار رئيس الحكومة للأمن الغذائي والزراعة بإقليم كردستان بالعراق طالب مراد بشأن الأمن الغذائي في الخليج: «أصبح الهم الأكبر في دول مجلس التعاون الخليج العربي، خاصة البحرين وقطر بالنسبة لهم الأمن الغذائي مسألة ذات أهمية كبيرة، وذلك يرجع إلى السبب الرئيسي في ذلك أن الزراعة في هذه الدول لا تستطيع سد النقص في الغذاء، إضافة للوافدين الذين يزيدون أضعافاً على السكان، فهذه أفواه تحتاج إلى أكل ومياه».
وأضاف: «النقص الغذائي ليس سببه نقص المياه فقط، وإنما في الأساس الناس الوافدة التي تستهلك الكثير من المياه والغذاء ما يسبب اختلالاً في الأمن الغذائي لهذه الدول». مستدركاً في الوقت نفسه: «ففي السعودية مثلاً بدأوا قبل عشرين سنة بصناعة القمح إلى أن نضبت المياه تحت الأرض، وبالتالي ستتوقف زراعة القمح في السعودية لنقص المياه، كما اهتموا بزراعة الأعلاف التي تستهلك مياه أربعة أضعاف من القمح ما نتج عنه نقص كبير في المياه».
وقال مراد: «إن هناك توجهاً لما أسماه بالاستعمار الزراعي في دول أخرى وخاصة الدول الإفريقية، إذ تقوم بعض الدول باستحواذ على أراضٍ من دول أخرى، فحالياً هناك تقريباً 40 مليون هكتار استحوذتها الدول من الأراضي الأخرى سواء في إفريقيا أو شرق آسيا، مضيفاً، أنه الآن الأنظار متوجهة إلى تركيا، لأنه يوجد في شمال تركيا 1.8 مليون هكتار تريد تركيا بيعها إلى دول الخليج، والماء سيتم أخذه من نهري دجلة والفرات، ما يسبب نقصاً في المياه للقاطنين المستقيدين من دجلة والفرات».
وأضاف: «نفس المسألة بالنسبة للدول الإفريقية، فهناك أكثر من 400 حالة منها 100 حالة من الدول العربية كما يسمونه هم استثمار زراعي في إفريقيا، وأنا أسميه استعمار زراعي، إذ إن هناك بعض الدول الخليجية تشتري مناطق بإثيوبيا والسودان، وتستهلك مياه النيل في الزراعة وهذا ما أطلقت عليه خطر الاستعمار الزراعي، أي كما يسمى الاستحواذ على أراضٍ زراعية من الغير».
وذكر مراد: «إن الحل أن ليس هناك داعٍ لوجود العمالة الوافدة في الخليج، فهي عبارة عن أفواه تستهلك المياه والأكل، وبقاء الخليجيين لوحدهم يمكن أن تحل مشاكلهم من نقص المياه، فهم وحدهم وليس وجود الوافدين يستطيعون التعاون مع مصر والعراق لاستخدام مياه النيل، أما إذا ذهبوا كل يوم لتركيا للاستحواذ على أراضٍ فهذا يسبب مشكلة لقتل الناس وذلك راجع لسبب النقص في مياه دجلة والفرات».
من جهة أخرى، قال وزير الري والموارد المائية المصري السابق محمود أبوزيد: «إن نصيب الفرد من المياه تناقص في الدول العربية، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً لهم، فالحل الوحيد هو استخدام مياه النيل في الاستثمار الزراعي للدول العربية، والاستفادة منها في دول الخليج التي تعاني من نقص في الأمن الغذائي خاصة في البحرين، وهذا الأمل الوحيد في توفير مواد غذائية لهم».
يذكر أنه قد اختير شعار اليوم العالمي للمياه لعام 2013 هو: «التعاون في مجال المياه» وذلك تماشياً مع اختيار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010، عام 2013 «السنة الدولية للتعاون في مجال المياه» بناءً على اقتراح طاجكستان ودول أخرى. ذلك أن تلبية احتياجات الناس الأساسية، ومتطلبات البيئة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر كلها تعتمد اعتماداً كبيراً على المياه. والإدارة الجيدة للمياه تفرض تحديات خاصة نظراً لخصائصها الفريدة: فالمياه تتوزع بشكل غير متساوٍ في المكان والزمان، والدورة الهيدرولوجية معقدة جداً، والاضطرابات التي تحدث فيها لها آثار متعددة الجوانب. والنمو السريع للمناطق الحضرية، والتلوث، والتغيرات المناخية كلها تهدد مصادر المياه. في حين أن الطلب على المياه يزداد باستمرار لتلبية احتياجات سكان العالم (الذين تجاوز عددهم السبع مليارات نسمة) لإنتاج الغذاء والطاقة ولاستخدامات المياه الصناعية والمنزلية.
العدد 3849 - الخميس 21 مارس 2013م الموافق 09 جمادى الأولى 1434هـ