العدد 1564 - الأحد 17 ديسمبر 2006م الموافق 26 ذي القعدة 1427هـ

أتوقع أن يتخذ بوش قراراً حاسماً بشأن إيران خلال الأشهر المقبلة

المفكر الاستراتيجي الأميركي غريغوري غوز لـ «الوسط»:

قال المفكر الاستراتيجي الأميركي غريغوري غوز إن تقرير «بيكر - هاملتون» قد احدث إرباكاً في إدارة بوش، ولكن التقرير لا يمكنه إلغاء الخيار المفضل لدى نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بالنسبة لأسلوب التعامل مع الملفين العراقي والإيراني، معتبراً أن التقرير ربما يؤخر خيار توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، ولكنه لن يلغي الخيار. وقال إن إدارة بوش تسعى حالياً إلى عزل إيران دولياً ومن ثم اتخاذ قرار حاسم، ربما يكون توجيه ضربة عسكرية لها، خلال الأشهر المقبلة، او في أي وقت يراه الرئيس بوش مناسباً. واعتبر وجهة نظر «بيكر - هاملتون» تمثل المدرسة الواقعية في الأوساط الأميركية، ولكن أتباعها ليسوا بالقوة التي تمكنهم من الوقوف أمام خيار الرئيس الأميركي ونائبه إذا قررا الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران.

وقال إن تقرير «بيكر - هاملتون» يتحدث عن إمكان حدوث «مقايضة كبرى» بين أميركا وإيران، تتنازل فيها إيران عن خيارها في تخصيب اليورانيوم وتتخلى عن دعم الحركات المناهضة للسياسة الأميركية في فلسطين ولبنان والعراق، مقابل أن تعترف أميركا بدور إيران في المنطقة بصفتها دولة إقليمية كبرى لها مصالح يجب أن تراعى في مجمل القرارات المتخذة بشأن هذه المنطقة. واعتبر غوز أن إمكان حدوث هذه المقايضة الكبرى ضئيل عند النظر إلى نوعية التفكير لدى القيادتين الحاليتين في أميركا وإيران.

وأشار إلى غياب مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي والسفير الأميركي زلماي خليل زاد عن مؤتمر «حوار المنامة» الذي عقد في الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2006، وكيف أن ذلك يعبر عن المشكلة التي خلقها تقرير «بيكر - هاملتون» إذ ارتبكت إدارة بوش وهي تسعى لاستعادة المبادرة لتترك خلفها ما قاله لوبي «الواقعيين» ومن ثم تعود إلى نهجها الذي اتبعته منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 والذي يعتمد على استخدام القوة ما أمكن ذلك وكخيار مفضل على الوسائل االتقليدية الأخرى.

وأضاف «لقد كان رد الرئيس بوش على بيكر - هاملتون وذلك عندما قال إن الإدارة الأميركية حاولت فتح الحوار مع إيران، ولكن إيران رفضت الاستماع لمطالب المجتمع الدولي بشأن وقف تخصيب اليورانيوم».

كما اعتبر دخول حاملة الطائرات الكبيرة « ايزنهاور» إلى مياه الخليج إنما هو « تحذير لإيران بهدف إيصال رسالة انه في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة للحصول على اتفاق متعدد الأطراف، فإن الإدارة أيضاً تستعد لخيار أحادي الأطراف يعتمد على توجيه الضربة العسكرية».

وفيما إذا كان مثل هذا الأمر واقعياً في ضوء ما حصل في لبنان والعراق في الفترة الأخيرة، أشار غوز إلى أن «الخيار مفتوح، والمشكلة قد تكون شبيهة بما حدث للرئيس المخلوع صدام حسين الذي لم يكن يتصور وحتى اللحظة الأخيرة بأن أميركا ستغزو العراق، الحال مشابه فقد تتصور إيران أن أميركا لن تضرب لهذا السبب أو ذاك، ولكن المتتبع لأفكار وقرارات الرئيس الأميركي ونائبه فإنه يعلم بأن احتمال الضربة وارد جداً حتى لو تأخر».

وعن القوة التي يمكنها أن تقف حائلاً أمام قيام الرئيس بوش بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، قال غوس :«ربما لو أصابت ديك تشيني سكتة قلبية واختفى من ساحة القرار فإن ذلك قد يؤثر في الموضوع، أو لو اتفق قادة الأركان جميعهم على رفض خيار الضربة فإنه بإمكانهم دستورياً تقديم النصيحة إلى بوش، وبوش بامكانه أن يخالفهم أيضاً».

