عبّرت فعاليات اقتصادية ورجال أعمال عن خيبة الأمل بسبب فشل المساعي والمطالبات السابقة للحكومة، من خلال غرفة تجارة وصناعة البحرين، بإعادة النظر في الإجازات الطويلة، محذرين من التأثيرات السلبية للتعطيل المتسلسل على عوائد الاستثمارات المحلية والخارجية وحركة تداول الأوراق المالية والأسهم والسندات والعقارات، بالإضافة الى الخسائر التي تتكبدها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاع المقاولات.
واتفق رجال أعمال على أن المطالبة بإعادة النظر في مدد الإجازات التي تمنح للقطاع الحكومي في المناسبات اساسها كثرة وطول مدد الإجازات، ما يترتب عليه تعطل مصالح المواطنين وتخفيض مستوى الإنتاج في قطاعات مهمة مثل المنشآت الصناعية والمصارف والشركات. وشدد رجل الأعمال إبراهيم زينل على أن ظاهرة الإجازات الطويلة عكست جوانب سلبية على أداء الاقتصاد، وأن هناك تأثراً واضحاً في انشطة تجارية واستثمارية مختلفة، مستغرباً من عدم تجاوب السلطة التشريعية وكذلك الحكومة مع ما ينادي به القطاع الاقتصادي من ضرورة تحقيق الموازنة بين التعطيل والتشغيل.
الإجازات ألحقت خسائر
ولفت الى أن كثرة الإجازات ألحقت بالأداء الاقتصادي خسائر كبيرة، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو تحديث قواعد البنية ورفع كفاءة وأداء الاقتصاد الوطني وكذلك زيادة القدرة التنافسية وتحسين الإنتاجية، موضحاً أن من الأهمية بمكان تقييم مدى توافر البيئة الملائمة الجاذبة للمستثمرين العرب والأجانب.
وطبقاً للمرسوم بقانون رقم (43) لسنة 2002 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي، فإن الإجازات التي تمنح للعامل بأجر كامل هي إجازة أول السنة الهجرية (أول محرم)، عاشوراء (9 و10 محرم)، ذكرى المولد النبوي الشريف (12 ربيع الأول)، عيد الفطر المبارك (1 و2 و3 شوال)، الوقوف بعرفة وعيد الأضحى المبارك (9 و10 و11 و12 ذوالحجة)، أول السنة الميلادية (1 يناير/ كانون الثاني)، يوم العمال العالمي (1 مايو/ أيار) والعيد الوطني لمملكة البحرين وعيد جلوس عاهل البلاد 16 و17 ديسمبر/ كانون الأول.
وتشير التقديرات الى أن مجموع إجازات السنة بالنسبة إلى الموظف في حدود (41 في المئة) من عدد أيام السنة، أي أن الموظف يعمل (59 في المئة) من مجموع أيام السنة، (14) يوماً متفرقة، (104) إجازة نهاية الأسبوع، (42) يوماً تقويم سنوي في الإجازة السنوية، يصبح (150) يوماً إجازة، وتبلغ كلفة إجازة يوم بالنسبة للحكومة مليونا و(800) ألف دينار، أما بالدولار، فتشير بعض التقديرات الى أن خسائر اليوم الواحد تبلغ 27 مليون دولار.
تكرار إجازة الأضحى
وستبدأ اعتباراً من يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول الجاري عطلة الوقوف بعرفة تعقبها إجازة عيد الأضحى المبارك وأول السنة الجديدة لتستمر 9 أيام، مكررة بذلك الوضع الذي شهدته إجازة عيد الأضحى المبارك في منتصف شهر يناير من العام الجاري، عندما امتدت الى تسعة أيام، واشارت تخمينات غير مؤكدة الى أن كلفة تلك الإجازة بلغت 270 مليون دينار.
