انخفض النفط الخام أمس (الإثنين) مواصلا الاتجاه النزولي الذي بدأ في نهاية الأسبوع الماضي لتهبط الأسعار لأقل مستوى في 17 شهرا.
وقال تجار ومحللون ان السوق سيواجه صعوبة في الصعود ولكن في الوقت نفسها مازالت مستويات الدعم الرئيسية صامدة والسوق تتحرك داخل الإطار نفسه منذ ستة أسابيع تقريبا حول 58 و62 دولارا للبرميل.
وقالت مؤسسة باركليز كابيتال في تقرير فني «لحق ضرر كبير بالاتجاه الصعودي على المدى الطويل ومن المستبعد أن يسجل النفط انتعاشا سريعا».
وارتفع خام برنت في التعاملات الآجلة في لندن في أواخر التعاملات يوم الجمعة الماضي بينما استمر العقد الأميركي الذي ينتهي أجله في ديسمبر/ كانون الأول يتعرض لضغوط عقب تراجع كبير في اليوم السابق.
ويوم الجمعة نزل إلى 54.86 دولار وهو أقل مستوى منذ يونيو/ حزيران 2005 ولكن عقد شهر يناير/ كانون الثاني يجري تداوله فوق 58 دولارا للبرميل.
ونزل خام برنت في لندن 0.52 دولار إلى 58.47 دولارا وفقد الخام الأميركي في بورصة نايمكس 0.54 دولار إلى 58.43 دولارا للبرميل.
وزاد السولار 1.25 دولار إلى 521 دولارا للطن.
وواصلت أسعار النفط الأميركي في الأسوق الآسيوية أمس انخفاضها إذ سجل خام غرب تكساس من النوع المتوسط للعقود الآجلة تسليم يناير المقبل 58.39 دولارا للبرميل بانخفاض مقداره 58 سنتا عن سعر الاقفال يوم الجمعة الماضي في نيويورك.
وأرجع الخبراء والمتعاملون انخفاض الأسعار إلى الجو الخريفي المعتدل وتوفر عروض طيبة للبنزين ووجود شكوك حول إمكان قيام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بتنفيذ قرارها بشأن خفض كميات الإنتاج اليومية بمقدار 1.2 مليون برميل.
من ناحية أخرى أكد الخبراء والمتعاملون أن منظمة دول الأوبك تتعرض لضغوط بسبب الانخفاض المتواصل في أسعار النفط مما قد يجبرها على اتخاذ قرار جديد بخفض إضافي لكميات الإنتاج اليومية.
وقال الأمين العام بالوكالة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) محمد باركيندو أمس في طهران انه ينبغي الانتظار عدة أسابيع قبل درس احتمال خفض جديد لانتاج الكارتل لدعم أسعار النفط.
وأضاف ان «السوق تخطئ حول تعهدات أوبك. يجب الانتظار لمدة شهر على الأقل لتقييم انعكاسات قرار أوبك».
وأوضح على هامش ندوة حول النفط بدأت أمس في العاصمة الإيرانية ان «الاهتمام الرئيسي لأوبك هو أحلال الاستقرار مجددا في السوق».
وقررت أوبك في 20 أكتوبر/ تشرين الأول في الدوحة خفض سقف انتاجها بمقدار 2.1 مليون برميل يوميا لمواجهة تراجع الأسعار في الأسواق العالمية.
ومن جانب آخر أعلن وزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل أمس الأول (الأحد) إن الجزائر ستجني اعتبارا من العام 2007 مليار دولار من ضريبة القيمة المضافة على المشتقات النفطية التي اعتمدت في أكتوبر وبدأت تطبيقها في أغسطس/ آب.
وحسب قانون اقره البرلمان في أكتوبر، فان الشركات النفطية العاملة في الجزائر ستدفع ضريبة إضافية بدأ تطبيقها في الأول من أغسطس 2006، بمعدل 5 في المئة كحد أدنى و50 في المئة كحد أقصى عندما يتخطى معدل سعر برميل النفط الثلاثين دولارا شهريا. ويدور سعر برميل النفط حاليا حول الستين دولارا.
واعتبر خليل أن الجزائر قد تجني 500 ألف دولار من «العائدات الاستثنائية» للشركات النفطية العام 2006. وكان مجلس النواب الجزائري قد أقر في 15 أكتوبر تعديلا أعطى شركة النفط الوطنية الجزائرية (سوناتراك) غالبية 51 في المئة على الأقل من جميع عقود الطاقة في الجزائر.
الوسط - المحرر الاقتصادي
قال تقرير لمدير الاستثمار في شركة بلاك روك بميريل لينش أن تأثر التحرك في قطاع الطاقة بالضجيج المفتعل وبالخفض الفعلي لإنتاج النفط. فقد اتفق أعضاء أوبك على خفض الانتاج ب_ 1.2 مليون برميل في اليوم والساري المفعول منذ اول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري للتخفيف من الفائض بالامدادات والمخزون الاميركي المرتفع. هذا التخفيض بالانتاج كان أكبر من المتوقع. غير انه بما أن عدداً من الأعضاء لا ينتج حالياً كامل حصته فإن مصداقية الخفض تصبح موضوع تساؤل. إن السعودية التي هي عضو مهم في أوبك أكدت التزام المنظمة، غير أن أسهم شركات الطاقة بقيت متقلبة وتنتظر أدلة إضافية عن الخفض.
