هو أمير شعراء الغزل والمجدد المطور في نمط القصيدة النبطية... «ولا يذكر الغزل في الشعر النبطي الا ويبايع محسن الهزاني أميراً له وعميدا لشعرائة الكثر» وهو ينحدر من اسرة الهزازنة من قبيلة عنزة وهي أسرة عريقة وقديمة التحظر من عنزة... وذكرها ابن حزم الاندلسي في القرن الرابع الهجري في كتابة «جمهرة انساب العرب» فقال : ( هم بنو هزان بن صباح بن عتيك بن اسلم بن يذكر بن عنزة بن اسد بن ربيعة بن نزار. وسكنوا نعام والحريق من قرى الوشم في نجد العام 1040هـ بعد اخذها من القواودة من سبيع وبنى رشيد بن مسعود بن سعد بن سعيدان بن فاضل الهزاني بلدة الحريق وتداول امراتها من بعده ذريته من أبنه حمد. وولد محسن في النصف الثاني من القرن الـ 12الهجري ورجح المؤلف انه ولد مابين (1160 - 1170) لانه كتب شعر التوبة في شيخوخته بعد الـ 70 وتوفي العام 1240 هـ على أصح ماذكر أو 1248هـ على القول الثاني ولانه رثا مسلط الرعوجي المتوفى العام 1185 هـ... فيكون مولده على هذا مقارباً لترجيح المؤلف...
اما وفاته فيرجح المؤلف انها العام 1240هـ على ماذكر مطلق المطلق في مخطوطته (شذى الند في تاريخ نجد) ورجح هذا التاريخ لآن الشاعر محمد بن لعبون المتوفى العام 1246هـ ذكره بصيغة الماضي قبل وفاته فيرجح هذا التاريخ على انه توفي العام 1248هـ... وربما يكون موته مابين 1240 و 1246 لآن الغالب في تأريخ المواليد والوفيات في تلك الازمنة هو التقريب وليس التحديد الدقيق...
لمحات من حياته
تشير معظم المصادر الى تولية شئون الإمارة في الحريق مدة يسيرة ثم تركها... الا ان هذا الأمر لا تؤيده مصادر تواريخ نجد كما انها لا تنفيه ايضاً... ولكن لا يبدوا من شعره انه كان مهتما بشئون الإمارة... فجل قصائده تدور حول الغزل في شبابه والتوبة في شيخوخته وبعض الرثاء والمراسلات... ولاتوجد قصيدة مدح سوى واحدة في الشيخ وطبان الدويش شيخ مطير تلقى محسن تعليماً جيداً وكانت له مشاغبات معروفة مع معلميه ويتضح من شعره مدى اطلاعه الواسع على الشعر العربي القديم وعلى شعر المعلقات وشعر المتنبي وامرؤ القيس كان وسيماً حلو اللسان معجبا بذاته واثقاً من نفسه ومن قدرته على الاستحواذ على قلوب الجميلات وصار بذلك مضربا للامثال في هذا المجال يروى ان رجلاً غيوراً خاف على ابنته من ان يراها محسن او ان تراه وتعجب به فأخذها وخبأها في مغارة اسفل بئر بعيدة عن البلدة ووضع عندها امرأة عجوز تقوم على امرها... وبينما كانت العجوز تمشط شعرها قالت البنت متحسرة:
اصفر معصفر ليت محسن يشوفـه
توه على حد الغرض مابعد لمس!
وقبل ان تكمل بيتها كان محسن قد مر من عند المغارة وسمعها وهي تنشد البيت فرد عليها وقال:
مزيت من ريقة وهزيت عوده
وصلتها غصبٍ ومنّه هله دمس
كان شعر الهزاني يشتهر بالمغامرات الحسية وليالي الوصال والخلوات بالمحبوبات والتجاوز للحدود والاعراف وللاخلاق والدين احيانا!.. الا ان الكثير يؤكد ان هذا لا يعدوا كونه خيال شاعر ليس له في الواقع مكان...
ويدللون على هذه النقطة بقصة ان رجلاً غريباً دخل الحريق بالليل ودخل الى المسجد ورأى رجلاً يتهجد ويبكي على أكثر ما يكون الانسان من العبادة... فسأل
عنه فعلم انه محسن الهزاني!... فقال له الست انت الذي تقول كذا وكذا وكذا! فقال محسن يعلم الله اني لم افعل مما قلت شيء يحاسبني الله عليه... انما هو خيال الشعراء يقولون مالا يفعلون وتجاوزاته للدين تتضح (غفر الله له) في قصيدة حج الحجيج حين قارن بين مناسك الحج ووصال محبوبته في احدى الليالي مثل قوله فيها:
حـج الحجيـج وكلـهـم لــه يلـبـون
وانـا بـدار مـورد الـخـد لبـيـت!
فالـى جـو لاركـان بيتـه يطـوفـون
والتجّـوا الحـجـاج بـمـوادع البـيـت
وادعت مـن دارت حجاجـه كمـا النـون
وابكـي وباطـراف الجـدايـل تلـويـت
فاليت جـو الكعبـة بنصـحٍ يحبـون
لانجـال وارد ضافـي القـرن حبـيـت
احرمـت يـوم الفـوز البـي لمـزيـون
صافي البياض وغفر وغفر ماكان زليت!
بتصرف من كتاب « ديوان أمير الشعر الغزلي محسن الهزاني» للكاتب الكويتي إبراهيم الخالدي
العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