من جهة أخرى، قال رجل الأعمال يوسف محمود حسين إن الضرر الأكبر الذي يقع على الاقتصاد والنشاط اليومي للقطاع التجاري والاستثماري هو حين تقع الإجازات الطويلة في الفترة النشطة عالمياً وخصوصاً أننا نتعامل مع قطاعات تجارية ومصرفية واستثمارية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وقد يكون الضرر بدرجة أقل في حال تطابق الإجازة مع الإجازات هناك مثل أعياد الميلاد والسنة الجديدة، إذ إن تعطيل القطاعات الحيوية والخدمية في الإجازات يضاعف معدل الخسائر.
زيادة رصيد الموظفين
ويعتقد رجال أعمال أن الدولة لا تنظر بجدية إلى التدهور الحاصل في الأداء الإداري والخدماتي والاقتصادي بسبب الإجازات في ظل تدني نسبة الإنتاجية في القطاع العام وتطلع الحكومة الى رفع معدل الإنتاجية الحكومي (مستوى GDP) إلى قرابة 5 في المئة سنوياً وهو أمر بحثه مجلس النواب في الدورة الماضية.
ويقترح رجل الأعمال إبراهيم زينل، بدلاً من منح إجازات طويلة، احتساب رصيد إجازات اضافية للموظفين الحكوميين يدخل في أرصدتهم السنوية وتقليص فترات التعطيل، وخصوصاً أن القطاع التجاري المحلي لا يستفيد من الإجازات الطويلة التي تنتقل فيه الأموال السائلة الى الخارج بسبب ارتفاع معدلات السفر الى وجهات مختلفة، وهو أمر يعني خروج سيولة لا بأس بها الى الخارج، وهنا نتساءل: «ألا ذلك يعد أيضاً إضافة إلى الخسائر الواقعة؟».
إيجاد حل توافقي
وخلال السنوات الماضية، طالب رجال الأعمال والاقتصاديون الحكومة بالنظر الى الأيام النشطة بالنسبة إلى القطاع الخاص في زيادة إنتاجيته وتعزيز موقعه التنافسي، كما رأى عدد من رجال الاعمال أن الواقع الحالي للإجازات يؤثر سلباً على القطاع الخاص ومصالح الأفراد والسنة الدراسية، ويتزايد هذا التأثير عند وقوع الإجازة في عطلة نهاية الأسبوع والتعويض عن ذلك، وينعكس هذا التأثير على الإنتاجية والتنافسية للمؤسسات والشركات وأصحاب الأعمال الحرة، مطالبين بضرورة وجود حل توافقي بين الواقع الحالي للإجازات الحكومية الملزمة للجميع، وتطلعات القطاع الخاص التي لم تبلور بشكل واضح ومعلن حتى الآن إلى جانب تأكيد عدم حدوث أية أضرار كبيرة في حال وجود التماثل بين إجازات الحكومة وإجازات القطاع الخاص.
التذمر في القطاع الخاص
وتركت الإجازات الممنوحة للعاملين في القطاع الحكومي انطباعاً سيئاً ومقلقاً بالنسبة إلى العاملين في القطاع الخاص والذين عبّروا أكثر من مرة، من خلال المسيرات والاعتصامات، عن شعورهم بالتمييز وعدم الإنصاف، بل وصل الأمر الى حد مطالبة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الأمانة العامة للاتحاد بإعلان العصيان المدني والإضراب العام ليوم واحد احتجاجاً على ما اعتبروه تمييزاً صارخاً في حقهم من قبل الحكومة في إعطاء الإجازات الطارئة كوفيات الرؤساء والأمراء أو المقرة من قبل مجلس النواب والحكومة كإجازة عرفة، وكان ذلك في شهر يناير عندما أعلن الحداد وتعطل المؤسسات الحكومية ثلاثة أيام لوفاة أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الجابر.
ويرى رجل الأعمال يوسف محمود حسين أن هذا الأمر واقع، وأن خطورته تكمن في تذمر الكثير من الموظفين العاملين في القطاع الخاص بسبب مقارنة أنفسهم بالعاملين في القطاع الحكومي وهي حال سلبية تبعد الكوادر الوطنية عن العمل في القطاع الخاص، لكنه يؤكد أهمية أن تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن في منح الإجازات?
العدد 1572 - الإثنين 25 ديسمبر 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1427هـ