وقال لينش ستستمر في النظر إلى أسواق الطاقة من ثلاثة جوانب: الجانب البنيوي والجانب الدوري والجانب الموسمي. كل واحد من هذه العوامل هو محرك وراء أسعار الطاقة.
لايزال العامل البنيوي على حاله؛ لأن التغيرات البنيوية بالنسبة للعرض باقية قضية حية. فبلدان أوبك تحتاج إلى سعر مرتفع للنفط كي تحقق التعادل في موازناتها الوطنية. لذلك أعلنت حديثاً عن نيتها في الدفاع عن سعر النفط ليبقى حول 60 دولاراً أميركياً فقررت خفض انتاجها اليومي غلى 1.2 مليون برميل. ومن المهم ان تذكر ان معدلات النقص بفعل هبوط الضغط (أي الهبوط الطبيعي الذي ينجم عن فقدان الضغط في الخزانات القديمة) حول العالم تستمر بالازدياد وتفيد الشركات التي كانت تظن ان الخسارة هي من 3 إلى 5 في المئة تبين لها أن الخسارة تتراوح بين 6 و8 في المئة. والآن، عندما نتظر إلى بعض قضايا العرض، نجد ان المخاطر السياسية في الامد القصير التي أثرت على تدني الإمدادات في السابق قد انحسرت لكن العراق لاتزال تنتج من دون طاقتها، كما ان المشكلات لم تنته في نيجيريا. ثم اننا، في جانب العرض، قد لاحظنا أن موسم الأعاصير في الولايات المتحدة كان معتدلا نسبياً على عكس ما توقعه المراقبون في وقت سابق من العام. وهكذا أن بعضاً من العوامل التي دفعت الأسعار إلى أعالي السبعينات للبرميل في شهر يوليو/ تموز قد انكفأت في الوقت الحاضر، الأمر الذي جعل السعر ينخفض غلى ما من دون 60 دولاراً للبرميل. وعلى صعيد الطلب، لاتزال الصين أكبر البلدان المستوردة ونستمر في توقعنا لطلب قوي من قبلها لسنوات كثيرة.
من الناحية الدورية، تضخ الشركات المزيد من الأموال لاستثمارها من أجل الوصول الى انتاج أكبر في المستقبل. فالاستهلاك يزداد من عام إلى آخر ومن المتوقع ان ينمو على مر السنين. لكن هذا لا يظهر في احصاءات الطلب على النفط رعلى رغم اننا نستمر في رؤية نمو قوي في الصين وفي الولايات المتحدة إذ استهلاك البنزين وسائر المشتقات باق في أعلى النطاق الذي تراوح ضمنه الاستهلاك في السنوات الأربع أو الخمس الاخيرة. هذه الاعتبارات كانت داعمة بالكامل على رغم ارتفاع الأسعار. لكن السوق لم يعد يركز على ذلك ؛لأن المستثمرين كانوا في قلق من تباطؤ اقتصادي مهم يعود إلى ارتفاع الفائدة وما قد ينتج عنها من تأثير على النمو الاقتصادي وبالتالي على الطلب.
من الناحية الموسمية، كان سوق النفط يمر بفترة ضعف. فالطلب ينحو إلى الصعود في مطلع الصيف لينخفض بعد ذلك ثم نترقب زيادة في استهلاك الطاقة المصاحب لتقلبات الطقس في الشتاء حين يشتد الطلب السنوي على قطاع المحروقات من جراء استخدامها في مجال التدفئة.
وبالمختصر، تبدو تقييمات اسهم شركات الطاقة التي اصبحت جذابة بفعل تزولها بعد أن فقد القطاع شعبيته لدى المستثمرين إبان فصل الصيف فبلغ التدني بالأسعار 20 في المئة للنفط الخام و30 في المئة للغاز الطبيعي منذ يوليو.
وعلى رغم أن المحللين يأخذون بالاعتبار توقعات الأرباح بالسهم في استثماراتهم، وهو أمر نتوقع أن يستمر، يرجح أن يكون أثر سعر السلع على الأسهم أهم بكثير في السياق القصير. ان مستقبل الطاقة في الامد القصير الأجل يتوقف على درجة برودة الشتاء والتخفيض الفعلي بانتاج أوبك. هذان العنصران هما محركان إيجابيان لسعر النفط. فنحن في منتصف نوفمبر من جهة ومن جهة ثانية أعلنت شركات المصافي اليابانية ان السعودية انذرتها بأن تسليمات هذا الشهر ستكون 8 في المئة أدنى من الكميات المتفق عليها. إذاً، ما هي العوامل المؤثرة على الصعود وعلى النزول؟ ان استمرار المفاجآت الايجابية، خصوصاً في الصين وحصول صدمات جيوسياسية هي أمور إيجابية تصب في صالح ارتفاع أسعار الطاقة.
وفي الأمد الطويل يمكن ان تستفيد أسهم الطاقة من تحول في تخصيص الاصول صوب زيادة الاستثمار في القطاع. على الجانب الآخر، ان تباطؤاً حاداً في النشاط الاقتصادي ومتابعة تصفية المراكز الصعودية بسبب صدمات في الأسواق المالية الاخرى يمكن ان يشكلاً رياحاً غير مؤاتية تضر بالقطاع
العدد 1537 - الإثنين 20 نوفمبر 2006م الموافق 28 شوال 1427هـ