وعن الطرح الذي أعلنه الرئيس بوش في العام 2004 بشأن نشر الديمقراطية في «الشرق الأوسط الكبير»، فقد اعتبر غوز أن مثل هذا الحديث أصبح « في خبر كان»، وذلك بعد أن فازت حركة حماس في فلسطين، إذ شكل فوز حماس بالحجم الذي فازت به صدمة كبيرة لم تتوقعها الإدارة، فهناك من كان يعتقد بإمكان تكرار ما حدث في أوروبا الشرقية عندما ضغطت أميركا باتجاه الديمقراطية وكانت النتيجة هو وصول أحزاب مؤيدة للنهج الأميركي إلى الحكم، ولكن الأمر في الشرق الأوسط يختلف إذ إن الديمقراطية ستجلب الإسلاميين الذين قد لا يجدون ما يستدعي القرب من أميركا.

وتوقع غوز «انه بعد عام من الآن فإن المحافظين الجدد سيقولون إن الدبلوماسية المتعددة الأطراف قد فشلت وأن الإيرانيين يقفون ضد إرادة المجتمع الدولي، وسيضغطون على الرئيس بوش وسيقولون له لا أحد يعرف يتعامل مع هذه الأمور سواه وأن عليه أن يمارس دوره القيادي قبل أن يخرج من الرئاسة... وبعد ذلك ربما يستمع إليهم بوش، وهذا سيعتمد على تأثير نائب الرئيس ديك تشيني من جانب ووزير الدفاع روبرت غيتس الذي يعتبر أقرب إلى الواقعيين في التعامل، ولكن عليك أن تعلم أن مصطلح الواقعيين أصبح شتيمة في القاموس السياسي الأميركي حالياً ولذلك فقد يتغير غيتس بعد عام من الآن وتتجه الأمور بسرعة نحو توجيه ضربة عسكرية إلى إيران».

وعن اثر ما يحدث في العراق على مثل هذا القرار، قال :« نعم ما يحدث في العراق يؤثر، ولكن المحافظين الجدد سيصدرون استراتيجية جديدة بشأن العراق وسيعودون إلى ترديد الأفكار ذاتها، وسيواصلون النهج ذاته معتبرين أن الفرصة المواتية حالياً يجب الاستفادة منها لضرب من تعتبرهم الإدارة الأميركية أعداء لها».

وفيما إذا كانت أميركا تقدر الوضع بصورة دقيقة فيما لو تم ضرب إيران، قال :«نعم يقدرون تبعات الضربة، ولكن لسبب ما فإن هناك من يعتقد بأن أي نتيجة ـ مهما كانت ـ ستكون أفضل من ترك من يعصي أميركا من دون رد».

وعن اثر الرأي العام الأميركي، قال «لقد كان الرأي العام الأميركي كساندا لبوش بشأن ضرب إيران، ولكن الآن هناك انخفاض لشعبية بوش وانتصر الديمقراطيون في الكونغرس، ولكن عليك أن تعرف بان السياسة الخارجية بيد الرئيس وليس الكونغرس... ثم أن كثيراً من الديمقراطيين كانوا يطرحون أثناء الانتخابات بان العدو الحقيقي هو إيران وكان من المفترض أن توجه الضربة إلى إيران وليس العراق، وبالتالي فإن النتيجة قد تكون لصالح ضربة بعد أن تهدأ العاصفة التي خلقها تقرير بيكر - هاملتون».

وبخصوص مراجعة ما حدث في المنطقة، أوضح «هذا شأن التاريخ، ولكن كان من الأفضل لو بقت أميركا فقط في أفغانستان وركزت جهودها على العثور على أسامة بن لادن وقتله ومن ثم دعوة فضائية «الجزيرة» لبث الصور وهو مقتول، وهذا كان يكفي كرد على التفجيرات الإرهابية في 11 سبتمبر، وكان من الأفضل لو أن الإدارة ضغطت على أصدقائها في المنطقة لتغيير مناهجهم الدراسية وللحد من تنامي الحركات المتطرفة مالياً ونفوذاً والدعم باتجاه الديمقراطية وحلحلة القضية الفلسطينية من خلال إكمال الخطوات التي بدأها بيل كلينتون الذي كان قد اقترب من عقد صفقة سلام بين سورية و«إسرائيل»، وبين لبنان و«إسرائيل»، ولو أن هذا حدث لم شاهدنا المشكلات التي حدثت في لبنان... ولكان بالإمكان احتواء الانتفاضة الفلسطينية، الخ». وأضاف «إن غزو العراق يعتبر من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأميركية، ونتائج الغزو شاهدة على ذلك»?

العدد 1564 - الأحد 17 ديسمبر 2006م الموافق 26 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً